-A +A
هيلة المشوح
تعد المملكة العربية السعودية سوقاً استهلاكياً ضخماً وبيئة خصبة جاذبة لكل مستثمر وكل حالم بالشهرة والصعود السريع خصوصاً بين مشاهير السوشال ميديا من الزائرين أو المقيمين، فضلاً عن المشاهير من المواطنين السعوديين، ونظراً لهذا الزخم الكبير الذي اختلط فيه ابن الوطن بالمقيم والذي استغل من بعض ضعاف النفوس ممن تقمصوا الجنسية السعودية واستغلوا الثقة بالسعودي لترويج بضاعتهم إن كانت إعلانات سلع أو منشآت وخلافه، وهذا ليس انتقاصاً بل هو واقع مؤسف وملموس، كوننا مجتمع مضياف ودولة تنفتح على العالم بكافة أجناسه وثقافاته، ولهذه الأسباب نشهد اليوم تجاوزات بعض المشاهير على مواقع التواصل الاجتماعي ونتابع سوياً خليطاً مزعجاً من البشر اخترقوا فضاء التواصل بسرعة البرق ليس لنجاحات تبهر العقول بل لفرقعات بهلوانية تخترق الأذان وتزغلل العيون بتفاهاتها وهزالة محتواها، فهذه مشهورة تزلزل المشهد الاجتماعي بأكاذيب وأحداث وحوادث مختلقة، وتلك تحصد ملايين المتابعين والريالات «بكلمة»، وأخرى تتسلق على الأحداث وكشف الأسرار والخصوصيات لحشد المتابعين والمال أيضاً حتى وصل الحال إلى مؤلفات تفوقت على قصص ألف ليلة وليلة باللعب على مشاعر وعاطفة الناس من خلال قصص الابتزاز والاستغلال والضحية والأشرار... إلخ، وهذا هو حال مشاهير الفلس على مواقع التواصل، فالبقاء للأشطر في النصب والفرقعات وحفلات الصياح والصراخ ومهرجانات البذخ والإعلانات المضللة والغش والتنافس المحموم والثراء الفاحش الذي لايستغرق الوصول إليه سوى بضعة أشهر إن لم تكن عدة أيام!

محدث النعمة آفة حقيقية على نفسه ومجتمعه، خصوصاً إذا كان من بيئة متواضعة الثقافة والتعليم ولم يحظ بتربية كافية لاحترام الناس ومراعاة ظروفهم وإمكانياتهم المادية، هنا التبلد والبذخ سيد الموقف للتعاطي مع المجتمع والجهل والتخبط سلوك يومي لعرض المقتنيات والإسراف في المأكولات والحفلات واختلاق المناسبات لعرض طقوس البذخ والإسراف والتأثير على العامة من صغار السن والشباب واضطرار الكثير من الأسر لمجاراة الجو العام الذي فرضه هؤلاء المشاهير بالتفريط بالمدخرات والقروض وتراكم الديون والظهور بصورة تتنافى وواقعهم وتتماهى وأجواء حمى المشاهير ويومياتهم!


لا شك أن هناك عدداً من المشاهير في مواقع التواصل يحرصون على جمال المحتوى وفائدته ويستثمرون حساباتهم في أطروحات جيدة وواعية ومفيدة للمجتمع واستثنيهم بالطبع مما سبق، ولكن المؤسف أنهم قلة غطت عليها فوضى الفئة المفلسة أدباً وسلوكاً وأخلاقاً، فئة المظاهر والإبهار والصراخ والتجاوزات الأخلاقية والتقمص والكذب والقصص الفانتازية، ولكن الذي يثلج الصدر حقيقةً هو تصدي الجهات الأمنية مشكورة لكل متجاوز وإيقاف الفاسدين والمدلسين منهم وتغريمهم، وهنا لا بد من استحداث أنظمة صارمة ومستدامة لوقف فوضى مشاهير الفلس وذلك حفاظاً على السلم الاجتماعي والحد من الهدر والإسراف وجنون الشراء غير المبرر بين شرائح المجتمع السعودي ذي التاريخ الجميل بتمازجه دون تنافس ممجوج أو تباين طبقي!