-A +A
سلطان بن بندر (جدة) SultanBinBandar@
غيّرت جائحة فايروس كورونا العديد من أنماطنا المعيشية، فالحياة قبل أن تتفشى الجائحة في الكوكب لا تشبهها بعدها، (تباعد اجتماعي، منع تجول، واحترازات عديدة لتبقى بعيداً عن الإصابة بالفايروس)، إلا أن «الأمن الغذائي» في السعودية، لم يطرأ عليه أي تغير أو اختلاف أو حتى مساس بأدنى المتطلبات المعيشية التي تعود عليها السعوديون طيلة أعوام خلت، بعد أن وجد في إستراتيجية برنامج التحول الوطني في تعزيز الأمن الغذائي قاعدة صلبة وأساساً متيناً يستند عليه.

ثبات الأمن الغذائي السعودي، وتوافر المنتجات الزراعية والحيوانية في المملكة جاء امتداداً لسلسلة الإنجازات والنجاحات التي تحقَّقت نتيجة تحقيق إستراتيجية برنامج التحول الوطني في تعزيز الأمن الغذائي بالتعاون مع وزارة البيئة والمياه والزراعة، عبر التعامل مع غذاء السعوديين وسط الجائحة بأعلى درجات المسؤولية لدعم القطاع التمويني في ظل الأزمة؛ إذ سعت المملكة العربية السعودية إلى تخصيص ملياري ريال لتمويل استيراد المنتجات الزراعية المستهدفة في إستراتيجية الأمن الغذائي، من خلال مزيج من القروض المباشرة وغير المباشرة، ضمن منتجات التمويل المختلفة التي يقدِّمها صندوق التنمية الزراعية. والمستهدفة في مرحلتها الأولى منتجات «الأرز، والسكر، وفول الصويا، والذرة الصفراء»، بينما سيتم إضافة أي منتجات أخرى حسب احتياجات السوق وإستراتيجية الأمن الغذائي.


وقد تم فسح أكثر من 174 ألف رأس من الأغنام قادمة من دول مختلفة ضمن جهود وزارة البيئة والمياه والزراعة في تعزيز الأمن الغذائي، واعتماد 296 مليون ريال لتمويل 35 مشروعاً في عدد من مناطق المملكة، تشمل قطاعات زراعية متنوعة بالداخل، مثل زراعة وإنتاج الخضراوات بالبيوت المحمية والدواجن البياض في عدد من مناطق بالمملكة، إضافة إلى استيراد مواد غذائية من الخارج لتعزيز كفاءة القطاع الزراعي المحلي وتحقيق الأمن الغذائي. إضافةً إلى فسح أكثر من 300 ألف طن من واردات الخضراوات والفاكهة خلال شهر أبريل. إلى جانب إتمام إجراءات ترسية الدفعة الثالثة من القمح المستورد لعام 2020 بكمية تصل إلى 655 ألف طن من القمح. كما قامت المملكة منذ بداية 2020 باستيراد 775 ألف طن، ليصل بذلك إجمالي الكميات المتعاقد عليها هذا العام بعد ترسية هذه الدفعة إلى كمية تجاوزت 31 مليون طن، علماً بأن المملكة بدأت خلال الشهر الجاري موسم استلام القمح المحلي للعام الثاني على التوالي، الذي يستهدف استلام 700 ألف طن ضمن جهود المملكة في تعزيز الأمن الغذائي. إلى جانب استيراد نحو 3 ملايين طن من الشعير العلفي.

استدامة الأمن الغذائي

وتبنت وزارة البيئة والمياه والزراعة إجراءات عدَّة لضمان استدامة الموارد الحيوية وتعزيز الأمن التنموي والغذائي من خلال مبادرات استثنائية يحققها برنامج التحول الوطني. من خلال تطوير برنامج فعَّال للاحتياطي والخزن الإستراتيجي للأغذية ونظام الإنذار المبكر وإدارة حالات الطوارئ؛ إذ جابهت المملكة ممثلة في وزارة البيئة والمياه والزراعة عبر إدارة فعَّالة لتداعيات هذه الأزمة من خلال تطوير الآليات المناسبة بعد دراسة الوضع الحالي لمخزونات السلع ومواقع الخزن الإستراتيجية لها وتطويرها. كما تم إنشاء وتطوير البنية التحتية للخزن الإستراتيجي للأغذية والإطار الإداري لإستراتيجية الأمن الغذائي. ووضع نظام الإنذار المبكر مع تحديد المخزون الإستراتيجي لجميع السلع الأساسية. لتساهم الجهود في ضمان تحقيق الأمن التنموي والغذائي من خلال وجود إطار حوكمة للأمن الغذائي والمخزون الإستراتيجي للسلع الغذائية الأساسية يوفِّر للمملكة برنامجاً وطنياً للأمن الغذائي مما يخفِّف من الصدمات الخارجية أو الداخلية.

تنمية الموارد

ودعماً للإستراتيجيات الوطنية الرامية إلى تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، سعت وزارة البيئة والمياه والزراعة إلى ضمان تحقيق استدامة الموارد الحيوية وحماية البيئة من الأخطار الطبيعية، وذلك من خلال مبادرات برنامج التحول الوطني التي تهدف إلى تنمية الغطاء النباتي للحد من التصحر والزحف الرملي، وتعزيز الوقاية من الحشرات والآفات المضرة بالغطاء النباتي، وتنمية القدرات الوطنية بما يمكّن من التنبؤ بالمخاطر الطبيعية وسرعة الاستجابة لها. وتجدر الإشارة إلى تظافر جهود القطاعات المعنية سعياً لتنمية الموارد الحيوية في المملكة وضمان الاستفادة المستدامة منها، وذلك من خلال التركيز على تنمية الموارد المائية، وتحقيق الأمن الغذائي والدوائي. كما حرصت المملكة على إطلاق وتطوير مبادرات نوعيَّة لتحقيق الأمن التنموي والغذائي والذي يُعد أحد أبرز الأهداف الإستراتيجية المسندة إلى برنامج التحول الوطني التي ساهمت في بقاء المملكة العربية السعودية في مركز متقدِّم نحو التنافسية في مؤشر الأمن الغذائي العالمي لعام 2020، إذ تمتلك المملكة أكبر مخزون غذائي في الشرق الأوسط ووفرة الإمدادات الغذائية رغم أزمة فايروس كورونا في إطار إستراتيجية الأمن الغذائي التي اتخذتها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان.

الحد من الهدر

واستكمالاً لإنجازات وزارة البيئة والمياه والزراعة في دعم الجهود الوطنية لتحقيق الأمن الغذائي من خلال مبادرات برنامج التحول الوطني، تم إنشاء برنامج وطني للحد من الفاقد والهدر من الغذاء قائم على المعايير والتجارب العالمية والممارسات الجيِّدة، إذ تهدف هذه المبادرة إلى التوعية بضرورة دراسة وتقدير كمية الفاقد والمهدر من الغذاء، وتطوير تقنيات الحصاد والبنية التحتية الداعمة لإنتاج الغذاء. إضافة إلى تشجيع إعادة تطوير هندسة التصنيع والتغليف للغذاء ليكون أكثر فعاليَّة للحفاظ على الغذاء من التلف والحث على التنويع في الأغذية. إضافة إلى رفع الوعي بشأن استخدام الموارد الطبيعية الزراعية بكفاءة والتنبيه إلى الأمراض الناتجة عن الهدر الغذائي وكيفية التعامل مع النفايات. كما تساهم المبادرة في ضمان تحقيق الأمن التنموي والغذائي من خلال تحسين معدل التحويل من واردات الإنتاج والمواد الغذائية الزراعية إلى سعرات حرارية مستهلكة. وذلك من خلال تقليص نسبة الهدر عبر تحسين سلوكيات المستهلكين وتعظيم الفائدة من الموارد الغذائية.