قوات تركية في سورية
قوات تركية في سورية
-A +A
«عكاظ» (جدة) okaz_online@

طوال الأيام الماضية انشغلت الأوساط السياسية التركية والمعارضة السورية المقربة من أنقرة بتصريحات وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الذي كشف عن لقاء مع وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد في بلغراد في وقت سابق.

لم يعد يعرف أحد ماذا يجري في التوجهات التركية حيال الملف السوري، في ظل التصريحات المتناقضة، ففي المرة الأولى قال جاويش إن ثمة تحويرا في التصريحات حيال العلاقة مع النظام السوري، فهي لا تتجاوز الدعوة إلى الحل السياسي وليس المصالحة مع النظام كما نقلها البعض.

وفي اليوم التالي، شدد على أن النظام السوري لا يريد الحل السياسي لإنهاء الصراع في سورية، ولا يؤمن سوى بالحل العسكري، كما أن المعارضة السورية تثق بتركيا.

في المقابل، ضجت المناطق الخاضعة تحت سيطرة المعارضة السورية بالمظاهرات ضد التصريحات التركية، وظهرت تصريحات من شخصيات مدعومة من أنقرة ترفض البوصلة التركية الجديدة حيال دمشق، وانتشرت الاحتجاجات في كل المناطق التي تنتشر فيها المقرات التركية العسكرية، بل تجاوز الأمر حدودا حمراء في الرفض وبالعلاقة بين المعارضة والحكومة التركية التي كانت طوال السنوات الماضية علاقة عضوية!

وبين التبريرات التركية حول تصريحات أوغلو جاءت أنباء أكثر قسوة من هذه التصريحات، إذ نقلت مصادر إعلامية تركية أنباء عن زيارة دوغو بيرينجيك المقرب من حزب العدالة الحاكم إلى سورية على رأس وفد للقاء بشار الأسد، ليعود الجدل مرة أخرى حول التصريحات التركية التي تغازل النظام السوري.

أمام هذا المشهد المتوتر في العلاقة بين الحكومة التركية وعلى وجه التحديد حزب العدالة والتنمية والمعارضة السورية، ظهر السؤال الكبير: ما هي توجهات البوصلة التركية في الأزمة السورية؟ وهل تريد تركيا فعلا الاقتراب من النظام السوري على مبدأ المصالحة وجر المعارضة السورية معها لمصالحة مع الأسد وطي صفحة الماضي على مبدأ «عفا الله عما سلف» وترك كل مطالب المعارضة جانبا بما فيها المرحلة الانتقالية التي نص عليها بيان مجلس الأمن؟

في كل الأحوال لن يكون أي قرار بالاقتراب من النظام السوري مسألة إقليمية، فالمسألة السورية مسألة دولية باتت كل الدول مشتركة في الحل وفي التأزيم، وبالتالي لا يمكن أن يكون الحل إلا عبر التوافقات الإقليمية والدولية، وإن كان الموقف التركي من النظام السوري نابع من دائرة أستانة مع الجانب الروسي والإيراني، فإن أية عملية اقتراب ليست كاملة ما دامت تخرج عن الدائرة الدولية، خصوصا عن قرار مجلس الأمن 2254 الذي ينص على المرحلة الانتقالية والحكومة المشتركة لكن في ظل انتقال سياسي وليس مصالحة.

كما أنه من الصعب جدا تعويم الأسد مبكرا بعد أن كان رأس المشكلة في الحالة السورية، خصوصا أن قرارات النظام السوري ليست نابعة من إرادة الدولة السورية بقدر ما هي قرارات في الحد الأدنى لوصفها أنها تشاركية مع الحليف الروسي والإيراني، وبالتالي فإن أية علاقة جديدة فهي ترسخ وتمكن النفوذين الروسي والإيراني، وهذا لن يكون حلا عادلا على المستوى السوري.

مع ابتعاد العديد من الدول عن الملف السوري منذ نهاية عام 2016 وسيطرة الجيش والمليشيات الإيرانية على حلب، بقيت تركيا وحيدة في الساحة التي تقع على طول 900 كيلومتر من حدود سورية، وهي تريد إنهاء هذا الملف بأية وسيلة، بعد أن شعرت أنها المعني الأول بحكم الجغرافيا، ومن هنا يمكن فهم التصريحات التركية حيال سورية.