تحتفي مملكة البحرين اليوم السادس عشر من ديسمبر بيومها الوطني الـ54، في مناسبة وطنية تستحضر مسيرةً حافلة بالمنجزات، وتجسّد مسار دولة واصلت البناء والتنمية بخطى ثابتة، مستندة إلى رؤية اقتصادية طموحة، وإرادة سياسية واعية، جعلت من الإنسان محور التنمية وغايتها.


وتشارك المملكة العربية السعودية، قيادةً وحكومةً وشعباً، الأشقاء في مملكة البحرين مشاعر الفخر والاعتزاز بهذه المناسبة الوطنية الغالية، تأكيداً لعمق العلاقات الأخوية التاريخية التي تربط البلدين الشقيقين، وتمتد جذورها لعقود طويلة من التعاون والتكامل في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتنموية.

العلاقات السعودية - البحرينية تعكس نموذجاً متقدماً للتعاون الخليجي.

العلاقات السعودية - البحرينية تعكس نموذجاً متقدماً للتعاون الخليجي.

وتعكس العلاقات السعودية - البحرينية نموذجاً متقدماً للتعاون الخليجي، تعزّز عبر الزيارات الرسمية المتبادلة بين قيادتي البلدين، وصولاً إلى العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وأخيه ملك مملكة البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وما شهده هذا العهد من تنسيق مستمر وتوافق في الرؤى تجاه القضايا الإقليمية والدولية.

نهضة شاملة ومصالح إستراتيجية


منذ استقلال مملكة البحرين عام 1971، حققت نهضة تنموية شاملة في مختلف القطاعات، شملت الاقتصاد، والتعليم، والصحة، والبنية التحتية، وأسهمت في بناء اقتصاد حديث ومتنوع، عزّز مكانتها مركزاً تجارياً ومالياً وسياحياً مهماً في المنطقة، مستفيدة من موقعها الجغرافي، وبيئتها التشريعية الجاذبة، وسياساتها الاقتصادية المتوازنة.


وترتكز السياسة الخارجية لمملكة البحرين على مبادئ واضحة، تشمل احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وتعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، وصيانة مصالحها الإستراتيجية، إلى جانب دعم القضايا العربية والإسلامية العادلة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وتعزيز العمل العربي المشترك.

دبلوماسية متزنة ومسار إصلاحي


وواصلت البحرين سياستها الدبلوماسية الهادئة والمتزنة، فنجحت في ترسيخ علاقات متينة مع مختلف دول العالم، ومدّ جسور التعاون والصداقة مع الشعوب، بما ينعكس إيجاباً على مصالحها الوطنية، ويعزز حضورها الفاعل في المحافل الإقليمية والدولية.


وفي الشأن الداخلي، انتهجت البحرين مساراً إصلاحياً قائماً على الدستور وسيادة القانون، وعملت على تحديث منظومتها التشريعية بما يواكب تطلعات التنمية الشاملة، ويعزز المشاركة المجتمعية، ويدعم مبادئ العدالة وتكافؤ الفرص، محققة بذلك تطوراً متسارعاً خلال العقود الخمسة الماضية.


وتُعد «رؤية البحرين الاقتصادية 2030» -التي أُطلقت عام 2008- إطاراً إستراتيجياً شاملاً لمسيرة التنمية، قائمة على 3 مبادئ رئيسية هي: الاستدامة، والتنافسية، والعدالة. وتهدف الرؤية إلى بناء اقتصاد قائم على الإنتاجية، يقوده القطاع الخاص، ويعتمد على الاستثمار في رأس المال البشري، والتعليم، والابتكار.

نمو إيجابي وتنويع اقتصادي


وسجّل الاقتصاد البحريني خلال الربع الثاني من عام 2025 نمواً بنسبة 2.5% بالأسعار الثابتة، و2.3% بالأسعار الجارية على أساس سنوي، مدفوعاً بتحقيق معظم الأنشطة الاقتصادية معدلات نمو إيجابية، حيث تصدرت الأنشطة المهنية والعلمية والتقنية معدلات النمو، تلتها تجارة الجملة والتجزئة، ثم الأنشطة العقارية.


وعلى صعيد الأسعار الجارية، سجلت أنشطة المعلومات والاتصالات، وخدمات الإقامة والطعام معدلات نمو لافتة، بما يعكس تنوع القاعدة الاقتصادية، ونجاح سياسات التنويع الاقتصادي التي انتهجتها البحرين.


وفي مجال الاستثمار الأجنبي المباشر، ارتفع رصيد الاستثمار بنسبة 5.4% خلال الربع الثاني من عام 2025، ليصل إلى نحو 17.5 مليار دينار بحريني، ما يؤكد جاذبية بيئة الأعمال، وفاعلية التشريعات المحفزة للاستثمار.

تقدم ملحوظ بالمؤشرات الدولية


وحققت البحرين تقدماً ملحوظاً في عدد من المؤشرات الدولية، حيث سجلت تحسناً بـ10 مراكز في مؤشر الابتكار العالمي 2025 الصادر عن المنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO)، وجاءت في المرتبة الخامسة عالمياً في مؤشر أداء الاستثمارات الأجنبية المباشرة (غرينفيلد)، إضافة إلى تقدمها في مؤشر التنافسية العالمية الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية (IMD).


وفي قطاع الشباب، حلّت البحرين في المرتبة الثانية عربياً، والثالثة على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مؤشر تنمية الشباب العالمي، ما يعكس نجاح السياسات الموجهة لتمكين الشباب وتنمية قدراتهم، وتعزيز مشاركتهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.


وحققت البحرين إنجازات نوعية في مجال تمكين المرأة، إذ تصدرت مؤشرات الأمم المتحدة المتعلقة بالمساواة بين الجنسين، وإسهام المرأة في قطاع الفضاء، في دلالة على الدور المتنامي للمرأة البحرينية في مختلف القطاعات الحيوية.

مقومات جاذبة وحراك ثقافي


ويحظى القطاع السياحي باهتمام متزايد ضمن برامج التنمية، حيث تعمل هيئة البحرين للسياحة والمعارض على تطوير المنتج السياحي، وتنويع المقومات الجاذبة، ورفع مساهمة السياحة في الناتج المحلي، ضمن إستراتيجية قطاع السياحة (2026 – 2022).


وفي المجال الثقافي، تواصل هيئة البحرين للثقافة والآثار جهودها في حماية التراث الثقافي المادي وغير المادي، ودعم الحراك الثقافي، وتعزيز حضور البحرين على خارطة الثقافة العالمية، بالتوازي مع انضمامها إلى عدد من الاتفاقيات الثقافية الدولية.


وتزخر مملكة البحرين بعديد من القلاع الأثرية مثل: موقع قلعة البحرين، وقلعة الشيخ سلمان بن أحمد الفاتح في الرفاع، وقلعة عراد، وقلعة بوماهر في المحرق، إلى جانب المتاحف الوطنية مثل: متحف البحرين الوطني، أول متحف أنشئ في ‏منطقة الخليج العربي عام 1988، ومتحف موقع قلعة البحرين عام ‏‏2008، ومتحف البريد وغيرها.

اهتمام متنامٍ بالطاقة المتجددة


كما تولي البحرين اهتماماً متنامياً بقطاع الطاقة المتجددة، وتسعى إلى الاستفادة من إمكاناتها في الطاقة الشمسية، ودعم جهود حماية البيئة، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، بما يتماشى مع التوجهات العالمية.


وفي القطاع الصحي، تواصل البحرين تطوير منظومتها الصحية، وتوفير خدمات رعاية متكاملة وفق أعلى المعايير الدولية، مستثمرة في البنية التحتية الطبية، والابتكار الصحي، بما يعزز جودة الحياة للمواطنين والمقيمين.


ويجسّد اليوم الوطني البحريني الـ54 محطةً لاستحضار منجزات الماضي، واستشراف آفاق المستقبل بثقة وطموح، في ظل رؤية اقتصادية واضحة، ومسيرة تنموية متواصلة، تعكس إرادة دولة اختارت الاستثمار في الإنسان، وبناء الحاضر، وصناعة المستقبل.