-A +A
واس (الرياض)
أكد رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، أن قبول المواطن للسياحة وتمكينها ودفعها للأمام كان أسرع بكثير مما توقع البعض، وأن المواطنين في المناطق والمحافظات هم من صنع استراتيجية السياحة الوطنية التي أعدتها الهيئة وأقرتها الدولة عام 2005م ويعملون الآن على تنفيذها.

وقال في كلمته اليوم (الأحد) خلال افتتاح ورشة عمل (إطلاق مشروع تطوير التجربة السياحية)، إن المملكة تملك من القيم الفريدة والمميزات المكانية والجغرافية والقدرات البشرية ما يؤهلها لتكون من أوائل الدول سياحياً في المنطقة.


وجدد التأكيد على أن المهمة الأساسية للهيئة هي إنتاج فرص عمل حقيقية ومقبولة للمواطنين الذين آمنوا بالسياحة الوطنية واحتضنوها وعملوا على جعلها واقعاً متميزاً.

وأبان أن المواطن هو أهم مستهدف على الإطلاق من جهود وبرامج الهيئة، لافتا إلى أن المواطن السعودي هو سر تميز التجربة السياحية في المملكة، فهو المستهدف وهو المستفيد وهو الخط الأول الذي سيتعامل معه السائح في كل المراحل والخدمات، مؤكدا أن الإنجاز الأهم للهيئة هو تهيئة المواطنين والجهات الحكومية للسياحة ونقلهم من مرحلة القبول إلى الاندفاع نحو السياحة والمطالبة بتطويرها.

واعتبر استراتيجية السياحة الوطنية هي الأساس في ما يحدث الآن من مشاريع وتطور سياحي، ولو أن تم العمل على تنفيذها منذ أقرتها الدولة في عام 2005 لكان الوضع مختلفا تماما.

وتابع في حديثه للحضور: "لقد قلنا وقتها بأن السياحة هي قطاع فرص العمل، وأن السياحة مهمة للمواطن والأسرة والمجتمع، وأن السياحة هي الاقتصاد القادم، وقلنا بأن من المهم تطوير السياحة الوطنية عاجلاً حتى لا يتسرب السائح الوطني، وقلنا بأن التراث الحضاري قطاع اقتصادي متكامل، وقلنا بأن التاريخ والحضارة هي أساس الأمم، وأن بلادنا هي أساس الحضارة، وقلنا بأن بلادنا هي قبلة المسلمين ويجب أن تكون وجهتهم الأولى".

وأضاف: "عندما أعلنا عن استراتيجية السياحة الوطنية وما تضمنته من أرقام كان البعض يشكك في هذه الأرقام ويعتقدون أنها أرقام خيالية وغير مقنعة، إلا أن هذه الأرقام التي أعلناها عام 2005 عند اعتماد الاستراتيجية تجاوزناها الآن بمراحل وتحققت رغم ما كنا نعانيه من ضعف التمكين والتمويل لقيام صناعة السياحة الوطنية، والآن ننظر إلى ما كنا نقوله بأن السياحة الوطنية سوف تكون أحد القطاعات الأساسية في تطوير وإنتاج فرص العمل والنمو الاقتصادي وفي توطين المواطنين في مناطقهم لأننا كنا نعتقد ولازلنا وسوف نستمر نعتقد أن المواطن هو أهم محور وأهم سائح مستهدف على الإطلاق، كنا نحذر من تسرب السياح والمواطنين وأسرهم إلى خارج بلادنا وليس فقط تسرب مالي واقتصادي وهذا مهم جداً، لكن أيضاً تسرب فكري واجتماعي كبير جداً، وهذا بدوره انعكس على رؤية المواطن لوطنه، حيث استغلت دول الفراغ الذي نتج عندنا في المملكة من عدم تطوير الخدمات والمشاريع السياحية، وطورت سياحتها وجذبت المواطن السعودي وأغرته، وأصبح هناك حالة انفصال لمعرفة المواطن بوطنه، وخسرنا بناء ذكريات جميلة في اذهان الأجيال عن بلادهم".

وشدد على أهمية تطوير الخدمات والبرامج والرحلات السياحية التي تشجع المواطن على السفر للسياحة في كل مناطق المملكة، مبيناً أن الدولة وعت ذلك والآن نرى التمويل يتدفق على المشاريع السياحية وهذا دليل على قناعة الدولة، وأنها مهتمة في دعم القطاعات التي تسهم في تقليل الاعتماد على النفط وهذا كان مطلب لكل المواطنين، وهذا كان أحد الأهداف الرئيسة لاستراتيجية السياحة الوطنية، والسياحة اليوم لم تعد ترفا بل أصبحت رافداً وقطاعاً اقتصادياً رئيساً، وأصبح لدينا إيمان عميق ليس فقط بقضية السياحة ولكن بقضية ما يمكن أن تقوم به السياحة والتراث الحضاري في تطور وازدها الوطن والمواطن.

وأشار إلى أن الهيئة أسست منظومة متكاملة لقيام صناعة السياحة والتراث الوطني، وأوجدت قطاعات عملت على تأسيسها وتنظيمها مثل مقدمي الخدمات والمرشدين السياحيين، وقطاع السفر والسياحة، ومنظمي الرحلات وتهيئة الشركاء في تعاملهم مع السائح في قطاعات النقل والأمن والمطارات.

وتناول جهود الهيئة في تهيئة جميع الشركاء في المناطق وعلى مستوى المحافظات والبلدات، والانطلاق في مسارات التراث الحضاري، وإقرار جميع الأنظمة والقرارات التي تنظم السياحة ومسارات التراث الحضاري، إضافة إلى العمل الميداني المنظم والمسوحات الشاملة.

وتابع: "نحن لا نبدأ من الصفر، والحراك الذي حدث في السياحة والتراث الوطني لا تدعي الهيئة أنها من عملته وحدها بل أيضا الشركاء والمواطنون".

واعتبر المواطنين هم أفضل الخبراء الذين تستشيرهم الهيئة وتعمل معهم، وأضاف: "نحن لا نقول أننا لا نحتاج الخبراء، لكن البشر في هذه الأرض لديهم تميز وقدرات عالية، هم أهل هذه الأرض التي أختار الله عز وجل أن يخرج الإسلام العظيم منها".

وتنظم الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني ورشة عمل (إطلاق مشروع تطوير التجربة السياحية في المملكة) هذا الأسبوع في الرياض بمشاركة عدد كبير من المسؤولين والمستثمرين في القطاع السياحي إضافة إلى مسئولي الهيئة.

كما يشارك في الورشة عدد من منظمي الرحلات السياحية والمشغلين ومقدمي الخدمات (المحليين والدوليين) الفاعلين في تسويق الوجهات وبيع الرحلات السياحية للزوار من مختلف دول العالم.

وتستضيف الورشة مجموعة من الاستشاريين والخبراء الدوليين الذين عملوا ويعملون مع العديد من الدول على مشاريع تطوير التجارب السياحية.

وتهدف الورشة إلى وضع تفاصيل الخطط التنفيذية لإثراء تجربة السائح المحلي والدولي المتوقع وصوله فور صدور قرار الدولة بمنح التأشيرة السياحية للزوار، بالشكل الذي يضمن إدارة التجربة السياحية بشكل كامل ومتكامل وناجح.

ويقوم ثلاثة استشاريين من إحدى الشركات العالمية بإدارة وتقديم محتوى وأنشطة الورشة بثلاثة مسارات التي تتضمن التجربة السياحية، وتسويق الوجهات، وإدارة الوجهات.

وتأتي هذه الورشة مكملة لما حققته الهيئة من إنجازات منذ تأسيسها، وتسعى إلى توظيف تلك الإنجازات مع إمكانات وأدوار وصلاحيات شركائها بما في ذلك توجهات وجهود المجتمعات المحلية التوّاقة للترحيب بمن سيزور مناطقهم ومدنهم وقراهم، وبالتالي يتم التأسيس لتجارب سياحية ثرية ومتكاملة ومستدامة في المملكة تعكس التنوع في المقومات السياحية للمملكة (التراثية والبيئية والثقافية)، بحيث تحقق المسارات والمنتجات والخدمات أعلى مستويات الرضا لدى السياح.

ويهدف مشروع تطوير التجربة السياحية الذي أطلقته الهيئة إلى تهيئة منظومة الشركاء المعنيين بتنمية صناعة السياحة والتراث الوطني للتجاوب بشكل شامل ومنظم مع توجه رؤية المملكة 2030 بإقرار منح التأشيرة السياحية للزوار الوافدين من الخارج، وبما يجعل 55-80 في المئة من الزوار الذين يخوضون التجربة السياحية في المملكة يكرّرون التجربة مستقبلاً مرات عديدة وينصحون الآخرين بخوضها، ولضمان الاستفادة من هذه الفرصة الكبيرة في دعم الاقتصاد الوطني وتحقيق الإثراء الثقافي والحضاري للمجتمع المحلي وللزوار على حد سواء.

تجدر الإشارة إلى أن حصة المملكة من سوق السياحة الوافدة إلى الشرق الأوسط بلغت في عام 2017م نسبة 2.4 في المئة (841 ألف سائح من أصل ما يقرب من 35 مليون سائح زاروا المنطقة في تلك السنة)، وتؤكد التوقعات أن استثمار فرصة التجربة السياحية للزوار الوافدين بشكل مستدام ومتصاعد، سيحقق مردود اقتصادي يزيد على سبعة مليارات دولار أمريكي بحلول عام 2025م، وسيتم توفير ما يزيد على 366 ألف فرصة عمل، منها 250 ألف فرصة مباشرة في مجال صناعة السياحة والتراث الوطني.

ولكي يتم تحقيق ذلك، تحتاج المملكة إلى استثمارات تقدر بنحو نحو أربعة مليارات ريال لتطوير وزيادة مرافق الإيواء السياحي: أكثر من 6000 وحدة إيواء سياحي بجودة عالية في عموم المناطق، خصوصا في المدن التي لم تحصل في السابق على استثمارات مجزية في منشآت الإيواء، ومن تلك المدن: الطائف والأحساء وحائل والقصيم وجازان والباحة ونجران والجوف وتبوك والحدود الشمالية.