-A +A
حسين هزازي (الرياض) h_hzazi@
عندما تلاحظ أنّ أحد أفراد أسرتك بدأت تصرفاته تتغير، وسلوكه بالانحدار نحو الأسوأ، فمن الممكن أنّه أصيب بأحد الأمراض النفسية واسعة الانتشار، إذ من الممكن إصابة الإنسان بمرض نفسي بعد ولادته بفترة زمنية غير محددة نتيجة لحادثة مرّ بها أو بسبب أوضاع حياته، وليس كما هو مشاع بأنّ المرض النفسي يصيب الإنسان عند الولادة فقط، إذ يتعرَّض الكثير من الأشخاص لمشكلات تتعلق بالصحة العقلية من وقتٍ لآخر، ليصبح القلق المتعلق بالصحة العقلية مرضاً نفسيّاً عندما تسبب العلامات والأعراض المستمرة إجهاداً متكرراً، وتؤثر على العائلة، كما يمكن أن يجعلك المرض النفسي بائساً، ويسبب مشكلات في حياتك اليومية، مثل المدرسة أو العمل، أو في علاقاتك بالأشخاص الآخرين. ويلعب الدعم من المختصين في المجال الطبي والأصدقاء والعائلة دوراً مهماً في عملية شفاء المريض النفسي والمصاب الذي يعاني من اضطرابات نفسية.

تقول الاستشارية النفسية الدكتورة نادية موصلي: إن هناك بعض التعليمات التي يمكن اتباعها للتعامل مع المريض النفسي ومن يعاني من اضطرابات صحية؛ منها الاطلاع والتعلّم، مع أهمية فهم وتعلم ومعرفة العلاجات الممكنة والأعراض والحالات التي قد تواجه المريض النفسيّ، إذ يساهم ذلك في تقديم الدعم والمساعدة له بكل ثقة، ويكون ذلك من خلال حضور جلسات الدّعم التي تُعقد للأفراد المُحيطين بالمريض النفسي، حضور المؤتمرات أو جلسات التدريب التي تدور حول الحالة المطلوبة، متابعة البرامج وكذلك قراءة الكتب والمقالات المُتعلّقة بالأمر.


تخطي الوحدة والخجل

وترى الدكتورة موصلي، ضرورة تطوير نهج مفيد للتّعامل مع المُصابين وقالت توجد طرق عدة تساعد على بناء علاقات جيّدة مع المُصابين بالاضطرابات النفسية، أو الحفاظ عليها، منها التحلي بالصبر دائماً، وإدراك أنّ عملية التّعافي قد تكون صعبة وطويلة أحياناً، وتقديم الدعم في حال حدوث أي تغيّرات إيجابية مثل مُلاحظة تغيّر المواقف أو السلوك، إظهار القدرة على تفهّم جميع ما يمرّون به، كما لو أنّها تجربة شخصية، تجنّب إلقاء المواعظ عليهم وإملائهم بما يُمكن أن تفعله لو كنت مكانهم.

وأضافت، أن هناك تعليمات أخرى توضح كيفية التعامل مع المريض النفسي، منها تشجيعه على العلاج، رغم أنّ الخطوات الأولى تكون دائماً صعبة، إلّا أنّه لا بدّ من محاولة تقديم المساعدة في تحديد المواعيد الأولى مع الطبيب لتشخيص المشكلة، ويُنصح حينها بتدوين أي ملاحظات أو أسئلة مسبقاً واستشارة الطبيب حولها، لمحاولة تغطية جميع الجوانب الرئيسة في المرض، وتقديم الدّعم العاطفي، كما يُشار إلى أهمية بثّ وتعزيز الأمل لدى المصابين، وتقديم الدعم العاطفي لمساعدة المُصاب على تخطي مشاعر الوحدة والخجل.

كما يجب تحديد الأهداف، و يُنصح بمُساعدة المُصاب على تحديد أهداف واقعية يُمكن تحقيقها خطوةً خطوة، والابتعاد على الأهداف غير الواقعية التي يصعب تحقيقها، وعدم افتراض معرفة حاجة المُصاب، ومن المهمّ سؤال المُصاب عن الطريقة التي يُفضّلها فيما يتعلّق بتقديم المُساعدة له.

لا تعالٍ ولا شفقة

وأوضحت الاستشارية النفسية، أنه يجب تجنّب بعض الأمور التي يُنصح بتجنب فعلها أو قولها للمصاب بالأمراض النفسية، ومنها الأقوال الواجب تجنّبها، مع أهمية تجنّب كل قول قد يُشعر المصاب بأنّ طريقة تفكيره عموماً قد تكون سبباً لمشكلته، وتجنّب كل قول يوحي له بسهولة ما يمرّ به وأنّ غالبية الناس تمرّ بما يمرّ به هو الآن. كما ينصح بضرورة تجنّب معاملة المُصابين بالاضطرابات النفسية بالتعالي أو الشفقة أو استخدام أسلوب السخرية والتهكم معهم أو إلقاء النّكت حول حالتهم، أو الانتقاد أو اللوم، أو رفع مستوى الصوت عند الحديث معهم، أو إبداء أي شكل من أشكال العداوة تجاههم، أو التحدّث بكثرة، أو بسرعة، فمن المهم التنبيه إلى أهمّية الصمت أو التوقف عن الحديث أحياناً أثناء التحدث مع المُصابين، وافتراض معرفة أي شيء عنهم أو عن حالتهم.

وهناك طريقة التّعامل مع الأشخاص الذين يُفكرون بالانتحار على الرغم من عدم قدرتنا على إرغام المريض النفسي على الذهاب لرؤية المُختصين، إلّا أنّنا نستطيع تقديم كل التشجيع والدّعم له، ومُساعدتهم على إيجاد الأخصائيين الأكفاء بحالته وحجز موعد معهم، إضافة إلى إمكانية مُرافقتهم عند ذهابهم إلى الأخصائي إن أمكن، ومن المهمّ مُحاولة إجراء نقاش صريح مع المُصابين بالاضطرابات النفسية ممّن نهتمّ لأمرهم إن أمكن.

وتشير الدكتورة موصلي، إلى أنّ المُعاناة من الأفكار الانتحارية والإقدام على بعض السلوكيات الانتحارية تُعدّ أمراً شائعاً لدى المُصابين بالاضطرابات النفسية؛ لذا يُنصح باتّباع خطوات عدة عند ملاحظة وجود أفكار انتحارية لدى المريض النفسيّ أو محاولته إيذاء نفسه، منها الاتصال الفوري بالطوارئ وطلب المُساعدة، الاتصال بالطبيب النّفسي الخاص بالحالة وطلب المساعدة، من المُمكن أن يقوم المُصاب بالتواصل مع أصدقائه المقربين او أحبائه والحديث معهم فيما يتعلّق بالحالة، وإخبار صديق أو أحد أفراد أسرة المصاب بما يجري.