-A +A
عدنان الشبراوي (جدة)Adnanshabrawi@
فرصة وأمل جديد منحتها الأجهزة الرسمية لمخالفي نظام مكافحة التستر التجاري بتمديد تصحيح الأوضاع لمدة 6 أشهر إضافية تبدأ من 23 أغسطس، وتستمر حتى 16 فبراير 2022، وهي الخطوة المهمة التي تهدف إلى إتاحة فرص جديدة للمواطن والمقيم للإفصاح والتصحيح في كل شيء يتعلق بالتستر كي لا يقع تحت طائلة المسؤولية وينأى بنفسه عن العقوبات المقررة.

ويشكل التستر أحد أوجه وأصناف الاقتصاد الخفي الذي عانت منه المملكة، واستهدفت رؤية 2030 مكافحته من خلال البرنامج الوطني للمكافحة برئاسة وزير التجارة، رئيس اللجنة الإشرافية على البرنامج، وتم إطلاق لائحة تصحيح أوضاع مخالفي نظام مكافحة التستر التي منحت المنشآت 6 أشهر بداية من شهر فبراير الماضي حتى أغسطس 2021، ثم مددت المهلة لمدة 6 أشهر إضافية تنتهي في 16 فبراير 2022.


وأوضح البرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري أن طلبات التصحيح الواردة لوزارة التجارة شملت مختلف الأنشطة الاقتصادية، أبرزها تجارة الجملة والتجزئة، المقاولات، خدمات الإقامة والطعام، الصناعات التحويلية، النقل والتخزين، وأنشطة الخدمات الأخرى.

وكشف البرنامج أن الطلبات الواردة تنوعت بين خيارات التصحيح المحددة في اللائحة؛ وهي: الشراكة في المنشأة بين السعودي وغير السعودي، وتسجيل المنشأة باسم غير السعودي، واستمرار السعودي في ممارسة النشاط الاقتصادي بإدخال شريك جديد في المنشأة، وتصرف السعودي في المنشأة، وحصول غير السعودي على الإقامة المميزة، ومغادرة غير السعودي المملكة. وشكّل البرنامج الوطني لمكافحة التستر في وقت سابق فريق عمل مشتركا يتم الإشراف عليه من خلال لجنة إشرافية – وزارية، بمشاركة 11 جهة حكومية مكونة من وزارات التجارة والاستثمار، والموارد البشرية، والداخلية، وهيئة الجمارك، والزكاة والدخل، إضافة لمركز الإقامة المميزة وهيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة، لمعالجة طلبات المتقدمين الراغبين في الاستفادة من المهلة التصحيحية وفق لائحة تتيح للمخالفين تصحيح أوضاعهم والاستفادة من مزاياها بهدف تمكينهم من مزاولة أنشطتهم التجارية بشكل نظامي.

ثمرة الأشهر الـ6..20 مليار ريال

شدد وزير التجارة الدكتور ماجد القصبي على أن الفترة التصحيحية الماضية لأوضاع مخالفي نظام مكافحة التستر أسفرت عن استفادة عدد من المنشآت الكبيرة والمتوسطة، إذ تجاوزت إيراداتها أكثر من 6 مليارات ريال، في إشارة كبيرة إلى نجاح اللائحة التصحيحية في تشجيع الممارسات التجارية غير النظامية على تصحيح أوضاعها. وجاء ذلك في وقت تشير تقديرات إلى احتمالية وصول إيرادات المنشآت التي سيتم تصحيح أوضاعها بنهاية المهلة الممنوحة إلى ما يزيد على 20 مليار ريال في ضوء عدد الطلبات الحالية والمتوقعة خلال الأشهر الستة القادمة.

وأكد القصبي أن موافقة مجلس الوزراء على تمديد العمل تجسد حرص الدولة واهتمامها بإتاحة الفرصة لتصحيح الأوضاع وتحفيز الإقبال للتقدم بطلبات التصحيح والاستفادة من مزايا الفترة التصحيحية والإعفاء من العقوبات المقررة بموجب النظام وما يترتب عليها من عقوبات أخرى ومن دفع ضريبة الدخل بأثر رجعي، وأكد استفادة عدد من المنشآت الكبيرة والمتوسطة تجاوزت إيراداتها السنوية أكثر من 6 مليارات ريال من الفترة التصحيحية خلال الفترة الماضية، وذلك عبر خياري: الشراكة في المنشأة بين السعودي وغير السعودي، وتسجيل المنشأة باسم غير السعودي، مبيناً أن الوزارة تواصل النظر في طلبات تصحيح أوضاع المنشآت في مختلف الأنشطة والقطاعات من جميع الأطراف (السعوديين وغير السعوديين) منذ بداية الفترة التصحيحية.

معالجة الآثار في وقت قصير.. صعب

حث عضو النيابة العامة السابق المحامي صالح مسفر الغامدي المخالفين إلى استثمار الفرصة في تصحيح أوضاع المخالفات في ما يتعلق بالتستر من خلال التقدم إلى وزارة التجارة بطلب التصحيح قبل انتهاء الفترة التصحيحية والاستفادة من المزايا التي قررتها اللائحة، والتي تشمل الإعفاء من العقوبات المقررة في النظام وما يترتب عليها من عقوبات أخرى، والإعفاء من دفع ضريبة الدخل بأثر رجعي، وذلك لضمان مزاولة الأنشطة الاقتصادية بشكل نظامي، وتتم خطوات التصحيح عبر خيارات متعددة من خلال منصة إلكترونية لتقديم الطلبات بالموقع الإلكتروني لوزارة التجارة.

وقال عضو النيابة العامة السابق المحامي أحمد المحارب، إن موضوع التستر التجاري موضوع عميق ويكاد يكون موجودا في كثير من أنواع الأعمال والقطاعات الصناعية والتجارية والمهنية وعلى مستوى المؤسسات الصغيرة والكبيرة بل وحتى العملاقة، وهناك مؤشرات في بعض الحالات على توغل التستر الذي قد يصل إلى حملة بعض الأسهم في الشركات المساهمة العامة وأن ملكيتها أو إدارتها قد لا تعكس وجها صحيحا أو دقيقا للملكيات أو أعضاء مجالس الإدارات، وتوغلت الظاهرة منذ عقود وأصبحت لها انعكاسات اجتماعية واقتصادية وأمنية من الصعب معالجتها في فترة وجيزة، وبالتالي فإن تمديد فترة التصحيح محل الإشادة حيث تحتاج إليها البيوت والشركات والعوائل، خصوصا أن الفترة الماضية كانت تعاني من تقلبات اقتصادية وشديدة منها جائحة كورونا، فالتمديد يعطي فرصة وأهمية كبيرة وبالغة من جميع المتسترين والمتستر عليهم لمعالجة أوضاعهم، خصوصا مع العودة شبه الطبيعية لقطاعات الحياة الاقتصادية.

6 خيارات أمام المخالفين

المدعي العام السابق في وزارة التجارة المحامي سعد مسفر المالكي، أوضح أن لائحة التصحيح تنص على 6 خيارات متاحة للشركات والأفراد من أجل تصحيح وضعهم القانوني في ما يتعلق بالتستر التجاري دون عقوبة، أما بعد ذلك تتعرض الجهات المخالفة التي لا تلتزم بنظام مكافحة التستر لعقوبات قاسية. وبشكل عام، يتعرض المخالفون للسجن لمدة تصل إلى 5 سنوات أو غرامة لا تزيد على 5 ملايين ريال، بالإضافة إلى دفع الزكاة والضرائب والرسوم المفروضة، والترحيل لغير السعوديين، مع منع المخالفين من مزاولة أي نشاط تجاري في المملكة لمدة تصل إلى 5 سنوات. وأضاف المحامي المالكي أن فترة التصحيح متاحة للسعودي أو غير السعودي عبر إعفاء من يتقدم بطلب تصحيح أوضاعه من العقوبات المقررة في النظام، ومن دفع ضريبة الدخل بأثر رجعي ولا يعفى من تم ضبطه بارتكابه جريمة أو مخالفة لنظام مكافحة التستر قبل التقدم بطلب تصحيح وضعه، أو من أحيل إلى النيابة العامة، أو المحكمة المختصة.

وقال المحامي أحمد الراشد، إن التصدي للاقتصاد الخفي سيسهم في دفع العجلة الاقتصادية ويوفر وظائف جديدة، إضافة إلى تصحيح أوضاع المنشآت. فيما أكدت المحامية سمية الهندي أن فرصة التمديد مهلة إضافية مهمة للاستفادة من التسهيلات والإعفاءات من البرنامج الوطني لمكافحة التستر ويحقق مكاسب اقتصادية واجتماعية للوطن، فضلا عن تعزيز التنافسية في الأسواق واستقطاب وتوطين الكفاءات.

ماذا قال البنك الدولي ؟

أوضح تقرير للبنك الدولي أن آثار التستر التجاري على الاقتصاد تتمثل في انخفاض مؤشرات الناتج ومتوسطات الدخل والتشغيل في الدول التي يزيد فيها النشاط غير النظامي على مثيلاتها، وينعكس سلباً على تراجع النمو ومدى انفتاح قطاعات التجارة الداخلية والخارجية، إضافة إلى كونه بيئة خصبة للعديد من الجرائم والمخالفات وتداول السلع المغشوشة. ويمثل دخول المنشآت لمنظومة اقتصاد المملكة دفعة جديدة تساهم في نمو الاقتصاد الوطني من خلال ضخ سيولة مالية رسمية تساهم في جودة المؤشرات الاقتصادية.

اتحاد الغرف: 8 فوائد للتصحيح

دعا اتحاد الغرف السعودية المنشآت التجارية المخالفة لنظام التستر التجاري لتصحيح أوضاعها، بعد صدور قرار التمديد لمدة ستة أشهر إضافية. وبين أن تمديد المهلة التصحيحية لمخالفي نظام مكافحة التستر لمدة 6 أشهر يتيح الفرصة من جديد ويشجع أكبر عدد من المنشآت التجارية للتقدم بطلبات لتصحيح أوضاعها والعمل في السوق السعودية بشكل نظامي وفقاً للأنظمة، فضلاً عن استفادتها من حوافز ومزايا الفترة التصحيحية والمتمثلة في استمرار النشاط التجاري والإعفاء من العقوبات المقررة والإعفاء من ضريبة الدخل بأثر رجعي وحرية مزاولة الأنشطة التجارية الأخرى ونظامية التصرف بالأموال التجارية والاستقرار والتوسع في النشاط.

وأكد الاتحاد على المنشآت التجارية بالمملكة كافة أهمية التعاون والاستجابة بالاستفادة من المهلة التصحيحية الجديدة والمسارعة بتقديم طلباتها من خلال الموقع الإلكتروني لوزارة التجارة أو من خلال مراكز الأعمال وفروع وزارة التجارة بجميع مناطق المملكة.