-A +A
جميل الذيابي
بإعلان النيابة العامة السعودية أحكام المحكمة الجزائية السعودية (الإثنين) على المتهمين في قضية مقتل الزميل جمال خاشقجي، في إسطنبول، في 2 أكتوبر 2018، تكون السعودية قد ضربت مثالاً للعدالة وحكم سيادة القانون Rule of Law. وهو امتثال يفرضه ذلك القانون، ولم يتم ذلك الامتثال في الخفاء، بل تم في حضور سفراء الدول الكبرى في مجلس الأمن الدولي، وممثلين من تركيا، وعائلة الفقيد ومنظمات إنسانية حقوقية.

وبإعلان الأحكام القابلة للاستئناف، يؤكد القضاء السعودي نزاهته، واستقلاله، وحرصه على درء الشبهات، وإدانة المتهمين، وتبرئة من لم تثبت التهم عليهم.


وقد أوضح وكيل النائب العام السعودي براءة سعود القحطاني، وأحمد عسيري، وإخلاء سبيليهما لعدم وجود أدلة تدينهما.

ومَنْ يعرف سعود القحطاني يعرف رزانته وعلو أخلاقه وحسن سلوكه ومدى تهذيبه، وهو أبعد ما يكون عمّا حاول إعلام الفبركات والتضليل إلصاقه به من أكاذيب في محاكمات إعلامية مسمومة ترميه من كلِّ حدبٍ وصوبٍ بما ليس فيه؛ لاغتيال شخصيته ومواقفه الوطنية، وكذلك كان اللواء عسيري.

كانت المملكة واضحةً في مواقفها وصدقيتها حيال تلك الجريمة، ووصفتها بما يجب، ورفضتها علانيةً، واتخذت من الإجراءات ما يضمن منع تكرارها. وصدقت عهدها حين أعلنت أن القضاء النزيه العادل هو وحده الذي سيكتب النهاية للتسييس الظالم لهذه القضية. وهو موقف صلب تجلّى في استقبال خادم الحرمين الشريفين وولي العهد لأسرة الزميل خاشقجي بعد الحادثة مباشرة، وتأكيدهما أنهما سيأخذان حقّه من مرتكبي الجريمة، وفي ما أدلى به نجلاه صلاح وعبدالله تأكيدٌ على ثقة العائلة في قيادة بلادهم، وعدالة قضائها ونظامها العدلي.

المشكلة أن قضاة الفضائيات المأزومة، والتحريض التركي، ومزاعم المنظمات المناهضة للسعودية يريد كل منها أن تمتثل السعودية لغير سيادتها على ترابها الوطني، وتنفيذ ما يريدون وفق أهوائهم. وبالنسبة لهؤلاء ستبقى السعودية مُدانةً أصابت أم أخطأت.. بل مُدانة سلفاً. وهو عداء غير مبرر للمملكة التي تقوم دبلوماسيتها منذ تأسيسها على مبدأ عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى.

ولا بد من القول إن تركيا قامت بدورٍ عجيبٍ غريبٍ متحاملٍ في قضية خاشقجي، تواصل حتى إخفاق قمة كوالالمبور أخيراً. وقد أعلنت النيابة السعودية ضمن بيانها بعد صدور الأحكام المشار إليها أن تركيا لم تتجاوب مع طلبات التعاون السعودية، باستثناء مرة يتيمة، وهذا يدلل على ما في نفس أردوغان وفريقه.

لا شك أن الجهات التي تشن الحملات المسعورة ضد المملكة لن تتوقف، وقد رأت في حادثة خاشقجي ورقةً رابحةً لشيطنة السعودية وتشويه قادتها وشعبها، وأبرز المستفيدين هما «التركي» و«الإيراني» اللذان اتخذا من دول الشر مطيةً لذلك، ولكن مساعيهما باءت بالخيبة والفشل.

الأكيد أن السعودية دولة كبيرة تعاملت مع الحادثة بشفافية، على رغم أنها قادرة أن تردَّ على كلِّ ناعقٍ وكاذبٍ، ولم تتنصل مطلقاً من التزاماتها تجاه تحقيق العدالة في هذه القضية الجنائية، وسيبقى الحق فيها يعلو، ولن يفلت من المحاسبة والمعاقبة «كائناً من كان».