كريم بنزيما
كريم بنزيما
-A +A
فهد صالح (جدة) fahadoo_s@
من يجلبون الضوء للآخرين لا يمكنهم أن يمنعوه عن أنفسهم.. صيته لا حدود له، يسجل هدفاً جميلاً، ويصنع (جملة) من الأهداف المميزة. نقول في أنفسنا لماذا (رجل الثلج) أساسي!، إنه ببساطة لاعب مدربين؛ يطبق (تكتيك) المدرب بالكامل، يتعامل مع خطة مديره بهدوء وذكاء تام، موهوب ذو تفكير خجول، لكن هل تنقصه الروح، ورغم ذلك أفضل مهاجمي ريال مدريد.

«الرجل النائم»، «كسول»، «رجل الثلج»، «رجل الظل».. قلّ فيه وعنه ما تشاء.. لكنه يسجل الأهداف ويملك رؤية، يعتبر القطعة الأهم في هجوم (الميرنغي)، ورغم ذلك مدرب منتخبه يرفضه، وكثير يتمنونه في تشكيلة فريقهم.. إنه كريم بن زيما:


الفرنسي كريم بن زيما (الجزائري الأصل) الذي تفجر إبداعاً بقوة بعدما عانى الأمرين رفقة الفريق (الملكي).. واحد من أهم اللاعبين في فريق ريال مدريد خلال السنوات الأخيرة، ورغم تألقه لم يكن دوره محسوساً بسبب خطف البرتغالي كريستيانو رونالدو الأضواء عندما كان لاعباً في صفوف الفريق الملكي.

انضم في عام 2009؛ العام الذي أعلن ريال مدريد عن تعاقده مع الثنائي البرتغالي رونالدو والبرازيلي كاكا، ورحل النجمان واستمر (البنز) مع الفريق الملكي حتى الآن. ومنذ انضمامه، قدم مستويات مميزة في أغلب فتراته داخل قلعة السانتياغو، وكان منذ ارتدائه القميص الأبيض أهم نجوم الفريق (لدى المدربين) وأكثرهم مجهوداً. ورغم ذلك، لم يتصدر المشهد، كان دائماً في ظل البرتغالي رونالدو الذي خطف الأضواء بأهدافه الكثيرة وأرقامه القياسية التي نجح في تحطيهما، والتي جعلته يحصل على العديد من الجوائز الفردية.

فنجاح رونالدو الكبير والتاريخي خلال فترة تواجده في ريال مدريد كان لبنزيما دور كبير في تحقيقه، بتحركاته داخل منطقة الجزاء وخارجها، التي منحت للبرتغالي الفرص لتسجيل الأهداف. وتوضح الأرقام الفارق بين بنزيما في ظل تواجد رونالدو داخل ريال مدريد وبعد رحيل الدون عن صفوف الفريق الملكي؛ ففي موسم 2018-2019، ورغم عدم تتويج ريال مدريد بأي لقب، سجل بنزيما 30 هدفاً، وصنع 11، بعد مشاركته في 57 مباراة بمختلف المسابقات مع الفريق الملكي. وفي الموسم الحالي 2019-2020، أصبح أحد المهاجمين الذين لم يخيب أمل ريال مدريد في الرهان على اللقب، كان بارزاً دائماً وتمكن من تحقيق 21 هدفاً وثماني تمريرات حاسمة، ناهيك عن قيمته الكبيرة للعب والربط مع الآخرين (صانع لعب أنيق وبدقة واحترافية) وغير الأناني، بالإضافة إلى قيادة خط الوسط!، يسقط بانتظام الى خط الوسط أو ينجرف إلى الجناح الأيسر للاندماج مع زملائه في الفريق، الذين يقدرون بشكل كبير قدرته على إيجاد مساحة والحفاظ على الاستحواذ بالكرة. حيث جعلهم أفضل، وكان فهمه المتزايد مع هازارد مبهجاً بشكل خاص، في حين أن البرازيليين (الجناحين) فينيسيوس ورودريجو يزدهران أيضاً تحت قيادته.

نعم استفاد بنزيما -بلا شك- من رحيل رونالدو، حيث أصبح الآن قادراً على العمل كنقطة محورية في اللعب المهاجم للفريق بدلاً من توقعه بشكل رئيسي لخدمة النجم البرتغالي.

خادم الفريق

إمكانيات ابن زيما كثيرة وكبيرة؛ لاعب يعود لخط المنتصف في أكثر لحظات المباراة للمساندة واللعب كما (لوكا وكروس).. لكن من نقطة الهجوم.

ليس من نوعية اللاعبين الباحثين عن الأهداف، ينتظر فرصة من أجل التمرير أو أن يسجل هدفاً مثالياً، بل يعاتب زملاءه بقصد التمرير إذا كان موقعهم للتسجيل أفضل، فالأهم -في رأيه- الكيان لا اللاعب.. كما دقة تسديده مميزة جدا، فإنه يستطيع التخلص من لاعب ويقع تحت ضغط لاعب آخر أمام المرمى ويسجل هدفا دون أي عناء..

مهاجم غير (كريم) تأتي له الفرص كرشِّ المطر ويضيع أكثرها، وهذه (قاصمة) ابن زيما؛ لأنه لا يلعب بطريقة المهاجمين، ليس (لاعب صندوق) فقط، يساعد لاعبي الدائرة ويتبادل التمريرات التي يعشق تناولها مع زملائه بشكل متسارع يربك بها الخصم، ارتداده يمنح الفرصة للاعبي الوسط للتقدم أو حتى (المدافعين) كمارسيلو، وأخْذ مكانه من أجل أن يتوغل إلى منطقة الجزاء.. فينشغل مدافعو الخصم بمثل هذه الكرات.

بشكل حاسم، بقي لائقاً بما يكفي للعب دقائق أكثر من أي لاعب آخر، جنباً إلى جنب مع كاسميرو وراموس، إذ ليس لديهم في الفريق بديل طبيعي.

تكتيكي أحبط البرغوث

كريم يجعل جلّ لاعبي فريقه هدافين.. ليس كسولا، يفعل العديد من الأشياء المهمة مع ريال مدريد، لاعب تكتيكي، يصعب فهم أدواره إلا لو ركزت عليه بشكل مباشر. يقوم بأدوار تكتيكية تجعله متفرداً من نوعه في كرة القدم الحديثة، التي صار فيها اللاعبون التكتيكيون بقيمة كبيرة جداً، ويتمنى أي مدرب أن يمتلكهم، فالكرة لم تعد مجرد تسجيل أهداف، ولكن هناك أدوار تكتيكية مهمة تصنع الحدث وترجح كفة فريق على الآخر. وما يلاحظ أن مدربين حاولوا صُنع لاعبين يؤدون دور بنزيما كما فعل مدرب ليفربول كلوب مع فيرمينو المهاجم البرازيلي للريدز. بنزيما هو مدريد، إنه كل شيء في الفريق، سواء من ناحية الحضور أو تسجيل الأهداف الحاسمة والتداخل في كل مباراة، واصل لفته الأنظار هذا الموسم بشكل لافت مع ريال مدريد، وقاد ريال للفوز بلقب الدوري الإسباني رقم 34 في تاريخه، لتتم مقارنته بالنجم الأرجنتيني ميسي، بل وضعه البعض في مكانة أعلى وتفوق أفضل، بعد الموسم المحبط الذي مر به (البرغوث) مع برشلونة. وكما عنونت صحيفة (ماركا) الإسبانية «ليجا بنزيما» وقالت «في حال ما فاز ريال مدريد بهذه الليغا، يجب تسمية الدوري بـ(دوري بنزيما)، لأنه يسيطر على أهم الإحصائيات لـ(فريق زيدان)».

ديكتاتورية ديشامب

يغيب كريم بنزيما عن المنتخب الفرنسي، منذ أكتوبر 2015، ولم يشارك في بطولة أمم أوروبا 2016، ولم يستدعه المدرب الفرنسي ديشامب إلى تصفيات كأس العالم، والنهائيات التي أقيمت في روسيا الصيف الماضي، وحمل المنتخب الفرنسي لقبها. ورغم كل الإشادات التي انهالت على اللاعب من قبل المدربين الذين لعب معهم، يعلل ديشامب رفضه لبنزيما بأن الأمر فني محض.

مشكلة بنزيما مع المنتخب بدأت عام 2015، بعد فضيحة الابتزاز لزميله بالمنتخب (فالبوينا)، واتهام الأخير لبنزيما وثلاثة معه بمحاولة ابتزازه للحصول على أمواله، لكن أحد المبتزين برأ بنزيما، لكن القضية ما زالت مفتوحة لدى القضاء الفرنسي. وحتى اليوم، وعلى الرغم من إسهامه الكبير في تحقيق لقب دوري أبطال أوروبا الموسم الماضي بعد تسجيله لأول أهداف فريقه في النهائي، لا يزال بنزيما موضع الجدل الأكبر بين متابعي كرة القدم بشكل عام ومشجعي ريال مدريد بشكل خاص. ولا يزال ديشامب مصراً على عدم استدعاء مهاجم ريال مدريد، الذي لعب 81 مباراة دولية مع منتخب بلاده وسجل خلالها 27 هدفاً، وأكد مراراً أنه ليست هناك أسباب مقنعة لعدم استدعائه مع المنتخب، وخاصةً بعد إحرازه مع ناديه أربع بطولات في دوري أبطال أوروبا؛ ثلاث منها متتالية.