أحد مختبرات إنتاج اللقاحات. (وكالات)
أحد مختبرات إنتاج اللقاحات. (وكالات)
-A +A
«عكاظ» (واشنطن) OKAZ_online@
وباءان عالميان في آنٍ معاً. هذا هو أكثر ما يخشاه علماء العالم، مع اقتراب حلول الشتاء في النصف الشمالي من الكرة الأرضية. ففيما تصطلي المعمورة بوباء فايروس كورونا الجديد، الذي لم يعرف له دواء حتى اليوم؛ يوشك فايروس الإنفلونزا أن يقبض العالم من الخاصرة الأخرى. وعلى رغم أن الإنفلونزا مرض شائع؛ إلا أنه يتسبب فيه فايروس لا يقل قدرة على الإماتة. ويؤدي فايروس الإنفلونزا إلى ما يراوح بين 3 و5 ملايين إصابة خطيرة كل عام. كما أن عدد وفياته لا يقل عن 65 ألفاً في أرجاء العالم. ومع أن لقاح الإنفلونزا رأى النور منذ نحو 8 عقود، إلا أنه محاط بعدد من المشكلات؛ أهمها أنه يصلح فقط لموسم واحد من مواسم الإنفلونزا. والمشكلة الكبرى أن فعاليته لا تزيد على ما بين 40% و60%. وتتدنى تلك الفعالية في بعض السنوات إلى 10% فحسب. وبشّرت صحيفة «نيويورك تايمز»، في مقال أمس (الأحد)، بأن السنوات القليلة القادمة قد تشهد ابتكار لقاح ناجع للإنفلونزا، اتكاء على تكنولوجيا مرسال الحمض النووي الريبوزي. وفي حين يتم «تزريع» لقاح الإنفلونزا في بيض الدجاج؛ فإن لقاحات مرسال الحمض النووي الريبوزي يتم تصنيعها سريعاً في المختبر. وذكرت «التايمز» أن سهولة صنع لقاح الإنفلونزا من خلال هذه التكنولوجيا المتقدمة ستجعل العلماء قادرين على التوصل إلى لقاح يمكن أن يصبح مناسباً لصد الإنفلونزا كل عام. كما أن هذا اللقاح المرتقب يمكن أن يؤدي إلى توليد قدر أكبر من المناعة مقارنة باللقاحات التقليدية المناوئة لفايروس الإنفلونزا.

وأشارت الصحيفة إلى أن شركتي الدواء موديرنا الأمريكية وسانوفي الفرنسية بدأتا تجارب سريرية خلال الصيف الحالي على لقاح للإنفلونزا يستخدم تكنولوجيا الحمض النووي الريبوزي. وبدأت شركتا فايزر الدوائية الأمريكية وبيونتك الألمانية الشهر الماضي تجارب لإنتاج لقاح حديث للإنفلونزا، وتنوي شركة سيكيرس الدوائية الإنجليزية اختبار لقاح ضد الإنفلونزا يستخدم التكنولوجيا نفسها مطلع السنة الجديدة.


وكان اندلاع نازلة الإنفلونزا الإسبانية، التي اجتاحت العالم خلال 1918-1919، أسفر عن وفاة ما يراوح بين 50 و100 مليون شخص. ومن المشكلات التي عقّدت تلك الأزمة الصحية العالمية أن العلماء تمسكوا آنذاك بأن الأمراض تنجم عن الجراثيم، وليس الفايروسات! ولذلك هرعوا لصنع لقاح اعتماداً على عينات من لعاب مرضى الإنفلونزا. وظل فايروس الإنفلونزا مواصلاً ترويع العالم، حتى توصل علماء الفايروسات البريطانيون في سنة 1933 إلى اكتشافه. وقام العلماء بحقن بيضة دجاج بفايروس الإنفلونزا، حيث تكاثر. وبعد استخلاصه من البيضة أضافوا مواد كيميائية أدت إلى تدميره. وقاموا بحقن الناس بتلك الفايروسات النافقة. وفي عام 1948 هللت الولايات المتحدة لاختراع أول مصل مضاد للإنفلونزا اخترعه حائز جائزة نوبل عالم الفايروسات الدكتور وينديل ستانلي، الذي قال إن ذلك اللقاح سيضمن ألا يكون فايروس الإنفلونزا مرة أخرى أحد أكبر مدمري الحياة الإنسانية. إذ إن فايروس الإنفلونزا سرعان ما بدأ يتحور وراثياً، حتى غدا قادراً على إبطال مفعول اللقاح. ويقول العلماء إن فايروس الإنفلونزا أثناء وجوده في القصبة الهوائية يبدأ استنساخ نظامه الوراثي (الجينوم).