-A +A
أحمد الجميعة
هناك علاقة بين الميول والسمات الشخصية، وهذه العلاقة تحدد معارف واتجاهات وسلوك الأفراد في التعاطي مع الواقع وتداعياته، ويتشكّل معها الفكر الذي يسبق الممارسة في التعبير عن الرأي، ومعرفة حدود النقد، وأسلوب الانتقاد، وبناءً على هذه التفاصيل نبدأ رحلة التقييم للفعل وردوده، والأهم توجهاته، ونصل في النهاية إلى توصيات لتحسين وتطوير الذات لتبقى محل تقدير واحترام وثقة الجميع.

اليوم مع الميول نواجه تحدياً مجتمعياً في التعصّب الرياضي الذي أثّر على السمات الشخصية للكثيرين، وأثّر بشكل أكبر على سمعة ومكانة المملكة، فلم يعد الموضوع نقداً أو انتقاداً بين شخصين يحملان وجهات نظر نتفق أو نختلف عليها، وتنتهي بسلام ونغلق الملف معها، وإنما تحول الموضوع إلى إساءات متكررة ومعلنة في حق الآخرين، وتجاوزاً لا يليق بالكلمات والعبارات والتشكيك في الذمم، وكل ذلك بحثاً عن انتصار ذاتي مشفوعاً بقصص تافهة لحصد الشهرة، وعدد أكبر من المتابعين في شبكات التواصل الاجتماعي.


المملكة اليوم وجهة عالمية في استضافة المناسبات والفعاليات الرياضية في جميع الألعاب، وكان آخرها الإعلان عن تنظيم كأس آسيا 2027، وقبلها السوبر الإيطالي والإسباني، ومنافسات التنس والملاكمة، وفورمولا إي، ورالي حائل، وغيرها من المنافسات الرياضية التي تحولت معها المملكة إلى محط أنظار وإعجاب العالم، بما تحقق من منجزات غير مسبوقة وفي مدة وجيزة؛ وفق رؤية طموحة يقودها سمو ولي العهد، ويشرف على أدق تفاصيلها.

أمام هذه المنجزات والطموحات المستقبلية للرياضة السعودية؛ لا تزال هناك أقلام صحفية ومؤثرون وحتى نخب في صراع ذاتي مع التعصّب الأحمق، والدخول في معارك شخصية مع آخرين على حساب الرياضة السعودية، والغريب جداً أن هذه المعارك الصغيرة جداً مقارنة بما هو أهم للوطن، تحولت إلى إثارة وجدل للرأي العام السعودي، وكأن المجتمع مهووسٌ بهذه التفاصيل التي ليست حتماً على رأس أولوياته، والأخطر أن هذا التعصب تحول أيضاً إلى محتوى سلبي جداً في شبكات التواصل الاجتماعي، ويتناقله جيل من المراهقين والأطفال، وتكرّس لديهم مفهوم التعصّب على أنه رغبة جامحة في الانتصار بغض النظر عن القيم الوطنية، والأخلاق والتربية.

نقترح صياغة مبادرة مشتركة بين خمس وزارات؛ (الداخلية، الإعلام، الرياضة، التعليم، الثقافة)، وتسكن هذه المبادرة بمشروعاتها في وزارة الرياضة كحامل مشعل للموضوع، ونبدأ قبل كل شيء بمراجعة الأنظمة واللوائح ذات العلاقة بموضوع إثارة التعصب الرياضي في المجتمع، ثم نبدأ رحلة جديدة مع التوعية، وأخرى مع العقوبات الرادعة.

لا يمكن لوطن يتجه إليه العالم في المنافسات الرياضية، وهناك عقول ما زالت تكتب بألوانها المفضلة لتسيء إلى هذا الوطن، أو تؤزم أو تثير رأيه العام، ونحن نتفرج عليهم، أو نسمح لهم.. الوطن أهم من كل هؤلاء.