-A +A
إبراهيم علويi_waleeed22@
خيوط خداع تحاك ببراعة على راغبي الثراء السريع، كما يحيك العنكبوت شباكه حول فريسته مستخدماً خيطاً حريرياً مغطى بسائل لزج لا يستطيع الضحية الفكاك منه، كلما حاول الفريسة الفكاك من الخيوط التصقت وتشابكت أكثر ويصبح من المستحيل النجاة ويروح الضحية بالسم الزعاف.

شبكات تسير على خطى مؤسسها «تشارلز بونزي» الذي اشتهر بألقاب عدة منها (المفكر)، ليتضح أنه مجرد محتال ومخادع ليسقط في يد الشرطة بعد سنوات من اختراعه ما يطلق عليه «التجارة الهرمية والشبكية» وامتهنها محتالون من جنسيات عدة، يمتازون بالقدرة على تحديد صفات الفريسة وينسجون حوله مزاعم الكسب السريع المضمون عبر عرض سلع ثمينة كالساعات والبضائع النادرة.


ويحاول هؤلاء «التمظهر» بحياة الترف والدعة والفخامة كارتياد المقاهي الفريدة واصطياد فرائسهم منها عبر التسويق الشبكي والهرمي، وإيهام المخدوعين بتحقيق المال الوفير في يوم واحد!

مخادعون بلا مواقع.. يجيبون على كل سؤال !

الخبير الأمني اللواء متقاعد مسفر داخل الجعيد، أكد أن طرق الاحتيال التي يستخدمها المحتالون في هذا النشاط تعتمد على عرض منتج للبيع بسعر عال وغير مجدٍ، ويطلب من الفريسة الدخول إلى شبكة أو فتح «مكتب» يدخل فيه الأقارب والمعارف، ويحصل المستجلب للزبون حصة من الأرباح بزعم التسويق الشبكي، والحقيقة هي خيوط تنسج حول الضحية ومن ثم تتوالى السلسلة في السقوط لتكشف الأيام أن الجميع خسروا أموالهم. ووصف الجعيد أسلوب المحتالين في التسويق الشبكي والهرمي بـ«الاحترافي»، إذ يجيدون الحديث عن التجارة الإلكترونية وعن عالم الثراء والأرباح الخيالية التي توفر جهد السنين، ويستخدم هؤلاء عبارات مطاطية لها تأثير في شد انتباه الضحية مثل التجارة في عالم الكرة والماركات العالمية والأسواق الشهيرة لينقاد الضحايا طوعاً بتحويل الأموال برضاء مع الوعد بالأرباح اليومية أو الأسبوعية، وذلك بحضورأعضاء شبكة الاحتيال الذين يتقمصون دور مستثمرين سابقين أو طامحين مستعدين للإجابة على الأسئلة والهواجس وبث الطمأنينة في نفوس المخدوعين.

التجارة: نشاط ممنوع.. حذارِ

وزارة التجارة، حذرت من نشاط التسويق الشبكي والهرمي كونه نشاطاً ممنوعاً في المملكة، لما فيه من تضليل للمستهلكين وإيهامهم بتحقيق مكاسب كثيرة عبر خدعة الأرباح والمُسوق المستقل، كما حذرت الوزارة من إعلان يتم تداوله على منصات التواصل الاجتماعي، يدعي قيام الوزارة ببدء تنفيذ برنامج استثماري للمواطنين من المنازل، محذرة من إغراءات الكسب السريع، مؤكدة على أهمية التحقق من مصدر المعلومة والقائمين بمثل هذه الأنشطة.

سيدة تروي حكايتها مع شبكة النصب

تروي السيدة (هاجر الغامدي) قصتها وتجربتها مع نصابي هذه التجارة وكيف حاولوا الإيقاع بها، إذ تواصلت معها إحدى قريباتها وبعثت لها رسالة تؤكد وجود فرصة نادرة للثراء بتحقيق ربح يزيد على 50 ألف ريال في أسبوع واحد بشراء ساعة وصفتها بالنادرة والثمينة بمبلغ 8 آلاف ريال وإعادة بيعها بـ60 ألف ريال في وقت قصير، وأكدت لها صديقتها أن هناك كثيراً من الزبائن يتلهفون لشراء الساعة النادرة، «حاولت قريبتي إقناعي بسرعة الاشتراك في مجموعة تتواصل عبر أحد البرامج الحديثة، تلقي فيها إحدى المتخصصات في هذه التجارة محاضرة في الاستثمار، وبالفعل انضممت للمجموعة ولاحظت ثناء أعضاء المجموعة على المحاضرة وتأكيد بعضهن تحقيقهن لأرباح، وقالت إحداهن إنها ربحت 30 ألف ريال، كانت خيوط النصب تحاك ضدي ومعي فتاة أخرى لكن عدم قدرتي على تحويل المبلغ اضطرني للاستعانة بزوجي الذي طلب مني التوقف تماماً عن المجموعة حتى يحضر من عمله».

وتشير السيدة هاجر إلى أنها شرحت الأمر لزوجها وحثته على سرعة تحويل المبلغ المطلوب، غير أنه تحفظ على الفكرة في مجملها، مؤكداً لها أن ما يجري مجرد عملية نصب وخداع، خصوصاً مع ضبابية نشاط الشركة في وهم التسويق الشبكي والهرمي. وأن وزارة التجارة سبق أن حذرت المواطنين من التورط في مثل هذه الأنشطة، وكادت السيدة أن تقع فريسة في شباك عصابة نصب محترفة.

وتضيف السيدة الناجية من النصب والاحتيال أن قريبتها أكدت لها لاحقاً أنها سقطت في حبائل محتالين وخسرت مبلغ 16 ألف ريال قيمة ساعتين، اتضح أن سعرهما لا يتجاوز 200 ريال، إذ احتالت عليها إحدى المتمرسات في هذا النشاط المحظور بعدما تم إيهامها بتحقيق ربح كبير حال استجلابها إحدى معارفها للاستثمار عبرالشبكة المخادعة.

نشاط مجرّم.. غش وتدليس وتلبيس

المحامية والمستشارة القانونية نجود القاسم، أكدت أن هذه الأنشطة الاحتيالية تعرف بالتسويق الشبكي والمعروفة بالنموذج الهرمي وتم تجريمها في العديد من الدول منذ عام 2008، وتلاحقها الأجهزة الأمنية المختلفة. وأضافت القاسم أن في هذه الأنشطة المحظورة أكلاً لأموال الناس بالباطل وغشاً وتدليساً وتلبيساً، وقانون الجرائم المعلوماتية عالج مثل هذه الحالات ونص في الفقرة الأولى من المادة الرابعة على: «أن الاستيلاء لنفسه أو لغيره على مال منقول أو على سند، أو توقيع هذا السند، وذلك عن طريق الاحتيال أو اتخاذ اسم كاذب، أو انتحال صفة غير صحيحة، السجن لمدة لا تزيد على 3 أعوام وبغرامة لا تزيد على مليوني ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل شخص يرتكب أياً من هذه الجرائم المعلوماتية» وزادت المحامية القاسم أن جريمة النصب تقوم على ركنين؛ الأول: مادي، وعناصره الاحتيال، والاستيلاء على مال الغير، وعلاقة السببية بينهما، والثاني: معنوي، يتحقق بتوافر القصد الجنائي، لأن جريمة النصب عمدية، ويتكون من عنصرين؛ الأول: الإرادة، والثاني العلم. وأشارت إلى أن دعوى النصب والاحتيال تعتبر من القضايا الجنائية، إذا ثبتت صفة الدعوى واكتملت فيها أركان جريمة النصب وعناصرها ويتم تقديم دعوى مباشرة للمحكمة الجزائية، أو عن طريق التقدم للشرطة وتحال للنيابة العامة ثم بعد التحقيق تتم إحالتها إلى المحكمة الجزائية.