-A +A
«عكاظ» (جدة) okaz_online@

أكد الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي في لبنان السيد محمد علي الحسيني أن السعودية ساهمت وتساهم بأکبر قسط ممکن في الجهد العالمي المبذول من أجل محاربة خطاب الكراهية والتحريض على العنف ومکافحة التطرف والإرهاب إضافة إلى أنها حققت نجاحا کبيرا لايمکن تجاهله أبدا، مشيرا إلى أنها حظيت کتجربة مميزة وناجحة وفريدة من نوعها باهتمام دولي ويجري الإشادة بها بصورة مستمرة، لکن الذي يلفت النظر أکثر هو أن المملکة العربية السعودية لم تکتف بمکافحة الكراهية والتطرف والإرهاب والعنف فقط، إنما ساهمت في إرساء دعائم جبهة فکرية ـ إنسانية ضد تلك الظاهرة المعادية للأديان وللإنسانية، وذلك من خلال الجهود المبارکة للقادة الميامين للمملکة للتقارب بين الأديان.

وأضاف، إن قادة المملکة ولاسيما في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، حظيت القضايا المتعلقة بالأمتين الإسلامية والعربية اهتماما کبيرا من قبلهم، فإنهم قد خطوا خطوات جبارة ونوعية في المجالات الإنسانية والدولية أيضا، ومن الضروري أن نشير إلى أنه وبتوجيه من الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين، فقد تم قطع أشواطا کبيرة في مجال تعزيز السلام المشترك بين الأديان والعمل الحثيث من ‌أجل الحوار والتقارب بين الأديان ونزع أسباب وعوامل الفرقة والاختلاف، بما جعل للمملکة مکانة وموقعا مميزا على الصعيد الدولي يشار له بأحرف من نور.

وأوضح الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي في لبنان، إن الجهود والمساعي الحميدة المميزة للسعودية في مجال الحث على تلاقح الحضارات والتعاون الإنساني والتأسيس لما فيه خير البشرية مستمرة ومتواصلة، مؤكداً أن سعيها الإنساني والحضاري کالنبع الزلال الذي لاينضب، وإن الدعوة المبارکة والکريمة التي تلقيناها من سفير السلام والإسلام أمين عام رابطة العالم الإسلامي الدكتور محمد العيسى للمشاركة في «مؤتمر باريس الدولي السلام والتضامن»يهود-مسيحيون-مسلمون«..التزام مشترك بخدمة القضايا الإنسانية»، والذي يتناول العديد من القضايا المتصلة بالمشترك الإنساني في أبعاده الدينية والحضارية، يٶکد مرة أخرى هذه الحقيقة ويجسدها على أفضل مايکون.

وأشار إلى أن المٶتمر الهام الذي سيتم عقده في العاصمة الفرنسية باريس، وبموجب جميع المٶشرات فإنه الأول من نوعه من حيث الاهتمام الاستثنائي به ولاسيما من حيث حضور علمائي وفکري دولي غير مسبوق يجمع أتباع الأديان الإبراهيمية خصوصا وأن هناك کوکبة من العلماء والمفکرين المميزين الذي سيتحفون هذا المٶتمر ويرفدونه بأفکار وطروحات عملية ومفيدة وجادة.

وأكمل، أن الملاحظة الأهم هنا التي لابد من ذکرها، هو أن هذا المٶتمر الذي ينعقد في باريس في ١٧ من سبتمبر الجاري يأتي في زمن الإسلاموفوبيا لکي يطمئن القلوب ويهدئ من روع النفوس ويبين الحقائق وکيف أن المتصيدين في المياه العکرة من الذين يصفهم القرآن الکريم«إشتروا بآيات الله ثمنا قليلا فصدوا عن سبيله إنهم ساء ماکانوا يعملون» هم الذين يقفون وراء العمليات المشبوهة والنشاطات المتطرفة والإرهابية التي يعلم أهل الاختصاص قبل غيرهم براءة الإسلام والمسلمين منها، مشددا إلى أن الإسلام هو صاحب الخطاب الديني ـ الإنساني الشامل الوارد في الآية الکريمة:«قل يا أهل الکتاب تعالوا إلى کلمة سواء بيننا وبينکم ألا نعبد إلا الله ولانشرك به شيئا ولايتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون».

وزاد أن لاريب من أن هذا المٶتمر سيثبت ويٶکد بأن الأديان جميعها وبشکل خاص الإسلام، بريئة من الدعوات والأفکار التي تدعو للتطرف والإرهاب والانعزال والانطوائية، فالأديان جميعها ولاسيما الإبراهيمية منها رسالتها خدمة الإنسان وخطابها عالمي تدعو للتسامح والمحبة والتآلف وقبول الآخر ونبذ أسباب التطرف والتعصب الأعمى.

وقال السيد محمد علي الحسيني: إن الإنسانية التي واجهت في تاريخها حروبا ومآس دامية وللأسف البالغ کانت العديد منها بسبب الفهم غير المتکامل للأديان وعدم وجود فهم مشترك وتواصل عملي مباشر بين علماء الأديان المدرکين والواعين لحقيقة المهمة الشمولية للأديان، فقد أصبحت الأديان لفترات تاريخية سببا للنزاع والحروب والاضطهاد الديني، في حين أنها«أي الأديان»ضد الحروب وضد إراقة الدماء وتدعو إلى السلام والمحبة وحفظ الإنسان -خليفة الله- وعمارة الأرض، وإن هذا العصر لابد أن يصبح العصر الذي تشهد فيه الإنسانية إسدال الستار على الفهم الخاطئ للأديان ويتم التأسيس لمهمتها ودورها الحقيقي في العالم، أي الدعوة للتسامح والمحبة والتآلف والتعايش السلمي والقبول بالآخر كما هو وأن الأديان کلها قد جاءت من مصدر ولذلك فإنه من الضروري جدا أن تلتقي جميعها على منبر ومکان واحد؛ يهدف إلى خير وکرامة الإنسان والإنسانية والتأسيس لمستقبل يکفل الأمن والاستقرار والسلام في العالم کله، ولاريب من أن السلام والتقارب بين الأديان، من شأنه أن يٶسس لسلام حقيقي ويقطع الطريق على کل من تسول له نفسه من أجل توظيف واستخدام الدين کوسيلة وأداة من أجل إشعال الحروب.

وبين أنه لايوجد أي بديل للإنسانية ولأتباع الأديان المختلفة في العالم سوى الالتقاء وفهم وقبول الآخر وإن کل شيء أو أمر غير ذلك إنما هو سباحة ضد التيار والسعي لحصاد الريح، قائلا: ذلك أن الإنسانية جمعاء قد نالت مانالت من مآسي ومصائب لاتعد ولاتحصى من جراء الاختلافات المصطنعة بين الأديان الناجمة أساسا عن الفهم القاصر لها، ونسأل الله عزوجل للمؤتمر وداعيه والمشاركين فيه النجاح والتوفيق لمافيه خير ومنفعة وصلاح للإنسانية جمعاء«وقل اعملوا فسيرى الله عملکم ورسوله والمٶمنون».