-A +A
هيلة المشوح
بحسب رؤية المملكة ٢٠٣٠ وطبقاً لمعايير جودة الحياة التي تتضمنها الرؤية ويتم البدء بتطبيقها اليوم -فعلياً- فإن تنظيم المدن الكبرى في المملكة العربية السعودية بات ضرورة تحتمها هذه المعايير لينعم المواطن والمقيم بحياة مريحة ورغيدة تراعي السكن في أحياء ذات بنية تحتية عالية المعايير عبر تصاميم حضرية جيدة وسياق بيئي متطور ومناسب لجميع الفئات البشرية، وكل ذلك لن يتحقق دون وقفة حازمة لتطوير الأحياء السكنية داخل هذه المدن وبالطبع الأولوية للمناطق العشوائية التي تشكل عائقاً كبيراً للتنمية وجودة الحياة المنشودة.

بحكم موقع مدينة جدة الجغرافي وملاصقتها لمكة المكرمة محضن الحرم الشريف والمشاعر المقدسة وتوافد الزائرين لأداء مناسك الحج والعمرة وبحكم الكثافة السكانية التي تكونت من الوافدين من مخالفي نظام الإقامة والعمل من عمالة وحجاج ومعتمرين تخلفوا عن العودة إلى بلادهم، فقد شكّلت بعض هذه الجاليات تجمعات سكنية مخالفة لأنظمة الدولة في التملك والسكن في ما يسمى بالعشوائيات السكنية التي باتت تشكل خطراً داهماً تمارس فيها أنواع الجريمة وترويج الممنوعات ومرتعاً للانحرافات بشتى أشكالها، حتى جاء الأمر بإزالة هذه العشوائيات لضمان سلامة وأمن المدينة وسكانها من ما يتجاوز الـ ٦٠ حياً عشوائياً كان من بينها أحياء لم تكن ضمن تلك الأحياء العشوائية بل كان يقطنها سكانها النظاميون حتى هجروها لاحقاً إلى أحياء شمال جدة الحديثة، كحي الرويس الذي يتوسط المدينة وكان حياً متوازناً اجتماعياً وتتوافر فيه جميع الخدمات عند نشأته بخلاف الأحياء الأخرى حتى باتت هدفاً للبناء غير المنظم وبؤرة للممارسات الإجرامية ليصبح الرويس ضمن الأحياء العشوائية التي شملتها أهداف الخطة التطويرية لأمانة جدة مع عدد كبير من الأحياء الأخرى.


بدأت أمانة مدينة جدة في إعداد دراسة للمخطط التنظيمي للأحياء العشوائية منذ سنتين، وذلك خلال ثمانية مشاريع ومخططات تشتمل التصورات لتلك المناطق التي أصبحت تشكل خطراً على قاطنيها والأحياء المجاورة لها بتحولها إلى بؤر لممارسة الجريمة، فضلاً عن الكوارث البيئية التي تجتاحها في مواسم الأمطار حتى دخل قرار إزالة العشوائيات حيز التنفيذ، وأعلنت أمانة جدة مطلع شهر نوفمبر الماضي البدء به تبع ذلك إطلاق ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في شهر ديسمبر الماضي المخطط العام والملامح الرئيسة لمشروع وسط جدة، بإجمالي استثمارات تصل إلى 75 مليار ريال خصصت لتطوير 5.7 مليون متر مربع وذلك بتمويل صندوق الاستثمارات العامة بمشروع استثماري ضخم يهدف إلى صناعة وجهة اقتصادية عالمية في قلب مدينة جدة لتعزيز المكانة الاقتصادية للمدينة وتحقيق قيمة مضافة لاقتصاد البلاد يقدر بـ 47 مليار ريال بحلول عام 2030، ويتضمن المشروع متحفاً ضخماً ودار أوبرا واستاداً رياضياً ومزارع مرجانية وتطوير مناطق سكنية تضم 17 ألف وحدة سكنية ومشاريع فندقية متعددة، بالإضافة إلى 10 مشاريع ترفيهية وسياحية.

أخيراً..

مقابل هذه الخطوات الرائدة لدولة تسعى لتعزيز قيمة الفرد ورفع مستوى حياته بما يتواءم وجودة الحياة للدول المتقدمة حضارياً وإنسانياً، فإن الأولى التعاون لتحقيق هذه الرؤية الرائدة لأجل حياة رغيدة لنا ولأجيالنا القادمة ووقف أي تعاطف مع مروجي الأكاذيب من المنتفعين من هذه الفوضى والعشوائيات السكنية الخطيرة.