حذر تقرير لوكالة «رويترز» من تفشي الجوع في السودان وسط غياب أي مؤشرات على تراجع حدة الحرب، وفي ظل توقعات مؤلمة وصادمة كشفتها مقابلات أجريت مع أكثر من 160 مدنيا عصف بهم القتال، وأكثر من 60 من موظفي الإغاثة وخبراء الأمن الغذائي.
وبحسب التقرير، بات ورق الأشجار طعام المضطرين من سكان بعض المناطق، بعد أن عزّ الغذاء كما هو الحال في مخيم «اللعيت» للنازحين في شمال دارفور، الذي يشهد تدفقا جديدا للنازحين مع اتساع رقعة الحرب بين قوات الجيش السوداني والدعم السريع في عامها الثاني.
وخلصت تقديرات منظمة أطباء بلا حدود إلى وفاة طفل واحد في المتوسط كل ساعتين في مخيم زمزم الضخم للنازحين في شمال دارفور نتيجة المرض وسوء التغذية.
وأفاد التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهو أداة عالمية لرصد الجوع، بأن ما يقرب من 18 مليون شخص في السودان، أي أكثر من ثلث سكان البلاد البالغ عددهم 49 مليونا، يواجهون «مستويات عالية من الانعدام الحاد للأمن الغذائي».
وبحسب التقديرات، فإن من بين هذا العدد هناك نحو 5 ملايين نسمة على شفا المجاعة. ووضع تقرير لمؤسسة كليجندال البحثية الهولندية ثلاثة تصورات للسودان، يرجح أكثرها تفاؤلا أن تعصف المجاعة بـ6% من السكان، وفي أسوأ الحالات سيعاني 40% من المجاعة خلال الجفاف بين مواسم الحصاد، والذي يبدأ في مايو ويستمر حتى سبتمبر.
وأكد التقرير أن أجزاء من السودان أصبحت على شفا مجاعة من صنع الإنسان، إذ انهار قطاع الزراعة في ظل سرقة قوات الدعم السريع المحاصيل من المزارعين، الذين اضطروا للفرار من أراضيهم بسبب أعمال العنف. وصار الجوع سببا آخر للنزوح، وليس القتال وحده.
وكشفت آنيت هوفمان، التي أعدت تقريرا لمؤسسة كليجندال، أن الحرب تسببت في أكبر أزمة جوع في العالم، محذرة من مجاعة لم نشهدها منذ عقود. ففي غرب دارفور، لم يجد المزارعون ما يسد رمقهم سوى البذور التي كانوا قد اشتروها لغرسها، بعد أن نهبت قوات الدعم السريع أراضيهم.
وفي منطقة كردفان، باع البعض أثاثهم وملابسهم للحصول على نقود لشراء الطعام. وفي الخرطوم، لم يجد سكان محاصرون في منازلهم خيارا سوى قطع أوراق الأشجار وغليها وأكلها.
وخلص تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) في مارس الماضي إلى أن السودان شهد انخفاضا بنسبة 46% في إنتاج الحبوب في 2023 مقارنة بالعام السابق. ويتعرض المحصول للنهب في منطقة الجزيرة الواقعة جنوبي العاصمة الخرطوم والتي تسهم بأكثر من نصف إنتاج البلاد من القمح. ويؤدي هذا إلى إفقار المزارعين، ويعرقل قدرتهم على تمويل زراعة محاصيل جديدة.