عامل صحي يعقّم غرفة الطعام 
بأحد المواقع في بيونغ يانغ. (وكالات)
عامل صحي يعقّم غرفة الطعام بأحد المواقع في بيونغ يانغ. (وكالات)
عامل صحي يعقّم غرفة الطعام بأحد المواقع في بيونغ يانغ. (وكالات)
عامل صحي يعقّم غرفة الطعام بأحد المواقع في بيونغ يانغ. (وكالات)
-A +A
ياسين أحمد (لندن) «عكاظ» (واشنطن) OKAZ_online@
ذُكر أخيراً أن دراستين توصلتا إلى أن الأشخاص الذين يخضعون للتطعيم بلقاحات كوفيد-19، ويصابون بسلالة أوميكرون بعد ذلك، تتعزز مناعتهم بقوة ضد عدد من سلالات فايروس كورونا الجديد. وأثار ذلك سؤالاً مهماً: كم من المرات يمكن أن يصاب الإنسان بالفايروس نفسه، الذي يبدو أنه لن يغادر قريباً؟ أفادت صحيفة «نيويورك تايمز» أمس الأول بأن مستقبل كوفيد قد يؤول إلى إصابتين، وربما ثلاث إصابات، كل عام. وتتمثل المشكلة الأساسية في أن الفايروس تحور إلى درجة أنه أضحى قادراً على إعادة إصابة من تعافى منه. فقد أعلن كثيرون ممن أصيبوا بسلالة أوميكرون في الولايات المتحدة، أنهم أصيبوا أيضاً بالسلالات المتفرعة من أوميكرون، مثل BA.2 وBA2.12.1، أو بـ BA.4 وBA.5 في جنوب أفريقيا. ونقلت الصحيفة عن باحثين قولهم إن أولئك الأشخاص قد يصابون بالفايروس ثلاث أو أربع مرات خلال السنة نفسها. وقد يصاب بعضهم بأعراض كوفيد التي قد تستمر أشهراً، بل سنوات. وهو المرض الذي بات يعرف بـ «كوفيد المزمن». وقالت خبيرة مكافحة الأمراض المُعدية بجامعة ستيللينبوخ، في جنوب أفريقيا، جوليت بوليام إن الفايروس سيواصل التحور وراثياً. وسيصاب كثيرون بالفايروس مرات عدة طوال حياتهم. وأضافت أنه يصعب تحديد عدد مرات الإصابة المتجددة. لكنها أوضحت أنها وزملاءها جمعوا قدراً من البيانات كافياً لتأكيد أن عدد ضحايا الإصابة المتكررة في جنوب أفريقيا بسلالة أوميكرون أعلى من الإصابة بأية سلالة سابقة. وكان العلماء حسبوا، غداة اندلاع نازلة فايروس كورونا الجديد، أن المناعة المتأتية من التطعيم بلقاحات كوفيد-19، ومن الإصابة السابقة بالفايروس كافية جداً لصد أية محاولة عدوى ثانية. ويبدو واضحاً أن أوميكرون والسلالات التي تفرعت منها تمكنت من تطوير قدرة على تفادي فعالية اللقاحات. وهو أمر يجعل حتى من تم تطعيمهم وتعزيز حمايتهم بجرعات تنشيطية عرضة للإصابة المتكررة. ونسبت «نيويورك تايمز» إلى عالم الفايروسات في معهد كريبس للأبحاث في سان ديياغو بولاية كاليفورنيا كريستيان أندرسون قوله إنه إذا نجح العلماء في السيطرة الآن، فسيصاب الناس- في أرجح التقديرات- مرتين على الأقل في السنة. ويرى الباحثون أن السلالات المتحورة لم تنجح في تغيير الجدوى الأساسية للقاحات كوفيد-19، فسيجد من حصلوا على جرعتين فقط من اللقاح أنهم ليسوا بحاجة إلى تدخل طبي في حال إصابتهم بالفايروس للمرة الثانية، ومن حصل منهم على الجرعة التنشيطية قد تتناقص احتمالات إصابتهم مرة ثانية، لكنه تناقص ليس كبيراً بما يكفي.

وكان خبراء كثر رأوا غداة اندلاع النازلة أن فايروس كورونا الجديد سيتصرف بطريقة مماثلة لفايروس الإنفلونزا. وتوقعوا أنه- كما هي الحال مع الإنفلونزا- سيكون هناك تفشٍّ كبيرٌ في كل عام، خصوصاً خلال الخريف. وحسبوا أن تقليص مخاطر ذلك التفشّي سيتم من خلال تطعيم السكان قبيل حلول الخريف. بيد أن فايروس كوفيد-19 أضحى يتصرف بطريقة مماثلة لفايروسات الإنفلونزا الأربعة، التي باتت تتسبب في إصابة الناس بالإنفلونزا طول فصول السنة. وقال أستاذ مكافحة الأمراض المُعدية بجامعة كولومبيا في نيويورك جيفري شامان إنه يعرف أشخاصاً أصيبوا مرات عدة خلال السنة نفسها. وأضاف أنه إذا ثبت أن فايروس كوفيد سيتسبب في عدد من الإصابات المتكررة خلال السنة، فذلك معناه أنه ليس كما يُظنُّ فايروس يدهم الإنسانية عند حلول الشتاء. ويعني ذلك أنه لن يكون قدراً ضئيلاً من الإزعاج؛ بل إن مخاطر استفحال المرض وتسببه في الوفاة ستكون كبيرة.


وكانت السلالات السابقة، ومنها «دلتا» قد شهدت حالات إصابة متكررة. لكنها كانت ضئيلة نسبياً. غير أن الحال تبدلت في سبتمبر 2021، عندما أضحت سلالة دلتا تصيب أشخاصاً بشكل متكرر في جنوب أفريقيا. وارتفع عدد تلك الإصابات المتكررة بحلول نوفمبر 2021، عندما تم اكتشاف سلالة أوميكرون. ويرى باحثون أن هناك أشخاصاً لديهم قابلية فطرية للإصابة المتكررة بفايروس كورونا الجديد. كما أن سلالة أوميكرون غدت تمتلك القدرة على اختراق التحصينات المتأتية من لقاحات كوفيد-19، من دون حدوث تغيرات جذرية في تسلسلها الوراثي. واتضح للعلماء أن الإصابة بسلالة أوميكرون تنتج رداً مناعياً هزيلاً، يبدو أنه يُذْوي سريعاً، مقارنة بالسلالات السابقة. وعلى رغم أن السلالات المتفرعة الجديدة متحدرة من أم واحدة (أوميكرون)؛ فإنها تختلف من ناحية مناعية إلى درجة أن التعافي من الإصابة بها لا يترك قدراً يذكر من الحماية من السلالات المتفرعة نفسها. غير أن النبأ السار يتمثل في أنه حتى في حال الإصابة المتكررة بأوميكرون والسلالات المتفرعة منها فإن المصابين ليس محتملاً أن يستفحل مرضهم. ويعني ذلك أن هذه السلالات لا تزال غير قدرة على تجاوز نظام المناعة البشري تجاوزاً كاملاً.

رفعت السلطات في ولاية نيويورك وجمهورية جنوب أفريقيا درجة الاستعداد الصحي، إثر تزايدٍ متوالٍ في الإصابة بالوباء العالمي. وفي نيويورك، نصحت السلطات الولائية والمراكز الأمريكية للحد من الأمراض ومكافحتها بارتداء الكمامة داخل الأماكن المسقوفة، ومنها المدارس؛ بغض النظر عما إذا كان الشخص مطعماً أم لا. وبلغ معدل الإصابات خلال الأسبوع الماضي أكثر من ألف يومياً، وقال مسؤولون صحيون في جنوب أفريقيا إن معدل الإصابات الجديدة ارتفع الأسبوع الماضي بنحو 80% عما كان عليه قبل أسبوعين. كما ارتفع عدد الوفيات بنسبة 44%. وفي مقاطعة فكتوريا بأستراليا، ومع تزايد تفشي الإصابات بالإنفلونزا، بأكثر من ضعف ما كان عليه الوضع خلال سنتي 202 و2021؛ ذكرت أنباء أن جهات صحية طالبت حكومة المقاطعة بإعادة إلزامية ارتداء الكمامات في الأماكن التي يخشى أن تكون بؤرة لتفشي الإنفلونزا.

أفريقيا: مصنع اللقاحات يشكو انعدام الطلبات!

على رغم الجهود المكثفة التي بذلت لإنشاء مصنع للقاحات كوفيد-19 في القارة السمراء؛ فإن المصنع الذي أنشأته شركة أسبين فارماكاير، بمدينة بورت اليزابيث في جنوب أفريقيا، لم يتلقَ أي طلب من أية دولة أفريقية! وقال مسؤولوه إنه قد يغلق أبوابه خلال أسابيع. وكان إعلان الاتفاق على إنشاء المصنع في نوفمبر 2021 أشاع ارتياحاً كبيراً، باعتباره الحل الأمثل لمشكلات أفريقيا التي عانت من الوباء العالمي، لكن المشترين لمنتجاته لم يظهروا قط! ولم يقم المصنع حتى الآن بأي إنتاج تجاري. وجاء إنشاء المصنع رداً على شكوى الدول الأفريقية من افتقارها إلى لقاحات كوفيد-19. ولا يزال عدد المحصنين بالكامل في أفريقيا ضد كوفيد-19 دون 20% من سكان القارة السمراء. وأنحى رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا باللائمة على الوكالات الدولية، التي قال إنها كان يجب أن تبادر لشراء كميات من المصنع الجديد، لتوزيعها على الدول الأفريقية المحتاجة إليها. وذكرت مبادرة كوفاكس، التي ترعاها منظمة الصحة العالمية، إن تعاقداتها مع شركات اللقاحات تنص على أن الشركات هي التي تحدد مصدر الجرعات المتبرع بها، من مصانعها في أرجاء العالم. واختارت رويترز عنواناً لتقرير بهذا الشأن أمس (الأربعاء) جاء فيه: «عندما طلبت أفريقيا تزويدها بلقاحات كوفيد لم تحصل عليها. وهي لا تريدها الآن».