علي مكّي
علي مكّي




غابريل غارسيا ماركيز
غابريل غارسيا ماركيز




بابلو نيرودا
بابلو نيرودا




محمود درويش
محمود درويش
-A +A
يعدّها: علي مكّي

* درويش قال عني «ثروة وطنية يجب تأميمها»

* السخرية عندما تترجم يفقد الأدب الكثير !



تكتظ المكتبة العربية في السنوات الأخيرة بمئات الكتب المترجمة وبالذات من اللغات الأشهر مثل الإنجليزية والفرنسية والإسبانية، ولكن هناك مترجما واحدا فقط استطاع أن يصنع لنفسه مدارا خاصا ودلالة رمزية، هذا الاسم هو صالح علماني، الذي ترجم روائع الأدب الإسباني من نيرودا وماركيز حتى يوسا وإيزابيل الليندي وقائمة طويلة من الأسماء جعلت ما أضافه للمكتبة العربية يتجاوز المئة كتاب. وفي هذا الحوار يستعيد علماني لـ«عكاظ» شغف البدايات ويقف على أبرز محطات المسيرة الطويلة مع الإبداع والترجمة.. فإلى التفاصيل:

• أستاذ صالح دعنا نبدأ من حلمك الأكبر في عالم الترجمة؛ وهو إنشاء بيت للترجمة والمترجمين، ما الذي تبقى من حُلم بيت الترجمة؟

••بقي البيت مشيداً، ولكن على الهيكل، أي أنه لم يكتمل بعد، كونه يحتاج إلى وضع آمن وسلام، وقبل انتهاء الحرب في سورية لا يمكن تحقيق ذلك.

• ما دام البيت مؤجلا هل هناك عمل تتمنى أن تترجمه وتؤجله دائمًا؟

••نعم نعم.

• ما هو؟

••روايتان لكاتب من باراغواي، بدأت بترجمة الأولى ولم أنهها، والرواية الثانية لم أترجمها بعد، اسم الرواية الأولى «ابن الإنسان» والرواية الثانية «أنا الأعلى» أما المؤلف فهو الروائي أوغستو روا باستوس.

• وبعد كل هذا المشوار الطويل مع الترجمة، كيف كانت تجربتك الأولى؟ وكيف تراها الآن؟

••تجربتي الأولى هي الكتاب الصغير لغارسيا ماركيز «ليس لدى الكونيل من يكاتبه»، هذا أول كتاب ترجمته ولقي إقبالًا شديدًا، وهذا ما شجعني على المواصلة بصراحة، المترجم أو الأديب عندما ينجح عمله الأول يجد أن الطريق أمامه أصبح مفتوحًا، ويمكن له أن يستمر، لذلك نجاح العمل الأول مهم جدًّا في المجال الأدبي، وفي أي مجالٍ آخر.

• ألا يلقي هذا صعوبات عليك أن تخشى تعثراً (ما) مثلًا؟ أم أنه يعطيك القوة لمواصلة النجاح؟

••النجاح الأول يمدك بالقوة لكي تستمر، طبعًا التعثرات ممكن أن تأتي فيما بعد، ولكن هذا لا يعني أن العمل الأول هو السبب، فقد تكون أنت السبب، أي أنك لم تطور نفسك بما يتلاءم والجديد، مع أنك تتجاوز ما فعلته في العمل الأول.

• كيف تستعيد شهادة محمود درويش عنك؟

••هذه قصة أخرى. أنا سمعت هذا الكلام من الشاعر أحمد دحبور، لم يقله لي ولم يقله أمامي محمود درويش، بل قاله كما روى لي أحمد دحبور ورواه أيضاً في مقابلة تليفزيونية، حيث كنت قد ترجمت مختارات للشاعر الإسباني رفائيل البرتي وأرسلتها إلى مجلة شؤون فلسطينية مع الشاعر أحمد دحبور، فقال له محمود درويش عندما قرأ القصائد «أين مختبئ هذا الشخص، إنه ثروة وطنية يجب تأميمها». لا أعرف مدى صدق أو صحة هذه الرواية، ولكن أراه مديحاً مهماً أفتخر به إذا كان قاله محمود درويش.

• هل أنت على يقين مطلق بأن خريف البطريرك لغارسيا ماركيز لا تحتاج إلى ترجمةٍ من الإسبانية بعد ترجمة محمد علي اليوسفي لها من الفرنسية؟

••أنا معجب بترجمة محمد علي اليوسفي، معجب جدًّا، لذلك لا أتجرأ أن أترجمها، ولا أظن أنني سأتجاوز ترجمة محمد علي اليوسفي.

• ما هو الكتاب الذي ندمت على ترجمته بصدق؟

••

لا لا، بصدق لا أعتقد أنني ندمت على عمل عملته، ربما أكون ندمت فيما بعد، الآن سأتذكر قصة. هناك عمل ترجمته بكل محبة، لكنّ المؤسسة التي نشرته قدمت عملًا آخر لي لجائزة أدبية، قلت لهم: لماذا هذا العمل؟ العمل الآخر أجمل منه، قال مدير المؤسسة: للأسف اضطررنا أن نبدل كثيرًا من الكلمات، بحيث أسأنا إلى الترجمة، وأنا لم أقرأ الكتاب بعد أن طبع، الناشر تصرف بالكتاب، أنا حتى الآن لا أعرف كيف تصرف في الترجمة.

• لم تقرأ الكتاب بعد الترجمة؟ ألم تراجعه؟

••أنا أتحدث عما بعد الطباعة، لا بعد الترجمة، فبعد الأخيرة أقرؤه عدة مرات، ولكن أنا سلمته لدار النشر فقدموا اسمي لجائزة بكتاب آخر.

• ما هما الكتابان؟

••لن أذكر اسمي الكتابين، وعندما قلت للناشر: لماذا هذا الكتاب أفضل من الآخر؟ قال للأسف نحن غيرنا كثيرًا في الكتاب بناءً على الرقابة عندنا.

• لماذا لم تغرق في عوالم كارلوس فونتيس الذي تحب؟

••كارلوس فونتيس ترجمت له رواية قصيرة جدًّا، نحو 60 صفحة، هي رواية «أورا» وصدرت في مجلة الكرمل، أيضًا من سنوات طويلة أعيد نشرها، وقبل مدة قريبة أعيد طباعتها في مصر عبر جريدة أخبار اليوم ضمن سلسلة كتب صغيرة تطبعها شهرياً أو دورياً.

• لم تجب على سؤالي: لماذا لم تغرق في عوالمه؟

••هو يستحق أن يترجم له أكثر، ولكن غرقت في آخرين، وربما أعود إليه، وهو بنفس الأهمية صراحة، فهم جيل واحد ولهم أهمية واحدة، وكلهم كتاب مهمون.

• ما هو الكتاب الذي كان صدى ترجمته فوق ما توقعت؟ وما هو العمل الذي ظُلم في تلقيه؟

••الكتاب الأول الذي ترجمته لغارسيا ماركيز «ليس لدى الكونيل من يكاتبه»، لقي إعجاباً منقطع النظير لم أكن أتوقعه في الحقيقة، طبعًا وأعمال ماركيز الأخرى فيما بعد لقيت رواجًا أكثر، ولكن لم يعد يفاجئني هذا الرواج والإقبال، أما العمل الذي تمنيت أنني لم أترجمه، فلا يوجد عمل بهذا الوصف؛ لأن كل ما ترجمته كنت راغبًا فيه، ربما العمل الذي غيّر فيه الناشر، ولا أعرف ما الذي غيّره إذا كان قد أساء في التغيير أو أساء للنص، أتمنى لو أنه ترجم، ولكني لم أُعد قراءة الكتاب بعد الطبع، حتى لا أزعج نفسي بتغييرات جديدة.

• هل هذا يعني أن السخرية تفقد الأدب قيمته؟

••السخرية لا تفقد الأدب قيمته ولكن من الصعب ترجمتها؛ لأن الألعاب اللفظية أحيانًا من الصعب أن تجد معادلاً لها بين لغةٍ وأخرى، وإذا ترجمتها حرفياً تظلمها.

• ما هو اسم الكتاب هذا لو سمحت؟

••ألعاب العمر المتقدم، ألعاب العمر المتأخر للكاتب الإسباني لويس لانيرا، وهو كتاب جميل ورائع وأخد جوائز كل جوائز الأدب في إسبانيا حصدها في سنةٍ واحدة.

• من كاتبك الأجمل؟ ولماذا؟

••ماريو بينديتي لأنه خفيف الدم، خفيف الروح، خفيف اللغة، سلس جميل، لغته مطواعة في الترجمة.

• هل تقرأ خارج ترجماتك؟

••طبعًا. وأقرأ كل شيء، أقرأ كثيرًا، لكنني عندما استغرق في عمل تقريبًا تصبح القراءة في المكانة الأخرى في المكانة التالية.

• هل تود ترجمة مقالات وتحقيقات ماركيز الصحفية كاملة؟

••لا، لدى ماركيز ست مجلدات من المقالات الصحفية، اطلعت على مقالات ماركيز الصحفية، حاولت أن أجد ناشراً يترجم مختارات تكون شاملة لماركيز تبدأ منذ أن كان صحفياً مغموراً، وهناك أيضاً مقالاته التي لها علاقة بالعرب، مثل أزمة السويس له مقالة عنها مبدعة، ويختلق أجواء في ذلك الحين لم تكن وسائل الاتصال واسعة، يختلق أن حرباً عالمية ستنشب وينتقل من واشنطن إلى لندن إلى القاهرة إلى باريس وكل قائد من قادة هذه الدول ما موقفه في هذه اللحظة في هذه الليلة كيف يتصلون، كيف يتفادون وقوع الحرب العالمية المدمرة، هو شيء لم يحصل، ولكن لم تكن هناك وسائل اتصال سريعة هو يختلق قصته أو تصوره لما يجري الآن في قضية السويس، مقال آخر عن العرب واختطاف فرنسا لقادة ثورة التحرير الجزائرية القادة الخمسة، هو مقال إبداعي لأن فرنسا تسبب لنفسها أزمة عالمية بسبب هؤلاء الخمسة، ويختلق أجواء ويختلق أحداثاً.

• لماذا لم تنجز الترجمة؟ هل لم تجد دار نشر؟

••لا يمكن أن أترجم هذين المقالين فقط، يجب أن أترجم مختارات شاملة من بدايته حتى النهاية، يعني آخذ في كل مرحلة من مراحل تطوره مجموعة من المقالات.

• من أقرب أصدقائك من كتاب الإسبانية؟

•• إلى روحي؟

• إلى روحك وإلى عملك أيضًا؟

•• بالعمل بارغسوس الذي صار هنالك حديث ولقاء ومودة، أما صديق الروح فهو ماريو بينديتي.

• هل الترجمة موهبة أم أدب؟

•• كلاهما أدب وموهبة كما الكتاب، فالمؤلف يجب أن يكون موهوبًا ويعلي موهبته بإضافات أخرى أو بمؤثرات أخرى، والترجمة دائمًا بها شيء من ذات المترجم شئنا أو أبينا مهما بلغت أمانة المترجم لا بد له أن يضيف شيئًا من ذاته، فللمترجم إضافة روحية في النص كما الكاتب عندما يضع روحه في النص.

• مَن مِن المترجمين الشباب يلفت انتباهك ويذكرك بشبابك؟

•• لا أذكر كل الأسماء صراحة، ولكن هنالك أكثر من مترجم حقيقة، هناك مثلا خالد الجبيلي عن الإنجليزية، وهنالك معاوية عبد المجيد عن الإيطالية، وهو شاب نشط جدًّا، ولغته جميلة، وقد ترجم عن الإيطالية لكارلوس زافون.

• هل هناك عمل ترجمته وتود إعادة النظر فيه من جديد؟

•• والله يمكن كل الأعمال يتمنى الواحد أنه يعيد النظر فيها، فالإنسان يتطور.

• سؤالي، هل هناك كتاب محدد؟

•• يعني مثلًا مئة عام العزلة مستحيل أعيد النظر فيه، لأني كنت قد نضجت كمترجم عندما ترجمته، هذا الكتاب الذي يستحق أن يُعاد النظر فيه إذا كان هنالك عقد، ولكنني لا أشعر أنني بحاجة إلى إعادة النظر بهذا الكتاب تحديدًا، ربما كُتب أخرى أتمنى أن أقرأها وأعيد النظر في ترجمتها.

• لماذا ترجمت «الديكاميرون» عن الإيطالية؟

•• هي ليست رواية هي عمل. وهذا الكتاب قرأته في شبابي وهو موجود في كل لغات العالم، لماذا لا يوجد في اللغة العربية، كنت مرة تحدثت مع الأستاذ أنطون مقدسي وكان مديرنا في مديرية التأليف والترجمة بوزارة الثقافة السورية، قلت أتمنى أن أترجم هذا الكتاب، قال لي يا صالح سيبك هذا الكتاب لن يتجرأوا على نشره، ومضت سنوات وذات يوم قررت وقلت سأترجمه وإذا وجدت ناشرًا ينشره سأنشره وإذا لم أجد لن أخسر شيئًا، إذ سيقرؤه أصدقائي، ترجمت الكتاب ووجدت ناشرًا وراجع الكتاب، الآن صدرت له ترجمة عن الإيطالية في مصر.

• مترجم آخر؟

•• مترجم آخر نعم أنا ترجمته عن الإسبانية، والأصل مكتوب في الإيطالية ربما تكون تلك الترجمة أفضل، ولكنه نوه بترجمتي، فالحق يقال قرأت المقدمة ووجدته يقول إن هنالك ترجمة لصالح علماني عن الإسبانية.

• ماذا يعني لك «الديكاميرون»؟

•• أحد الأعمال الإنسانية الكبرى في الأدب العالمي، والذي لا يمكن أن تكتمل مكتبة أي شعب من الشعوب إلا بترجمة هذه الأمهات وهذه المصادر وهذه الكتب الأساسية مثله مثل أعمال شكسبير، يجب أن تترجم إلى كل اللغات، ولم يكن هذا الكتاب قد ترجم إلى العربية، ترجم منه قصص في الخمسينات أظن أو في الستينات في مصر سابقًا، ولكن لم يترجم الكتاب ككتاب كامل، لأول مرة كانت ترجمته عن الإسبانية هي ترجمتي، ثم ترجم أخيرًا في مصر عن الإيطالية.

• ألا يستحق نيرودا أن تترجم أعماله الكاملة؟

•• والله نيرودا يستحق، وأنا حزين أن نيرودا لم يترجم بشكل منهجي، ترجم بشكل متقطع.

• يعني بشكل عشوائي ربما؟

•• عشوائي نعم، ويجب أن يترجم بشكل منهجي.

• كرة القدم في الشمس والظل وإدواردو غاليانو عمومًا ماذا يعنيان لك؟

•• إدواردو غاليانو أحد رموز هذا العصر بكلماته القليلة البسيطة المباشرة التي تدخل الروح فورًا يمنحنا رؤية جديدة للعالم، إدواردو غاليانو شاعر يكتب النثر.

• بعد كل هذه المسيرة ألا ترى أن الوقت قد حان لتكتب سيرتك في الحياة والترجمة؟

•• أحيانًا أفكر في ذلك، ولكن لا أظن أن لدي ما أقدمه بصراحة تجربتي موجودة في الترجمات التي قمت بها، لا حاجة لتفسيرها أو لتقديمها، في إحدى المرات فكرت أن أكتب حول تجربتي في الترجمة ولكنها لن تفيد كثيرًا؛ لأن المترجمين سيقعون في الأخطاء وسيتعلمون من أخطائهم، ولا يمكن لكل تجارب الدنيا أن تغير شيئًا، المترجم مثل أي عمل منذ بداية البشرية، كل إنسان يخطئ ويصحح من أخطائه، يصحح مسيرته من أخطاء، إذن يجب أن نخطئ ونصحح أخطاءنا.

• أنت صالح ولكنك علماني، هل ترى أن اسمك تهمة أم هو عنوان لصلاحك؟

•• البعض ينظرون إلى الاسم كتهمة، أنت علماني يعني أنت كافر، أقول لهم بكل بساطة أنا من قرية تدعى (عَلْما) وأضيفت النون والياء للنسبة.

• هل أوقعك الاسم في مواقف محرجة مثلًا؟

•• لا لا، أنا آخذ الأمور بسخرية أحيانًا في بعض المتعسفين، من أين تأتي بهذا الاسم؟ لماذا هذا الاسم؟ قريتي تسمى (عَلْما). وجدي انتقل إلى قرية أخرى وأسموه العلماني، كانت الأسماء تسمى الاسم واسم الأب واسم الجد، أصبح لنا نسبة إلى علماني، وعلما قرية في فلسطين موجودة في إصبع الجليل في شمال فلسطين، وموجودة في حران علما أخرى وموجود في جنوب لبنان علما ثالثة، إذن العلمات كثيرات في منطقة سورية الكبرى. ثم إنني لا أعرف لماذا يعتبرون العلماني كافراً، العلماني هو المتنور هو الذي يقيم الأمور بعقلانية، وليس بعواطفه، في مجتمعنا يعتبرون العلماني كافرا، لا أعرف من أين جاء هذا التوصيف، هذا الالتباس في المعنى، هذا لعبٌ غير مفهوم.

• أكاد أجزم ومعي أصدقاء كثيرون يشاركوني هذا التصور.. صالح علماني روائي سرقته الترجمة، هل هذا صحيح؟

•• أتمنى ذلك، كنت أحلم بأن أكتب رواية، ولكني لم أستطع، فأنا لا أنفع للكتابة.

• من هي البطلة بطلة إحدى الروايات التي ترجمتها تمنيت أنها حقيقية لتدعوها على العشاء في ذلك المساء؟

•• فارمينا ذاتها بطلة «الحب في زمن الكوليرا» وهي شابة قبل أن تشيخ، لأنها أنا كارنينا ومدام بورفاري، لأنها المرأة الكونية.

• هل سبق أن توقفت في نفس الرواية التي تترجمها متمنياً أن تغير في الأحداث وتعيد صياغتها؟

•• أنا قارئ وهذه أيضًا تخطر لجميع القراء، تجد مفاصل في الرواية ليتني كتبتها بهذه الطريقة بطريقة تختلف عن صالح أو عما كتبها المؤلف.

• وأنت تقرأ عندما تجد مثل هذا وأنت تترجم هل تفعل؟

•• لا. أنا أميل للنص يجب أن ألتزم بالنص. الترجمة أمانة النص.

• نقلت الأدب اللاتيني للعربية لماذا لم تفعل العكس؟

•• هكذا قدري ولم أشأ أن أغيره، ولكن الآن لم أعد قادراً على التغيير خلاص انتهى.

• ألست مقتنعًا بعمل عربي مهم يترجم؟

•• طبعاً، هنالك أعمال كثيرة تستحق أن تترجم.

• أنت عربي، فلماذا لا تنقل أدبك؟

•• لأني بدأت باتجاه وسرت فيه وهذا يجب أن يقوم به آخرون، سيكون هنالك شباب يترجمون الأدب العربي لا تخف، كل شيء في وقته يا صديقي.

• ألا ترى أن ذائقتك الشخصية هي التي تحكمت في ذائقة القارئ العربي للرواية اللاتينية؟

•• ولكني ترجمت لكتاب مختلفين وليس لكاتب معين أحبه، ذائقتي الشخصية لا أظن، ربما يكون لذائقتي الشخصية دور، ولكن ليس دور الحسم؛ لأن التنوع والتعدد في الترجمة كبير جدًّا يعني بين غارسيا ماركيز مثلًا وبارغسوس وإيزابيل الليندي يوجد فرق كبير، رغم أن البعض يجدون أن إيزابيل مثل ماركيز، وهذا غير صحيح فالفارق كبير جدًّا بين أحدهما والآخر.

• لكني سمعت اتهامات أو آراء نقدية لك إنك نمطت العمل اللاتيني، ولم تنقله بتنوعه؟

•• كيف؟ هل هنالك روائيون مثل غارسيا ماركيز وبارغسوس ترجمت معظم أعمالها وهما مختلفان؟ هما مختلفان بالأساليب والأجواء والرؤى والتخيلات، ولكنهما متفقان بأنهما من جيلٍ واحد، ورفيقا طريق لمرحلة لا بأس بها من حياتهما الأدبية وخصوصًا في بدايتهما كانا صديقين حميمين، إذن هما كلٌ منهما قريبٌ من الآخر حتى أنهما كانا يفكران بكتابة رواية مشتركة، ذات مرة فكرا، وحددا الموضوع، وتراسلا حول بعض التفاصيل.

• ما فعلته أنت لم تفعله مؤسسات كاملة في دار مئات الملايين، استطعت وحدك أن تنقل لنا عملًا عظيمًا هل تشعر بالرضا؟

•• أنا راضٍ عما فعلت، راضٍ جدًّا عما فعلت، وأرجو أن قراء هذا العصر وجدوا جدوى في ترجماتي، وأحبوها، لا أدري في الخمسين سنة القادمة إذا كانت ستلقى الرواج نفسه، لا أظن.

• لماذا لا تظن؟

•• لأنه سيكون هناك ترجمات أخرى ربما أفضل تناسب الجيل القادم.

• هل تعتقد أنك تلقيت بحجم ما عطيت؟

•• أكثر بكثير مما أعطيت، محبة الناس لا تعوض يا رجل، لقد نلت محبة الناس في كل مكان يكفي أن أكون في القاهرة ويأتي من يعرفني ويقول هذا صالح علماني، أن أكون في الرياض ويأتي من يريد السلام عليّ، هذه أشياء كبيرة جدًّا، لا تتصور مدى المكاسب، ليست هي المادة، المكاسب هي المكاسب الروحية، هي محبة الناس وأنا نلتها وأفتخر بها.