-A +A
«عكاظ» (الرياض)

واصلت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) مسيرتها الإنمائية خلال 2023 عبر عدد من المبادرات والمشاريع التي أحدثت تغييراً في البنى التحتية لقطاعات المستقبل بالمملكة العربية السعودية، وتعزيز اقتصاد المعرفة من خلال الاستثمار في رأس المال البشري المتمثل في بناء القدرات الوطنية بمجال البيانات والذكاء الاصطناعي، ودعم التحول الرقمي للقطاعات الحكومية بغية تعزيز مكانة المملكة كدولة رائدة في ذلك المجال، وكوجهة عالمية لإنشاء المشاريع القائمة على تقنيات الذكاء الاصطناعي.

وفي ظل تطلعات ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس إدارة الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، كثفت «سدايا» جهودها الرامية إلى تحقيق التوظيف الأمثل لتقنيات البيانات والذكاء الاصطناعي على المستوى الوطني في إطار رؤية السعودية 2030 التي يدخل الذكاء الاصطناعي في 70% من أهدافها، ولتعزّز مكانة المملكة ضمن الاقتصادات القائمة على هذه التقنيات.

وتتويجاً لهذه الجهود نالت «سدايا» في 2023 المركز الأول عالمياً بمجال ركيزة الإستراتيجية الحكومية لمؤشر الذكاء الاصطناعي العالمي، والثاني عالمياً في مجال الوعي المجتمعي بالذكاء الاصطناعي وفقاً لمؤشر جامعة ستانفورد الدولي للذكاء الاصطناعي، وقفزت بمدينة الرياض إلى المرتبة 30 عالمياً والثالثة عربياً في مؤشر IMD للمدن الذكية 2023.

كما نالت شهادات عالمية، منها؛ أربع شهادات من منظمة ICMG الدولية الرائدة بالتميز في هيكلية البنية التقنية في العالم، وشهادة التميز في فئة الوصول إلى المعلومات والمعرفة، وحصول مركز المعلومات الوطني على شهادة الاعتماد الدولي لمراكز البيانات Tier III، وشهادة مستوى النضج الخامس في مجال تطوير البرمجيات، وشهادة مستوى النضج الثالث في مجال تقديم الخدمات، وحصول منصة «إحسان» على جائزة الحكومة الرقمية لأفضل خدمة رقمية عن خدمة «تيسرت».

ولأن الإنسان هو أساس التنمية وغايتها فقد سلطت «سدايا» جهودها خلال 2023 على بناء القدرات الوطنية، لتتمكن عبر إستراتيجية تدريب طويلة المدى من رفع وعي أكثر من 13 ألف مواطن ومواطنة بمجال البيانات والذكاء الاصطناعي مواصلة العطاء في ذلك المجال عام 2024 من خلال برامج وورش عمل، ودورات متنوعة موجهة لمنسوبي الجهات الحكومية وقيادييها، علاوة على إقامة معسكرات طلابية شملت مختلف مراحل التعليم العام والتعليم الجامعي نُفذت داخل المملكة وفي أرقى الجامعات العالمية مثل: أكسفورد، وستانفورد، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالولايات المتحدة الأمريكية.

وفي السياق ذاته أطلقت «سدايا» الأولمبياد الوطني للبرمجة والذكاء الاصطناعي (أذكى) بالشراكة مع وزارة التعليم ومؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع (موهبة) وحقق أكبر رقم قياسي على المستوى الوطني بتسجيل أكثر من 260 ألف طالب وطالبة سعوديين في المرحلتين المتوسطة والثانوية يمثلون أكثر من 10 آلاف مدرسة بالمملكة، الأمر الذي يوضح بجلاء نجاح جهود «سدايا» التوعوية تجاه تقنيات الذكاء الاصطناعي، كذلك دشنت مع مدارس «مسك» وأكاديمية «طويق» مركز الثورة الصناعية الرابعة (أثير) بمدارس «مسك»؛ لبناء جيل من قادة المستقبل من الطلاب والطالبات.

ولزيادة مستوى الوعي نظمت «سدايا» سلسلة ملتقيات ومنتديات الذكاء الاصطناعي بهدف مناقشة واستعراض أبرز التقنيات والابتكارات الحديثة في الذكاء الاصطناعي في عدد من المدن بما فيها؛ الرياض، ومكة المكرمة، وجدة، ورابغ، وحائل، والباحة صاحبها إطلاق عدد من الهاكاثونات، كما أطلقت مسرعة الذكاء الاصطناعي التوليدي بالتعاون مع البرنامج الوطني لتنمية تقنية المعلومات وشركة (New Native) لتسهم في تعزيز عدد من الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي؛ بغرض تطويرها وتسريع عملية دخولها إلى السوق.

وأطلقت سدايا داتاثون البيانات المفتوحة بهدف إيجاد حلول مبتكرة لتحديات الحياة الواقعية من خلال تمكين المواهب الشابة في المملكة وعرض أفكارهم وتطويرها، ونظمت مع جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية «كاوست» المسابقة العالمية للذكاء الاصطناعي للشباب(WAICY)، بالتزامن مع انطلاق المسابقة بمشاركة أكثر من 18 ألف طالب وطالبة من التعليم العام في 40 دولة، وتُوجت المملكة بالمرتبة الأولى نظير نيلها أكبر عدد من الميداليات بالمسابقة، كذلك نظمت المنتدى السعودي للبيانات لنشر الوعي حول البيانات المفتوحة وتأثيرها على قطاع الأعمال في المملكة.

وإلى جانب الطلاب والطالبات، اهتمت «سدايا» بدعم روّاد الأعمال فأطلقت بالتعاون مع الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة «منشآت» وشركة «علم» مبادرة «باقة رواد» التي تهدف إلى دعم رواد الأعمال من مختلف القطاعات والشركات والمؤسسات الناشئة بالمملكة، لتسهيل عملية التحقق من بيانات العملاء الأفراد عن طريق الربط الإلكتروني مع قواعد بيانات مركز المعلومات الوطني، وهي جهود تصب في صالح دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة بتعزيز استخدام هوية المنشأة في القطاعات الناشئة، وتحقيق أعلى مستويات الأمان والموثوقية بعدد مستفيدين بلغ أكثر من 194 شركة.

وأطلقت مع وزارة الداخلية عدداً من المعسكرات التدريبية في علوم البيانات والذكاء الاصطناعي لتأهيل 187 من منسوبي وزارة الداخلية، وإطلاق أول معسكر لتطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي من خلال دمج البيانات في المجال الطبي بالتعاون مع جامعة ستانفورد، ولتهيئة المرأة في العالم لسوق العمل في مجالات البيانات والذكاء الاصطناعي أطلقت «سدايا» برنامج «Elevate» بالتعاون مع شركة (Google Cloud) الذي يعد البرنامج الأول من نوعه على مستوى العالم للتدريب، والتحقت به في مرحلته الأولى 1000 امرأة يمثلن 28 دولة لتدريبهن في مجالات البيانات والذكاء الاصطناعي.

ونشرت «سدايا» مجموعة من التقارير والدراسات باللغة العربية لتثقيف المجتمع بالبيانات والذكاء الاصطناعي وتطبيقاتها المتنوعة بلغت أكثر من 27 إصداراً، منها؛ تقرير عن الذكاء الاصطناعي التوليدي والنماذج اللغوية الكبيرة، ودليل استرشادي حول الذكاء الاصطناعي التوليدي، وتقرير حول الذكاء الاصطناعي التوليدي في التعليم، وأطلقت رادار البيانات والذكاء الاصطناعي لمتابعة أحدث تقنيات البيانات والذكاء الاصطناعي.

وعلى المستوى الدولي عملت «سدايا» جاهدة على النهوض بدورها المناط بها بوصفها المرجع الوطني للبيانات والذكاء الاصطناعي في المملكة وفق خطة إستراتيجية طموحة، فشارك رئيس «سدايا» الدكتور عبدالله بن شرف الغامدي مع وزراء 28 دولة في قمة سلامة الذكاء الاصطناعي التي استضافتها بريطانيا في نوفمبر 2023، وجرى التوقيع على (إعلان بلتشلي) لضمان التطوير والاستخدام الآمن لتقنيات الذكاء الاصطناعي، كما شاركت في أعمال الدورة 217 للمجلس التنفيذي لمنظمة اليونسكو لتستعرض أهمية تطبيق المبادئ والأخلاقيات أثناء استخدام الذكاء الاصطناعي.

ولتعظيم الأثر الدولي لهذه الجهود الوطنية التي تقوم بها «سدايا» في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي، شاركت عبر أجنحة كبرى في أربعة محافل دولية أقيمت في كل من؛ نيودلهي، وباريس، وجنيف، ومدينة برشلونة الإسبانية عرضت خلالها أبرز المشاريع التقنية والتطبيقات التي نفذتها أو أسهمت في بناء بنيتها التقنية للجهات الحكومية لتقدم خدماتها للمستفيدين من مواطنين ومقيمين في المملكة بشكل أفضل وتسهّل استخدام هذه الخدمات، ووجدت إشادة عالمية كبيرة.

وعلى المستوى المحلي أسهمت «سدايا» في دعم الخدمات الرقمية التي تقدمها للقطاعات الحكومية والأفراد منها؛ استضافة 236 مركز بيانات حكومياً في السحابة الحكومية «ديم» التي قدمت أكثر من 5 مليارات ريال فرص وفورات وإيرادات، ومنصة «استشراف» لدعم اتخاذ القرار التي حققت وفورات مالية وصلت إلى أكثر من 51 مليار ريال، ناهيك عن أكثر من 1.8 مليون طلب تحقق من الهوية الرقمية يومياً عبر منصة «نفاذ»، و281 مليون عملية إجرائية عبر منصة «شموس» لتسجيل بيانات عمليات العملاء المتعاملين مع منشآت القطاع الخاص، وتوفير قاعدة بيانات موحدة للجهات المستفيدة من القطاعات الحكومية.

وخلال 2023 دشنت «سدايا» مرحلة جديدة من تطبيق «توكلنا خدمات» بهوية وخدمات وميزات رقمية جديدة مُقدمة للجهات الحكومية والخاصة والأفراد من مواطنين ومقيمين وزوّار للمملكة، كما أطلقت برنامج التحول الوطني المؤشر الوطني للبيانات «نضيء» الذي تم تطويره لتقييم وتتبع تقدم الجهات الحكومية في نضج ممارسات إدارة البيانات والامتثال والمؤشرات التشغيلية، علاوة على النسخة المطورة من منصة البيانات المفتوحة، ومنصة حوكمة البيانات، وكذلك نظام حماية البيانات الشخصية، وأسست ودعمت 207 مكاتب لإدارة البيانات في مختلف الجهات لبناء المناخ التشريعي والتنظيمي لكل ما يتعلق بالبيانات.

وأثناء الحج الماضي عملت «سدايا» على إنشاء منظومة تقنية متقدمة متكاملة مبنية بخوارزميات وطنية بالذكاء الاصطناعي بالشراكة مع وزارة الداخلية ممثلة في مديرية الأمن العام لخدمة ضيوف الرحمن، ووفرت أعلى التجهيزات الرقمية المتعلقة بالبيانات والذكاء الاصطناعي لتأمين راحة الحجاج عبر خدمات رقمية متقدمة مثل؛ منصة «سواهر»، ومنصة «بصير» اللتين تم تطويرهما لتمكين تنظيم الحشود في المسجد الحرام وإدارة الحركة وفقاً للطاقة الاستيعابية في كل موقع، وشملت الجهود بناء خدمات تقنية متكاملة لدعم مبادرة «طريق مكة»، وصالات استقبال الحجاج عبر 15 منفذاً جوياً وبحرياً وبرياً في المملكة وفي مكة المكرمة والطرق المؤدية إليها والمشاعر المقدسة.

ومن الإنجازات التي حققتها «سدايا» في 2023 إطلاق مشروع «عيناي» وهو أحد حلول الذكاء الاصطناعي الرائدة في صحة العين الذي طور محلياً.

وعملت على تحقيق جودة الحياة في مدن المملكة من خلال إنشاء مركز التميُّز للمدن الذكية الذي يضم منصات متعددة، منها؛ «المنصة الوطنية للمدن الذكية»، ومنصة «سواهر» اللتان تشتملان على مؤشرات تشغيلية حية لمتابعة القطاعات الأمنية والحيوية في مدينة الرياض لدعم المشغلين في مراقبة مستوى الخدمات؛ بهدف رفع مستوى جودة الحياة، إضافة إلى توفير مؤشرات إستراتيجية وتحليلات متقدمة ونماذج محاكاة تدعم بناء الخطط والتوجهات المستقبلية في المدن.