حارة المظلوم.. سارت في تسميتها روايات أسطورية ليست لها حقيقة سوى خيال الناس.
حارة المظلوم.. سارت في تسميتها روايات أسطورية ليست لها حقيقة سوى خيال الناس.
-A +A
زين عنبر (جدة) zain_ambar@
ليست كل الأسماء منطبقة على مسمياتها؛ فالعربُ تُطلق على الصحراء وصف (مفازة) وعلى اللديغ (السليم) والأعمى (بصير)؛ تيمناً وتفاؤلاً، وربما أثارت تسمية حارة المظلوم في مدينة جدة التساؤلات، خصوصا إثر توثيق بعض المصادر مرويات تاريخية، أو حكايات أقرب للأساطير، تُسبب تسمية حارة المظلوم في جدة بهذا الاسم.

بدأت القصة من القرن الهجري الثالث عشر، إذ تذهب رواية إلى أنه بمجرد علم السلطنة العثمانية بنبأ تحرك الأسطول البرتغالي للسيطرة على مدينة جدة، أمرت أهالي جدة ببناء سور يحميها من الغزو، وكان المشرفون على بناء السور يقرعون أبواب البيوت لإيقاظ رجالها، واقتيادهم كرهاً إلى مواقع البناء، فغلب ذات يوم النوم أحد البنائين، ما دفعهم لقتله، وإتمام السور فوق جثته.


وفي رواية أن الباني عبدالكريم، ثار على سخرة الأتراك، وجيّش الأهالي ضدهم، وكانت تؤويه عائلة باناجة، وتم القبض عليه، وسحله بعربة تجرها الجياد على طول الشارع الذي يقع عليه مسجد الشافعي، وصلبه بالقرب من باب المسجد أياماً عدة، فرسم دمه عبارة (مظلوم).

وفي رواية أخرى، أن عام 1134هـ شهد فتنة بين أغوات المدينة ورجال حاميتها من العسكر، بسبب رجل من توابع الأغوات، أراد الانخراط في سلك الجندية، فحِيل بينه وبين ذلك، فغضب الأغوات، وأغلظ بعضهم القول لرجال الحامية، فثارت الفتنة، وتمت ملاحقتهم وإهدار دمائهم، وتحصّن بعضهم في مسجد الشافعي، وتم قتلهم في المسجد، وعُطّلت الصلاة، وتمت ملاحقة مسبب الفتنة، فصدر الأمر بإعدامه، وقُبض عليه هناك ونُفذ فيه حكم الإعدام شنقاً، ودفنوه في الحارة التي تُسمى اليوم (حارة المظلوم) نسبة إليه.

ومما ينافي الظلم، أن حارة المظلوم تضم أسواقاً عريقة؛ منها سوق العلوي، وسوق الجامع، وسوق البدو، وكلها أسواق ذات شهرة تجارية لما كانت وما زالت تمتاز به من نوعية البضائع المتداولة فيها. كما تضم مساجد تاريخية منها مسجد الشافعي -أقدم مساجد جدة- ويُعرفُ أيضاً باسم «المسجد العتيق»، إضافة لمسجد المعمار عند مدخل سوق العلوي من نهاية شارع قابل، ومسجد عثمان بن عفان الذي تجري فيه حفريات أثارية تقوم بها وزارة الثقافة.

ويرى أستاذ التاريخ الدكتور عبدالرحمن العرابي أن حارة المظلوم من أقدم حارات مدينة جدة، وأعرقها فهي تقع بالقلب منها وسارت في تسميتها روايات أسطورية ليست لها حقيقة سوى خيال الناس، موضحاً أن من أشهر معالم حارة المظلوم بيت نصيف التاريخي الذي سكنه الملك عبد العزيز عند دخوله لمدينة جدة وعده معلما تاريخياً ومزاراً لكل عشاق الآثار.