-A +A
حسين هزازي (جدة) h_hzazi@
8 أشهر ارتدى أثناءها المحامون السعوديون «الروب الأسود» في صالات المحاكم، وودعوا زيهم التقليدي وقرروا أن تكون لهم «هوية» موحدة، مثل القضاة والأطباء والمهندسين، وفجأة ألغي القرار دون سابق إنذار، فهل نجح القرار أم فشلت الفكرة؟ وهل أصبح «معطف المحاماة»، الذي نظر له البعض في السابق على أنه بدعة، جزءا أصيلا من مهنة عريقة، يبحث أصحابها عن العدالة وإظهار الحقائق، أم بات مجرد شكل «أنيق» يعطي للبعض الصفة الرسمية فقط؟

طرحنا أسئلتنا على محامين وشخصيات عامة ومواطنين يترددون على المحاكم، فجاءت الأراء متباينة:


في البداية.. يقول المحامي والمستشار ماجد قاروب، إنه يجب إجراء المراجعة تجاه واقع وطبيعة مهنة المحاماة تشريعيا ومؤسساتيا قبل الحديث عن ظاهرة شكلية للمهنة أمام جميع السلطات القضائية والحقوقية والعدلية.

كما أن «الروب» هو دلالة رمزية على أمر عميق جدا وأساسي حيال هيبة المحاماة والعمل الإلقائي بشكل خاص.

وحقيقة، يجب الترسيخ في ذهن المجتمع والسلطة القضائية بشكل خاص؛ التي تشمل القضاة ومجلس القضاء ووزارة العدل وغيرها من المؤسسات، بأن المقصود فيه «من يعمل في المحاكم هم القضاة والمحامون فقط»، كما هو الحال في النيابة العامة لا يعمل فيها سوى المحققين والمحامين فقط. لذلك هذا الروب ليس لتمييز المحامين بين المعقبين والوكلاء والدعوجية، لكن لتمييزهم عن شريكهم القضائي والعدلي وهم القضاة في المحاكم.

والمحققون في النيابة العامة أو في أي موقع آخر يجب أن يكون المتواجد هو المحامي دون غيره لتحقيق العدالة المنشودة.

ويقول المستشارالقانوني فهد بارباع: «أحسنت وزارة العدل صنعا عندما بدأت قبل عامين دراسة اعتماد رداء المحامين أو ما يعرف بـ«الروب الأسود»، وهو الذي الذي عرفت به المحاماة في أغلب دول العالم، ولاقت الفكرة رواجا كبيرا لدى أغلب المحامين، لأنها تساعد على تحديد هويتهم، وتعطي تميزا كبيرا للمهنة، مثلما يرتدي الطبيب «المعطف الأبيض» والمهندس «حامية الرأس»، صحيح أن بعض الأصوات اعتبرت ذلك تقليدا غير مألوف، لكن الأغلبية كانوا مع الفكرة التي تحولت فيما بعد إلى قرار، وتبنتها هيئة المحامين السعوديين التي وزعت «روب المحاماة» على أعضائها في ديسمبر 2018 الماضي، تحفيزا لهم على ارتدائه، بالتواكب مع قرار إلزامهم دخول صالات المحاكم به.

أناقة ووقار

ويرفض المحامي أحمد الغامدي أن يكون «الروب» يتعلق بالأناقة فقط رغم أنه يمكن أن يحقق ذلك، ويقول: «شخصيا كنت سعيدا بارتداء روب المحامين المقرر من قبل هيئة المحامين السعودية، وسعيت لأكون من أوائل الذين نالوا هذا الشرف، لأني مؤمن بأنه إحدى الأدوات المهمة التي تعطي هيبة ووقارا للمهنة».

وتؤكد المحامية رهف عبدالرؤوف أن المحاميات النساء أكثر سعادة بـ«روب المحاماة» من زملائهن الرجال، وتقول: «شرف كبير لأي رجل أو امرأة تدافع عن المظلوم وتبحث عن تحقيق العدالة ارتداء روب المحاماة، وشخصيا أعتبره أحد الأساسيات المهمة لشخصية المحامي أو المحامية، ليس لأنه يعطي وقارا وهوية للمهنة، بل لأنه يعزز من الثقة النفسية لدى من يرتديه، ويعطيه انطباعا بأنه في مهمة محددة للدفاع عن شخص يشعر بالظلم وإجلاء الحقائق».

زي أكاديمي

وتكشف الدكتورة سهير حسن القرشي، مديرة جامعة دار الحكمة، أنّهم كانوا سباقين لتصميم زي موجد للمحاميين السعوديين، وتقول: «بدأت جامعة دار الحكمة العام الماضي بحثا أكاديميا مع بداية العام الدراسي الحالي يهدف إلى تصميم زى رسمي موحَّد للمحامين، آخذين بالاعتبار العادات والتقاليد السعوديَّة، ويراعي وقار مهنة المحاماة، ويتناسب مع المناخ في المملكة، وقام كل من أعضاء هيئة التدريس والطالبات في قسم القانون وقسم تصميم الأزياء في جامعة دار الحكمة العمل معا لإجراء البحث، الذي استمر على مدار ثمانية أشهر»، مؤكدة أن القرار الذي فرضته هيئة المحامين السعوديين كان جديرا بالتقدير والاحترام.

ويبدي المواطن السعودي محمد الزبياني اعجابه بفكرة «روب المحاماة»، ويقول: «بصراحة شديدة لم أكن أميز في البداية بين المحامي وأي مراجع للمحاكم فيما مضى، لكن مع إلزام المحامين بزي موحد، أصبح الأمر مثيرا للانتباه، وبات من السهل الحديث للمحامي الذي أتعرف عليه من خلال ملابسه من أجل استشارته في بعض الأمور، أو عرض بعض القضايا عليه».

مقيد للحركة

يرى المستشار القانوني ماجد بن فتن، أن قرار لبس روب المحاماة تم إلغاؤه لعدم ملاءمته لطبيعة عمل المحامين داخل أروقة المحاكم.

ووصفه بن فتن بكونه «غير عملي»، كذلك نوعية القماش الذي تم اختياره مقيدا للحركة بالإضافة إلى قياس الروب فقد كان كبيرا أيضا، منتقدا كونه باللون الأسود، مشيرا إلى أنه لم يكن مناسبا.

وأضاف المحامي ماجد بن فتن أن روب المحاماة يجب أن يكون عمليا وبمقاس صغير مثلا «السديري» أو يكون شعارا يضع على الصدر فربما ذلك يتماشى مع الزي السعودي.

مؤكدا بقوله: ليس كل الدول العربية متقيدة بـ«روب المحاماة» فبعضهم تركها خيارا أمام المحامي والبعض طالب فيها وبشدة.