-A +A
د. خالد العوفي *
يعتبر تخصص علاج الإدمان أحد التخصصات الفرعية للطب النفسي العام مثله مثل تخصص الطب النفسي للأطفال أو الطب النفسي لكبار السن أو الطب النفسي التواصلي وغيرها من التخصصات.. ويركز على التعامل مع شريحة مرضى الإدمان من حيث تقييم حالات التعاطي والإدمان وإجراء الفحوصات والتحاليل الطبية اللازمة لها وتشخيصها وتحديد الخطة العلاجية الملائمة لها.

يعمل الطبيب المختص في علاج الإدمان ضمن فريق علاجي متنوع من أخصائيي علم النفس والاجتماع المدربين في مجال علاج الإدمان.. إضافة إلى المرشد الديني ومرشد التعافي..


يشرف الطبيب على إدارة هذا الفريق الذي قد ينضم إليه في بعض المراكز المتخصصة أخصائي علاج بالعمل الذي يقوم بتدريب وإكساب المرضى بعض المهارات الوظيفية والفنية والحرفية والرسم وغيرها من الأنشطة.. إضافة إلى وجود المدربين الرياضيين..

ويقف جنباً إليهم وبجوارهم التمريض النفسي الذي يراقب ويتابع حالة المرضى الصحية والنفسية ويقدم هذه المعلومات للفريق العلاجي ويساهم في تقديم الدواء للمرضى واحتواء سلوكياتهم.

يتعامل الطبيب المختص في علاج الإدمان مع مرضى الإدمان بسرية تامة كجزء أساسي من أخلاقيات المهنة.. ويقوم بتقييم نوعية المادة الإدمانية المستخدمة سواء كانت منشطة أو مثبطة وتحديد الجرعة والكمية وعدد مرات الاستخدام وطرقها ومدتها ومرحلة التدهور والعلامات التي وصل إليها من أعراض التحمل وزيادة الكمية أو أعراض الانسمام بالجرعة أو الأعراض الانسحابية التي تظهر عند التخفيف أو التوقف..

يقوم الطبيب باستبعاد وجود اضطرابات نفسية وسلوكية أو اجتماعية بيئية أو عضوية مسببة لهذا التعاطي.. أو ظهور اضطرابات نفسية أو عضوية ناتجة عن هذا التعاطي كالأعراض المزاجية والقلق أو الأعراض الذهانية كالهلاوس والاعتقادات والشكوك والسلوكيات الغريبة أو العنيفة وغيرها من الأعراض والاضطرابات المختلفة..

وبناء على العديد من هذه المعطيات يقرر الطبيب مدى حاجة المريض إلى التنويم أو متابعته للبرنامج في العيادات الخارجية أو برامج الرعاية اللاحقة.

يمر المريض بثلاث مراحل مهمة عند التنويم تبدأ بمرحلة إزالة السموم أو ما يسمى «ديتوكس» وهي مرحلة يغلب عليها الجانب الدوائي لعلاج الأعراض الانسحابية كالتقلبات المزاجية والتوتر واختلالات النوم والشهية وغيرها.. والأعراض النفسية كالهلاوس والتهيؤات ونوبات الهوس أو الاكتئاب الحاد.. والأعراض السلوكية كالهياج والعنف والطبية الحادة كالتشنجات والمضاعفات الصحية وسوء التغذية الناتج عن الاستخدام.. وقد تزيد أو تنقص مدة هذه المرحلة عن أسبوعين وفقاً لمدى استقرار حالة المريض ووجود الدافعية لديه.

يبدأ العلاج الفعلي للإدمان بعد تجاوز مرحلة السموم واستقرار الحالة من خلال مرحلة العلاج السلوكي، إذ تعتبر هذه المرحلة انتقالة ما بين مرحلة إزالة السموم ومرحلة التأهيل.. ويحصل المريض على برامج سلوكية جماعية أو فردية تهدف إلى تنشيط وتعزيز دافعية المريض والتركيز على الوعي بمثيرات ومسببات الانتكاسة وكيفية تجنبها أو التعامل معها.. ومعرفة مراحل التعافي ومتطلباته وتحدياته..

المرحلة الثالثة هي مرحلة التأهيل.. وتهدف إلى إعادة تأهيل المريض للتعامل والتكيف مع البيئة الخارجية خارج المستشفى كالأسرة والعمل والأصدقاء.. ويمكن تقديم هذه المرحلة داخل المستشفى ويتخللها منح المريض إجازات مشروطة ومتفق عليها لزيارة أسرته ويتم بعدها إجراء التحاليل لتحديد مدى قدرته على التوقف والتعامل مع الرغبة الشديدة والاشتياق للمادة الإدمانية..

ويمكن تقديمها خارج المستشفى في برامج الرعاية اللاحقة أو قد يتطلب سكن بعض المرضى الذين يعانون من مشكلات أسرية تؤثر على تعافيهم أو الذين يقطنون خارج المدينة في سكن منزل منتصف الطريق.. الذي بدوره يعيد تأهيله فرداً نافعاً لنفسه ووطنه ومجتمعه..

* استشاري الطب النفسي والإدمان نائب المشرف العام على مجمع إرادة والصحة النفسية - خدمات إرادة