علماء أستراليا يعكفون على تطوير لقاحات ذات تكنولوجيا متقدمة لمكافحة الإنفلونزا. (وكالات)
علماء أستراليا يعكفون على تطوير لقاحات ذات تكنولوجيا متقدمة لمكافحة الإنفلونزا. (وكالات)
-A +A
ياسين أحمد (لندن)، «عكاظ» (واشنطن) OKAZ_online@
بعدما نصحت المراكز الأمريكية للحد من الأمراض ومكافحتها الأمريكيين الأسبوع الماضي بحماية أنفسهم من عدوى فايروس جدري القرود بارتداء الكمامة، «لأن الكمامة تستطيع حمايتك من أمراض عدة، من بينها جدري القرود»؛ عادت لتسحب هذه النصيحة، مبررة ذلك بأنها سببت ارتباكاً. لكنها تمسكت بأنه في البلدان التي يتفشى فيها هذا المرض يتعين على أفراد الأسر المخالطين لمصاب والعاملين الصحيين أن يدرسوا حماية أنفسهم بارتداء كمامة. وكذلك الأمر بالنسبة إلى أي شخص قد يكون قريباً من شخص تأكد تشخيص إصابته بجدري القرود. وأوضحت المراكز الأمريكية، في وقت لاحق الأسبوع الماضي، أنه لا نصيب من الصحة للزعم الشائع بأن فايروس جدري القرود يتفشى من خلال الهواء الطلق. وقالت إن الفايروس يتفشى عادة من خلال الاتصال الجسماني المباشر بالبقع التي تظهر على جسم المريض، أو متعلقاته الشخصية. كما أنه يتفشى أيضاً من خلال القُطَيْرات التنفسية (الرذاذ) التي يطلقها المصاب. لكن الفايروس لا يبقى سابحاً في الهواء مسافات بعيدة. وسارع خبراء متخصصون في تفشي الفايروسات عبر الهواء للقول إنه كان يجدر بالمراكز الأمريكية للحد من الأمراض أن تضع في اعتبارها أن القطيرات التنفسية، سواء أكانت كبيرة أم صغيرة، يمكن أن يستنشقها أي شخص آخر يكون على مسافة غير بعيدة من الشخص المصاب. وأوضحت منظمة الصحة العالمية أنه على رغم أن التفشي عبر الهواء على المدى القريب ليس وارداً بوجه عام؛ فإنه يستحق أن يتخذ الناس تدابير تقيهم منه. وتمسكت السلطات الصحية في بريطانيا بأن احتمال تفشي عدوى فايروس جدري القرود من خلال الهواء وارد بدرجة كبيرة. وارتفع عدد الإصابات بجدري القرود في دول العالم منذ 13 مايو الماضي إلى أكثر من 1450 حالة، فيما تحقق السلطات الصحية في مختلف الدول في أكثر من 1500 حالة يشتبه بإصابتها بهذا الفايروس. وفي الولايات المتحدة، تقول السلطات إنها أكدت تشخيص إصابة 45 شخصاً في 15 ولاية أمريكية. ومع أن الإصابة بجدري القرود تبدأ عادة بإصابة الشخص بأعراض أشبه بالإنفلونزا، إلا أن التفشي الحالي انعكست فيه المسألة؛ إذ أصيب غالبيتهم بالطفح الجلدي أولاً، فيما لم يَشْكُ مصابون آخرون من أي أعراض أخرى، باستثناء الطفح الجلدي. يُذكر أنه لم يتم الإبلاغ عن أية وفاة بهذا الفايروس حتى الآن. ويعتبر حسم مسألة تفشي جدري القرود عبر الهواء مهم جداً لتحديد التوصيات المتعلقة بالإجراءات الوقائية، خشية اندلاع جدري القرود بشكل وبائي في العالم. وقد تشمل تلك التوصيات نصائح بارتداء الكمامات، وتحسين تهوية الأماكن المغلقة.

وقالت مديرة المراكز الأمريكية للحد من الأمراض ومكافحتها الدكتورة راتشيل فالينسكي الأسبوع الماضي، إن مراقبة هذا الفايروس على مدى عقود تشير إلى أن الاتصال الشخصي بين المصاب والآخرين هو السبب الرئيسي للتفشي، غير أن العلماء يقولون إن فايروس جدري القرود لم يدرس بشكل كافٍ على مدى العقود الماضية؛ خصوصاً أنه تم الإبلاغ عن إصابات عدة لأشخاص بفايروس الجدري نفسه من خلال الهواء. وذكر علماء في مؤتمر عقدته منظمة الصحة العالمية أخيراً أن كادرين صحيين في نيجيريا أصيبا بجدري القرود في عام 2017، على رغم أنهما لم يكن لهما أي اتصال شخصي بالمصابين. ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» أمس الأول عن المتخصص في تفشي الفايروسات عبر الهواء بجامعة ماريلاند الأمريكية الدكتور دونالد ميلتون قوله، إن من المهم طمأنة الشعوب أن فايروس جدري القرود لا يمثل تهديداً خطيراً للعامة، مقارنة بفايروس كورونا الجديد. وأضاف أن الخطر من استنشاق القطيرات الرذاذية لا يهدد إلا من يتولون تقديم الرعاية إلى المصابين. لكنه حذر من مغبة استبعاد إمكان التفشي عبر الهواء بشكل كامل. وأوضح أن من الممكن أن يتفشى فايروس جدري القرود من خلال كلام المصاب، أو غنائه، أو سعاله، أو تثاؤبه. وقال إن القطيرات الرذاذية قد تكون ثقيلة الوزن فتسقط سريعاً على الأشياء والناس. وقد تكون صغيرة وخفيفة الوزن بحيث تبقى معلقة في الهواء فترة أطول، ومسافة أبعد.


ماذا تعرف عن جدري القرود ؟

جدري القرود هو فايروس سيتوطن منطقة غرب ووسط القارة الأفريقية. وهو شبيه جداً بفايروس الجدري، لكنه أخف وطأة منه على من يصاب به. وتم اكتشافه في عام 1958 بعد تفشيه وسط القرود المحتجزة في المختبرات بغرض إجراء التجارب العلمية. ويتسبب جدري القرود في طفح جلدي يبدأ محمرّاً، وسرعان ما تمتلئ بثوره بالصديد. ويصاب المريض عادة بحمى، وأوجاع في الجسم خلال فترة تراوح بين 6 و13 يوماً بعد الإصابة. وقد يستمر المرض وأعراضه فترة تراوح بين أسبوعين وأربعة أسابيع. وينصح العلماء عادة باستخدام مصل الجدري للوقاية من جدري القرود. ويقول الخبراء إنه ليس من المحتمل أن يتحول تفشي جدري القرود إلى وباء عالمي كما حدث من فايروس كورونا الجديد؛ إذ إن فايروس كوفيد-19 هو فايروس دقيق من الحمض النووي الريبوزي RNA، يمكنه التفشي من خلال الرذاذ، في حين أن فايروس جدري القرود هو فايروس حمض نووي ريبي DNA أقل وزناً يتفشى من خلال الاتصال الجسدي. كما أن معدلات تحوره وراثياً ضئيلة جداً مقارنة بفايروسات الحمض النووي الريبوزي.

أستراليا تئن تحت وطأة الإنفلونزا

أعلنت السلطات الأسترالية أن مايو الماضي شهد عدداً قياسياً من الإصابات بفايروس الإنفلونزا، الذي ينتمي إلى عائلة فايروسات كورونا. وذكر النظام الوطني الأسترالي لاستطلاع الأمراض أمس أنه رصد 65770 إصابة بالإنفلونزا خلال مايو الماضي، وهو أكثر من ضعف عدد الإصابات القياسية التي سجلت في عام 2019. وأضاف أنه حتى 5 يونيو الجاري ارتفع عدد الإصابات بالإنفلونزا إلى أكثر من 88 ألف إصابة، تم تأكيد أكثر من 47800 منها خلال الأسبوعين الماضيين وحدهما. وزاد أن نحو 27 مصاباً بالإنفلونزا توفوا خلال هذه السنة. وتم تنويم أكثر من 730 شخصاً لمعالجتهم من مضاعفات الإنفلونزا. منذ أبريل الماضي، نقل 6% منهم إلى وحدات العناية المكثفة. ويقول علماء أستراليا إنهم يعكفون على تطوير لقاحات جديدة للإنفلونزا تستخدم تكنولوجيا مرسال الحمض النووي الريبوزي mRNA.