-A +A
خالد السليمان
التغيير الذي أحدثته نتائج الانتخابات اللبنانية قد لا يكون كبيراً بلغة الأرقام، لكن كبير بمقاييس الحسابات اللبنانية، فإن تخترق لوائح لحزب الله وحركة أمل في معاقلها ولو بمقعد واحد هو حدث لافت، كما أن سقوط حلفائه طلال أرسلان ووئام وهاب وفيصل كرامي وأسعد حردان ومروان خيرالدين أشد مرارة من خسارة أغلبيته!

التغيير الذي ينشده اللبنانيون لن تحدثه هذه الانتخابات، ولن يقوم به برلمان فقدت فيه قوى السلطة الخاضعة لحزب الله أغلبيتها، فحزب الله يمسك بخناق لبنان بقوة السلاح دون الحاجة للمؤسسات الشكلية الدالة على الدولة، وسبق أن امتلكت قوى 14 آذار الأغلبية في مجلس سابق وفشلت في انتخاب رئيس أو تشكيل حكومة لا يمنحها حزب الله بركته!


لبنان يحتاج لتغيير أعمق يحرره من أسر الحزب الإيراني الذي يمارس الديمقراطية اللبنانية ما دامت تستجيب لهيمنة ديكتاتوريته، ولعل تصريح محمد رعد الذي حذر فيه الفرقاء من أن يخطئوا حساباتهم -وتذكيره بقاعدة التعايش المشترك التي نسيها في الفترة الماضية- بعد إعلان نتائج الانتخابات رسالة بأن لا شيء سيتغير على أرض الواقع، وكل مقاليد السلطة ستبقى في يد فريق الحزب، وجميع خيوط اللعبة السياسية ستمر من بين أصابعه!

القوات اللبنانية برزت كمنتصر في هذه الانتخابات، لكنه انتصار عاقب فيه الناخبون قوى السلطة أكثر من مكافأتهم قوى المعارضة، فعلى الساحة السياسية اللبنانية يتشابه الأفرقاء أكثر مما يختلفون، فساد سياسي ومتاجرة شعارات واستغلال سلطة وتكريس محاصصة وكسب غنائم حزبية وطائفية باسم الوطنية، أما سعد الحريري فقد ربح في هذه الانتخابات حفظ ماء وجهه، فامتناعه عن المشاركة جنبه معاناة خسارة لا يمكن تفاديها، بينما بقي جنبلاط في مساحته التي لطالما اقتنع بها!

باختصار.. لن تنقذ نتائج الانتخابات لبنان من الغرق، لكنها على الأقل ستمنحه المزيد من الأمل والوقت!