-A +A
خالد سيف
أسدلت جدة الستار على ستين يوماً متواصلة من موسم الترفيه، عاش خلالها أهل العروس وزوارها أجواء من الفرح.. وفي ليلة وداع للموسم الرياضي الماراثوني كانت مرتقبة؛ خيّم السكون على الطرقات، وتوقف هدير الأمواج، وخلت شواطئها من المتنزهين.. بانتظار صافرة فرح تطلق من ملعب الجوهرة تعلن تحقيق العميد حلم السنين، ومن الرياض تبشر بنجاة قلعة الكؤوس من شبح الهبوط.. ولكن سرعان ما جاءت الأخبار، عكس الأمنيات ومخالفة للتوقعات، لتخيم أجواء من الأسى والحزن من هول الصدمة، ويتقاسم سكان المدينة الحالمة؛ التي أطفأت مصابيحها مبكراً، مشاعر الألم ومرارة الهزيمة.. وبعد أن فاق عشاق الفريقين من غيبوبة السقوط، كان جرح الأهلاويين غائراً، يفوق بمراحل ما تعرض له الاتحاديون من انكسار، وعلت أصوات المجانين؛ بين صيحات استغاثة.. وصرخات استهجان.. على من استقبلوه بالابتسامات وعبارات الترحيب، وتناسوا حفلة السخط التي أجبرته على التنحي خلال تجربة سابقة لم يكتب لها النجاح!.

وعندما هبط الرئيس القديم الجديد في اللحظات الأخيرة في ساحة القلعة رغم إعلان قائمة المرشح الوحيد؛ الذي أمهر ملفه بالموافقة على كافة شروط المنصب ولم يتبقَ إلا الإعلان الرسمي، باركوا مسارعين هذا التغيير المفاجئ وشاركوا في التنصيب بارتياح.. وإلى الآن لم نتعرف على الأسباب التي قلبت المعادلة لصالح الرئيس المتجدد ورفاقه.


لا يستطيع عاقل تجاهل الأخطاء الإدارية التي ارتكبت، وتراجع مستوى فرقة الرعب، وتحولهم إلى بنك نقاط تستدين منه الفرق.. ولم تفلح عمليات التصحيح، واصطدمت مطالبات المحبين بالرفض، وأقفلت الأبواب أمام الناصحين، وتوجست الإدارة خيفةً من تعطيل خططها التي كانت تصدح بها بين تارة وأخرى، كما فشل جيل من الرواد السابقين في التغيير بعد أن طرقوا جميع الأبواب واستنفدوا جميع المحاولات.

ووصل الحال إلى أن تتحدى الإدارة حتى نفسها، وتتمسك بشراع السفينة وسط تلاطم الأمواج، وفقدان قوارب النجاة.. ورغم السقوط خرج صوتها من بين الحطام لتراهن على البقاء والاستمرار مع سبق الإصرار على التجديف.

وعندما بلغ السيل الزُّبى.. تعالت صرخات استغاثة عشاق الراقي يطالبون بإنقاذ سفينتهم، متأملين بأن يهز صدى أصواتهم أركان الرياضة ومسؤوليها، وذهبوا إلى أبعد من ذلك.. مطالبين بربان جديد، ومحاسبة المتسببين،

وأخذوا يرددون:

شبيه الريح.. وش باقي من الآلام..

وش باقي من الأحلام..

وش باقي من الأوهام..

ويرد عليهم لسان حال الربان الغريق:

سنيني يم وقلبي المركب المتعب..

مجاديفي عذاب وهم..

وصبري صبر بحارة بغَوْا في اليم محارة..

ختاما سيعود الراقي شامخاً بين الكبار.. بإرثه ومجانينه متفوقاً بشعبيته على تجاوزات الصغار.