-A +A
سعيد السريحي
يحكى أن حريقا نشب في إحدى الغابات، وحين حاولت الحيوانات الفرار اعترض طريقها نهر لم تكن قادرة على عبوره، صرخ الفيل: علينا أن نبحث عن جذع شجرة ضخمة نعبر عليه، وحين تحركت الحيوانات بحثا عن ذلك الجذع صرخ بهم الأرنب: لسنا بحاجة إلى نضييع الوقت بحثا عن جذع شجرة، يكفينا غصن صغير كي نعبر عليه، وانقسمت الحيوانات بين مؤيد للفيل ومؤيد للأرنب، بين من يؤكد الحاجة إلى جذع ومن يرى الاكتفاء بغصن، طال حوارهم وجدالهم بينما النيران تقترب منهم ثم التفتوا جميعا ليروا الحمار وهو مطرق يفكر دون أن يشاركهم حوارهم أو ينضم إلى أي طرف منهم فاختاروا أن يحتكموا إليه ويأخذوا بما يراه، وحين سألوه فيما ينبغي اعتماده تنحنح ثم قال: قبل أن نتفق على أن نبحث عن غصن أو جذع علينا أن نتفق من حيث المبدأ، هل سنضع هذا الجذع أو ذلك الغصن بطول النهر أم بعرض النهر.

تنتهي القصة عند هذا الحد كي تؤكد على أن المصالح وحدها هي التي تتحكم في الخيارات عند حدوث الأزمات ولذلك كان الفيل يبحث عن جذع يتلاءم مع حجمه ووزنه كي يعبر عليها بينما كان غصن كفيلا بعبور الأرنب عليه، في الأزمات المصالح هي التي تتحكم والحمار وحده هو من يفكر في المبدأ.


وإذا كان العالم يشهد اليوم حريقا في كل زاوية من زواياه فإن علينا أن نعرف أن ما يحكم قراراته وتحالفاته واتفاقياته ومعاهداته إنما هي المصالح التي تحول أعداء الأمس إلى أصدقاء اليوم وأصدقاء الأمس إلى أعداء.

Suraihi@gmail.com