مواصلة خفض الإنتاج من قبل كبار الدول المنتجة يعزز سعر البرميل في أسواق النفط العالمية، وفي الصورة، امرأة تسير أمام مصفاة نوفوكويبيشفسك. (رويترز)
مواصلة خفض الإنتاج من قبل كبار الدول المنتجة يعزز سعر البرميل في أسواق النفط العالمية، وفي الصورة، امرأة تسير أمام مصفاة نوفوكويبيشفسك. (رويترز)
-A +A
رويترز (لندن)
تحملت السعودية وحلفاؤها في منطقة الخليج كل التخفيضات الإنتاجية تقريبا التي نفذتها منظمة «أوبك» حتى الآن؛ إذ عادت السعودية لتحمل نحو 60 % من عبء التخفيضات الإنتاجية حتى الآن بالمقارنة مع ما وعدت به، لتستأنف بذلك أداء دور المنتج المرن الذي اعتادت القيام به، وتساهم مع حلفائها الكويت، والإمارات، وقطر بنسبة 82 % من إجمالي التخفيضات التي نفذها أعضاء المنظمة بالمقارنة مع النسبة المستهدفة لهذه الدول وهي 68 %، أي أن الزيادة في الخفض وصلت إلى 14 %.

وخفضت السعودية إنتاجها بمقدار 564 ألف برميل يوميا في شهر يناير بنسبة 16 % عن مستوى الخفض الذي تعهدت به في نوفمبر وهو 486 ألف برميل يوميا؛ غير أن أعضاء المنظمة ككل خفضوا الإنتاج بمقدار 958 ألف برميل يوميا فقط أي بما يقل بنسبة 18 % عن التخفيضات الموعودة والتي يبلغ إجماليها 1.164 مليون برميل في اليوم، وفقا لما جاء في المسح الشهري لـ«رويترز».


أما معدلات الالتزام بالتخفيضات بين الدول الأخرى الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول فقد كانت أقل عموما، إذ خفضت الجزائر وفنزويلا إنتاجهما بنسبة 18 % فقط من تخفيضاتهما الموعودة ولم يكن مستوى التزام العراق أعلى كثيرا إذ بلغ 24 %، وذلك باعتبار أن التخفيضات تحسب على أساس متوسط النصف الأول من 2017.

ولايزال بوسع أصحاب الأداء الضعيف إجراء خفض أكبر في إنتاجهم خلال الأشهر المقبلة لتعويض مستوى الالتزام المتدني في يناير، وإن كان هذا يبدو مستبعدا.

وبخفض الإنتاج خفضا كبيرا غطت السعودية والكويت مستوى الالتزام المتدني بين بقية أعضاء المنظمة، وباستثناء هاتين الدولتين بلغ متوسط مستوى الالتزام 50 % فقط في يناير، ويشبه هذا النمط من السلوك ما حدث عام 1999 عندما تحملت السعودية معظم الخفض المقصود بمساعدة من الكويت والإمارات.

وعلى الصعيد الروسي، قلصت روسيا إنتاج النفط بواقع 100 ألف برميل يوميا في يناير لكنها تعتزم زيادة الخفض إلى 300 ألف برميل يوميا بنهاية أبريل في إطار اتفاق مع منظمة البلدان المصدرة للبترول يستهدف دعم أسعار الخام قبل أن يؤكد وزير الطاقة ألكسندر نوفاك بزيادة الخفض من خلال تصريحات أدلى بها أمس (الخميس) قائلا: «إن الشركات الروسية قد تخفض إنتاج النفط بوتيرة أسرع مما تم الاتفاق عليه مع (أوبك) خلال فبراير، ونتوقع أن تلتزم الشركات بالخطط التي تبنتها في البداية. هذا هو السيناريو الأساسي».

وأظهرت بيانات وزارة الطاقة الروسية أمس (الخميس) أن إنتاج البلاد من النفط بلغ 11.11 مليون برميل يوميا في يناير منخفضا من 11.21 مليون برميل يوميا في ديسمبر؛ فيما بلغ الإنتاج 46.992 مليون طن الشهر الماضي مقارنة مع 47.402 مليون طن خلال نفس الشهر.

سباق محموم بين «أوبك» وروسيا على آسيا

استثنت أوبك وروسيا غير العضو في المنظمة، آسيا من تخفيضات في إمدادات النفط جرى التوافق عليها في اتفاق مهم العام الماضي وذلك في مسعى حثيث للحفاظ على حصتيهما في أكبر وأسرع أسواق النفط نموا في العالم.

وكبديل عن الإقدام على هذه الخطوة، تخفض أوبك وروسيا الإمدادات إلى أوروبا والأمريكتين في الوقت الذي تنفذان اتفاقا منسقا لخفض الإمدادات بنحو 1.8 مليون برميل يوميا في مسعى لتقليص وفرة الإمدادات العالمية ورفع أسعار النفط.

وزادت إمدادات منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) النفطية إلى آسيا 7 % في الفترة بين نوفمبر ويناير، إلى 17 مليون برميل يوميا لتلبي ثلثي استهلاك المنطقة من النفط وفقا لما أظهرته بيانات تومسون رويترز.

وبموجب الاتفاق الذي جرى إبرامه في نوفمبر الماضي، تعهدت أوبك بخفض إنتاجها بنحو 1.2 مليون برميل يوميا في النصف الأول من 2017، وتعهد منتجون من خارج المنظمة بينهم روسيا بخفض إضافي بواقع 600 ألف برميل يوميا.

وقال المدير بشركة آيفي جلوبال انرجي للاستشارات في سنغافورة «توشار بانسال» إنه في ما يخص أوبك وبشكل خاص دول الشرق الأوسط فإن آسيا هي سوقهم الأساسية والمتنامية، وآخر ما قد ترغب فيه تلك الدول هو أن يهرع مصدرون مثل روسنفت أو فنزويلا لزيادة حصصهم السوقية في آسيا بينما ينشغل أعضاء أوبك في فتح أسواق جديدة خارج المنطقة.

وبينما يتعين في نهاية المطاف أن تعيد تخفيضات أوبك وروسيا التوازن إلى السوق بعد فائض في المعروض استمر على مدى ثلاث سنوات فإن هذا سيكون أكثر تباطؤا في آسيا ما لم يرتفع الطلب الإقليمي.

وفي مؤشر على وجود وفرة الإمدادات المستمرة في آسيا تظهر بيانات منصة آيكون أن نحو 30 ناقلة عملاقة مستأجرة ترسو في المياه خارج مركزي تجارة النفط في آسيا وهما سنغافورة وجنوب ماليزيا محملة بنحو 55 مليون برميل من النفط وهو ما يكفي لتلبية الطلب الصيني على مدى نحو خمسة أيام.

وظلت آسيا المصدر الرئيسي لنمو الطلب العالمي على النفط على مدى العقدين الماضيين في الوقت الذي شهد فيه الاستهلاك في الدول المتقدمة اقتصاديا ثباتا، لذلك تزيد أوبك إمداداتها إلى آسيا في وقت أعادت روسيا توجيه جزء كبير من إنتاجها المتزايد صوب الصين ومنطقة آسيا على مدى السنوات العشر الماضية، وتفوقت روسيا على السعودية كأكبر مورد للنفط إلى الصين في العام الماضي لتصدر 1.05 مليون برميل يوميا من النفط الخام مقابل 1.02 مليون برميل تصدرها السعودية.

وتتناقض الزيادة في عقود الإمدادات الآسيوية مع خفض إنتاج أوبك عالميا بأكثر من مليون برميل يوميا في يناير؛ ما يثير دهشة مراقبي السوق خصوصا في ظل معدل التزام بالتخفيضات يتجاوز 80 %.