بريطانيون في طريقهم إلى محطة المترو في بيكاديللي بلندن أمس. (وكالات)
بريطانيون في طريقهم إلى محطة المترو في بيكاديللي بلندن أمس. (وكالات)
قاعة الصحفيين بالبيت الأبيض: توجيهات بارتداء الكمامة. (وكالات)
قاعة الصحفيين بالبيت الأبيض: توجيهات بارتداء الكمامة. (وكالات)
-A +A
ياسين أحمد (لندن) OKAZ_online@
يومان أو نحو ذلك ويحقق فايروس كورونا الجديد رقماً قياسياً في معركته ضد الإنسانية. فمن المتوقع أن يرتفع العدد التراكمي للمصابين به إلى 200 مليون نسمة حول العالم؛ إذ قفز أمس إلى 198 مليوناً، بعدما سجلت دول العالم 697955 إصابة جديدة (الجمعة). ومن المفارقات أن أكثر إصابات الجمعة سُجلت في الولايات المتحدة، وهي 194608 حالات جديدة. وقال مدير منظمة الصحة العالمية تادروس غبريسيوس،، إن الإصابات تزايدت في معظم أرجاء المعمورة. وحذر من أن وفيات أفريقيا من الوباء ارتفعت بنسبة 80% خلال الأسابيع الأربعة الماضية. وأضاف أن الأسبوع الماضي وحده شهد تسجيل قرابة 4 ملايين إصابة جديدة.

مشكلة كوفيد-19 أنه عدو لا تستطيع أن تراه لتواجهه. كما أنك لا تستطيع أن تفهم كيف يتصرف لتجدَّ في دحره. فبعد أسابيع من الأرقام اليومية المرعبة والوفيات؛ فجأة بدأت الحالات الجديدة في بريطانيا والهند تهبط إلى أدنى مستوياتها. لماذا؟ لا أحد يعرف! في أمريكا؛ وبعد انحسار موجة الإصابات والوفيات المتزايدة؛ فجأة عادت الحالات إلى ارتفاعها، وبمستوى يقارب 200 ألف حالة يومياً، كما حدث الخميس. ورأى مدير مركز أبحاث الأمراض المعدية بجامعة مينيسوتا الدكتور مايكل أوسترهولم، وهو أحد أشهر علماء مكافحة الأوبئة في العالم، بحسب صحيفة «نيويورك تايمز» أمس، أن على الإنسان أن يتواضع، ليدرك محدودية قدراته على مواجهة الفايروس. وذكر أنه من الصحة القول إن الإجراءات الوقائية من شأنها أن تدحر تفشي الفايروس، من خلال التباعد الجسدي والتطعيم. لكنه قال إن التجارب الوبائية السابقة أثبتت أن تغيير السلوك البشري وحده ليس كافياً. والصحيح أن يقال أيضاً إن اندلاع الوباء يخمد فجأة، مثل حرائق الغابة التي تكف فجأة عن الانتقال من غابة إلى أخرى!


وأدت ضبابية تعليل مآلات الأزمة الصحية إلى مسارعة الأجهزة الرقابية الصحية للركض في عدد من الاتجاهات. فقد أصدرت المراكز الأمريكية للحد من الأمراض ومكافحتها أمس الأول، بياناً يبرر قرارها نصح الأشخاص المحصّنين بالكامل (أي بجرعتي اللقاحات المضادة لكوفيد-19) بارتداء كماماتهم داخل الأماكن العمومية. وذكرت أن 74% من الإصابات الجديدة في ولاية ماساشوسيتس حدثت لأشخاص محصّنين باللقاح. وأضافت أن نحو 80% من الإصابات «الاختراقية» للمحصنين صحبتها أعراض، وتم تنويم خمس حالات منها. وقالت مديرة المراكز المذكورة الدكتورة روتشيل فالينسكي، إن الدلائل تشير إلى أن الأحمال الفايروسية العالية لدى ذوي العدوى الاختراقية- وهم المصابون على رغم أنهم محصّنون- يدل على أن المحصنين المصابين بسلالة دلتا المتحورة وراثياً يمكنهم تمرير العدوى الفايروسية إلى الآخرين! وأوضحت أنه كان لزاماً تحديث التوصية بالعودة لارتداء الكمامات حتى لا يقوم هؤلاء المصابون بإفشاء العدوى دون علمهم بذلك. وأشارت إحصاءات المراكز الأمريكية للحد من الأمراض أمس الأول إلى أن 46% من المحصنين المصابين حصلوا على جرعتي لقاح فايزر-بيونتك؛ فيما حصل 38% منهم على جرعتي موديرنا. وحصل 16% منهم على لقاح جونسون آند جونسون. وترافقت تلك التطورات مع دراسة نشرتها مجلة «نايتشر ساينتيفيك ريبورتس» أمس الأول، جاء فيها أن التطعيم ليس كافياً وحده لمنع ظهور سلالات فايروسية متحورة وراثياً؛ بل يمكن للقاحات أن تشجع ظهور سلالات جديدة تعرف كيف تتفادى مفعول اللقاحات المضادة لها. وخلصت الدراسة إلى أنه ليس ثمة حلٌّ أفضل من تمسك الناس بارتداء الكمامات، واتباع الإرشادات الوقائية إلى أن يتم تطعيم جميع أفراد المجتمع. وقال معدو الدراسة إنهم توصلوا إلى أنه كلما تسارعت خطوات تطعيم السكان تضاءلت فرص ظهور سلالة معدلة وراثياً، قادرة على مقاومة مفعول اللقاحات. وفي المقابل كلما تباطأت خطوات التدخل الصحي في وقت تم فيه تطعيم معظم أفراد المجتمع زادت احتمالات ظهور سلالة فايروسية مقاومة لمفعول اللقاحات.

وأعاد تفاقم الأزمة الحديث عن خطورة سلالة دلتا الهندية الأصل. فقد وصفتها المراكز الأمريكية للحد من الأمراض الليل قبل الماضي بأنها تتفشى بالسرعة نفسها التي يتفشى بها «الجدري الكاذب». وخلصت مذكرات داخلية للمراكز المذكورة إلى أن «الحرب على سلالة دلتا قد تغيرت»؛ بحسب «واشنطن بوست» التي اطلعت على تلك الأوراق. وتشير أيضاً إلى أن سلالة دلتا أسرع تفشياً من نزلة البرد العادية، والإنفلونزا، والجدري، وفايروس إيبولا. وأضافت «البوست» أن الأوراق الداخلية للمراكز الأمريكية أكدت، من واقع دراسات أجريت في سنغافورة، وكندا، وأسكتلندا، أن سلالة دلتا تتسبب بمخاطر، لجهة التنويم بالمستشفيات، ووحدات العناية المكثفة، والوفاة، أكبر من التي تتسبب بها سلالة ألفا المكتشفة في كنت ببريطانيا.

«لغز» بريطانيا !

تعليقاً على الانخفاض المتواصل منذ نحو 10 أيام في عدد الحالات الجديدة في بريطانيا، وصفت بلومبيرغ الوضع الصحي في المملكة المتحدة أمس بأنه يراوح بين «الرعب» و«الأمل». وشددت على أنه لم يتم الوصول إلى تفسير بعد لذلك الهبوط المفاجئ للحالات الجديدة هناك. ونسبت إلى أستاذ الصحة العامة الأوروبية بجامعة لندن للعلوم الصحية والطب المداري الدكتور مارتن ماكي، قوله: إن ما يحدث في بريطانيا راهناً «لغز كبير». وكانت إصابات بريطانيا قد جاوزت 50 ألفاً في 17 يوليو الماضي. وانخفضت شيئاً فشيئاً إلى أقل من 25 ألفاً خلال الأيام الثلاثة الماضية. وتضارب العلماء البريطانيون في محاولاتهم لتفسير الواقع الجديد. لكنهم يجمعون على أنهم لا يعرفون الحقيقة القاطعة.