-A +A
أمل السعيد (الرياض) amal222424@

أعلن الاتحاد السعودي لكرة القدم رسميا انطلاق عمل مونيكا ستاب، أوّل مدربة لمنتخب كرة القدم للسيدات في تاريخ المملكة، في حدث خاص عُقد في مركز الاتحاد. وتُعد المدربة الألمانية من رائدات تطوير كرة القدم النسائية في مختلف أنحاء العالم، وتحمل رصيداً واسعاً من الخبرات المتنوعة في عالم كرة القدم الاحترافية وتدريب المنتخبات الوطنية وإدارة الأندية وشغل المناصب التنفيذية رفيعة المستوى.

وحظي مشهد كرة القدم النسائية في المملكة العربية السعودية بزخم متزايد، لا سيما بعد تأسيس أول إدارة متخصصة لكرة القدم النسائية عام 2019 تحت إشراف عضو مجلس الإدارة السابق أضواء العريفي وبقيادة لمياء بن بهيان، اللاعبة الهاوية السابقة والمحامية المعتمدة وعضو مجلس إدارة الاتحاد السعودي لكرة القدم.

وشهدت الرياضات النسائية في ظلّ رؤية المملكة 2030 المُلهمة زيادة مذهلة في معدلات المشاركة والتفاعل وصلت إلى 149% على مدى الأعوام الأربعة الماضية. ويقوم، حالياً، ما يزيد على 195 ألف فتاة تراوح أعمارهن بين 5 و15 عاماً بممارسة الرياضة بشكل أسبوعي، الأمر الذي أبهر ستاب وزاد من حماسها لتولي المنصب الجديد.

ويعود إعجاب ستاب بالمملكة العربية السعودية لما قبل قبولها بالمنصب الجديد، لا سيما عندما زارتها لتقديم دورة تدريبية لمنح الرخصة التدريبية للمدربات من «الفئة سي»، حيث لمست مقدار الشغف الذي تزخر به المملكة بكرة القدم ومدى الطموح لتطوير قطاع كرة القدم النسائية فيها.

ومنذ تعيينها الشهر الماضي، حرصت ستاب على دراسة جميع جوانب منظومة كرة القدم السعودية عن كثب، إذ زارت المنتخب الوطني لكرة الصالات وأندية كرة القدم النسائية المجتمعية القائمة، كما اجتمعت مع مدربات كرة القدم السعوديات المعتمدات، وأشرفت على الجوانب الفنية لمركز الرياض التدريبي الإقليمي لليافعات.

ومنذ تعيينها، التقت ستاب بوزير الرياضة الأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل، ورئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم ياسر المسحل، والأمين العام إبراهيم القاسم، والمدير الفني للاتحاد ايوان لوبيسكو، وأيضاً مدير عام معهد إعداد القادة ورئيس أكاديمية مهد الرياضية عبدالله حماد، وأخيراً هيرفي رينارد، مدرب المنتخب الوطني الأول لكرة القدم.

وتعليقاً على الخطوة التاريخية بتعيين مونيكا ستاب مدربة للمنتخب الأول للسيدات، قالت لمياء بن بهيان، مديرة إدارة كرة القدم النسائية وعضو مجلس إدارة الاتحاد السعودي لكرة القدم: «بدأنا رحلة مشوقة نحو تطوير كرة القدم النسائية في المملكة العربية السعودية، ونسير بخطى ثابتة وفق استراتيجية تطوير طموحة نتشارك فيها جميعا الشغف والطموح والهمة للارتقاء بكرة القدم النسائية والوصول بها لأعلى المستويات. وبلا شك، يحظى القطاع الرياضي باهتمام ودعم كبيرين تحت الرؤية الطموحة للمملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين وولي عهده الأمين، وهذا الدعم اللامحدود ينبئ بمستقبل مبشر وواعد لكرة القدم النسائية. كما أن اهتمام وزارة الرياضة المباشر لملف كرة القدم النسائية بقيادة الأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل، له دور أساسي في وضع وبناء الأسس المتينة لتنمية وتطوير كرة القدم النسائية. وكنتيجة أولية لهذا الدعم، تم إنشاء إدارة مختصّة بالإشراف على كرة القدم النسائيّة في الاتحاد السعودي لكرة القدم في شهر سبتمبر 2019 وأصبحت الآن كرة القدم النسائية ركيزة أساسية من ركائز استراتيجية تحول كرة القدم السعودية التي أطلقها الاتحاد السعودي لكرة القدم في سبتمبر 2021 بقيادة رئيس الاتحاد ياسر المسحل. وبالنسبة لتعيين ستاب، يعتبر خطوة رائعة للمساهمة في تطوير رياضة كرة القدم النسائية في المملكة، إذ تعتبر ستاب واحدة من أبرز الشخصيات الداعمة لكرة القدم النسائية في مختلف أنحاء العالم وتحمل في جعبتها الكثير من الخبرات والتجارب الثرية في مجال تدريب كرة القدم تمتد إلى 14 عاماً وتشمل 80 دولة في آسيا وأفريقيا وأوروبا وأمريكا الجنوبية وساهمت في تعزيز جهود تطوير كرة القدم النسائية في تلك الدول. ولا يقتصر تعيين ستاب على فقط تأسيس وتطوير وقيادة المنتخب الوطني الأول للسيدات، بل ستساهم ستاب في تأسيس وتطوير ورفع أعداد المدربات السعوديات المرخصات والاشراف عليهن، كما ستتولى ستاب مسؤولية الإشراف الفني على مراكز التدريب الإقليمية لليافعات».

من جانبها، عبرت مدربة المنتخب السعودي ستاب عن سعادتها بالانضمام إلى جهود المملكة في تطوير كرة القدم النسائية، وقالت: «قد لا يدرك الأشخاص الذين لم يسبق لهم زيارة المملكة أهمية هذه الفرصة، التي أعتبرها واحدة من أكثر الفرص حماسة في عالم الرياضة، وأفتخر بحصولي على شرف قيادة المنتخب الوطني الأول للسيدات في المملكة العربية السعودية. ويتمتع السعوديون رجالاً ونساءً وبمختلف أعمارهم بشغف كبير لكرة القدم، إذ تُشكل الرياضة محوراً يجمعهم ويقرب بينهم. وشعرت بهذا الشغف الحقيقي للعبة منذ زيارتي الأولى للمملكة. كما أجد رصيداً هائلاً من الطاقة والأمل والحماس وهو ما يحفزني بشكل شخصي. وتزخر المملكة برصيد هائل من المواهب، إذ يُشكل الشباب تحت سن الـ25 شريحة كبيرة من تعداد سكان الدولة، ما يتيح لنا فرصة هائلة لاستكشاف لاعبين يافعين ورعاية مواهبهم».

وتابعت قائلة: «لاحظت اعتماد المملكة لاستراتيجية طويلة الأمد في هذا الصدد. ولذا، أرى أنّ جميع العناصر المطلوبة لنجاح مساعينا متوفرة، فنحن لا نُحاول الترويج لكرة القدم من نقطة الصفر، إذ أن لا حاجة لنا لذلك، فهي متغلغلة بالفعل في قلوب الناس هُنا، ويعتبرونها رياضتهم الوطنية. وأمّا الآن، فنحن أمام خطة واضحة وفرصة لاغتنام هذه الإمكانات وإعادة رسم ملامح هذه الرياضة في المملكة. وأنا فخورة ومتحمسة لتأدية هذا الدور المتواضع في رحلة واحدة من الدول التي تُسجل أسرع معدلات النمو في القطاع الرياضي في العالم».

وأسهمت الاستثمارات الكبيرة التي خصصتها وزارة الرياضة في المملكة للرياضات النسائية في وضع أساسات راسخة لمستقبل واعد لكرة القدم النسائية في السعودية. ومثّل انطلاق النسخة الأولى من دوري كرة القدم المجتمعي للسيدات 2020، الذي يُنظمه الاتحاد السعودي للرياضة للجميع تحت إشراف الاتحاد السعودي لكرة القدم، لحظة تاريخية ونجاحاً مبهراً مع مشاركة ما يزيد على 600 لاعبة تُمثل 24 فريقاً في ثلاث مدن. كما تم تشكيل المنتخب الوطني لكرة الصالات للسيدات قبل عام واحد، حيث نجح في تحقيق الميدالية البرونزية خلال النسخة السادسة من دورة الألعاب النسائية الخليجية التي استضافتها الكويت. وشارك الفريق لغاية الآن في أربعة معسكرات تدريبية داخلية ومعسكر خارجي واحد في كرواتيا، حيث خاض أربع مباريات ودية ضمن استعداداته للاستحقاقات المستقبلية على الصعيدين الإقليمي والعالمي.

كما بدأ الاتحاد السعودي لكرة القدم بجني ثمار دورات الرخص الفنية ودورات الحكام التي يُنظمها، مع تسجيل أكثر من 90 سيدة كحكم مبتدئ (63 على الملاعب العشبية و27 لكرة الصالات) و59 مدربة معتمدة (41 من حملة رخصة «الفئة سي» و18 من المستوى الأول لكرة الصالات) لدى الاتحاد، إلى جانب زيادة معدلات المشاركة والاهتمام بهذه الاختصاصات في جميع أنحاء المملكة.

من جانب آخر، كشف الاتحاد السعودي لكرة القدم أواخر الشهر الماضي عن استراتيجية تحوّل كرة القدم السعودية، التي تطرح رؤية واضحة لمستقبل كرة القدم في المملكة، لا سيما من خلال الاعتماد على المواهب والطاقات التي يزخر بها الشباب السعودي. وتهدف الاستراتيجية إلى وضع المملكة ضمن مصاف أفضل 20 دولة في كرة القدم في العالم بحلول عام 2034. وتشمل الاستراتيجية، التي تنطلق تحت شعار «كرة القدم، الشغف، الخطة، المستقبل»، سبع ركائز أساسية لمستقبل كرة القدم السعودية، بما فيها خطة طموحة لتطوير كرة القدم النسائية وتوفير فرص جديدة على للهواة والمحترفين.

ويعتزم الاتحاد السعودي لكرة القدم تشكيل منتخب وطني قادر على المنافسة ضمن بطولات كرة القدم التي تُقام على الملاعب العشبية، ضمن خططه المستقبلية التي من المقرر إنجازها بحلول عام 2025. وسيعمل الاتحاد على تعزيز نطاق الهياكل التنافسية من خلال إطلاق منافسة جديدة لكرة القدم على الملاعب العشبية ودوري لكرة الصالات وأكثر من 10 مهرجانات على مدار العام. واستقبل أول مركز إقليمي للتدريب هذا الشهر الفتيات ضمن فئات دون سن 17 و15 و13، بهدف تطوير برامج ممارسة كرة القدم المخصصة للفئات العمرية. ويسعى الاتحاد إلى إطلاق تسعة مراكز جديدة لاستقبال أكثر من 1000 فتاة في مختلف أنحاء المملكة.

وترتقي الخطط الموضوعة إلى تعزيز نسب المشاركة ورفع سوية مهارات لاعبات كرة القدم، كما تركّز في الوقت ذاته على تطوير المنظومة بأكملها، بما في ذلك تطوير وتصميم المسار الخاص بتأهيل المدربات والحكام من السيدات. ويسعى الاتحاد إلى الاستعانة بخبرات نخبة الأخصائيين العالميين لتعزيز أجندة ورش العمل والدورات التدريبية التي يُنظمها بهدف بناء جيل واعد من المدربات والحكام النساء.

تجدر الإشارة إلى أنّ الاقتصاد الرياضي السعودية سجّل نمواً بواقع 174% خلال الأعوام الثلاثة الماضية فقط، بينما ازداد إسهامه في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة بنسبة 22%. ومن المتوقع أن يتواصل هذا التوجه، لا سيما بفضل كرة القدم، التي تُعد الرياضة الأولى في المملكة، ويُمارسها الملايين في مختلف أرجائها.