-A +A
عبده خال
لا أحب البرد بتاتا، إلا أن مخيلتي نشطة في العيش في أشد الأماكن برودة.

وحالات الماء (الثلاث) كل منها يحمل أسرارا مغايرة خاصة بها، ومع أن الأصل يعد واحدا، ومع أن لكل منها صورة سائدة في أذهان الناس، بينما ثمة صور أكثر ضراوة عما تظهر عليه.


فالسيولة تشعرك أن الزمن ليست له كتلة، والصلادة تشعرك أن الزمن كتلة صخرية جاثمة على صدرك.

وليس هناك أبشع من أن تتنفس تحت هذا الوضع.

تمنيت لو كنت في جبال الألب الذي أعلن عن ذوبان أنهره الجليدية، ولأنها أمانٍ، أردفت الأماني في أن أكون عالم آثار لاكتشف حياة طمرها الجليد لعشرة آلاف سنة، ماذا يمكن أن تجد من أثر حياتي عند الذوبان؟

وماذا يمكن أن تجد من حياة تكلست تحت ركام من الرمال، مثلا ماذا لو حدث جرف رمال الربع الخالي؟ ماذا ستجد؟

الاكتشاف يأتي بعد مرور حياة قد عشتها، وعانيت منها، فما الذي سيضاف لحياتك بعد الاكتشاف؟

الأصعب أن تكون في زمن غاز، فهو زمن ليس ثابتا، وليس له لون، أو أثر، ولا تسطيع اليقين أنك عبرته، أو عبرك، زمن صعب جدا، فلا يمكن أن تقول فيه:

- أنا مكتشف آثار.

- فهو زمن يتمدد في الحاضر، وطرفاه الماضي والمستقبل.

كل المكان يحتفل بهذا التشتت، ما دامت التصنيفات المائية قابلة أن تكون في حالاتها الثلاث.

أؤكد أني لا أحب البرد، وأضيف أني لا أحب السيولة، ولا الغازية.

قدري أن أكون شاهدا لكل تبدلات الماء!

كاتب سعودي

abdookhal2@yahoo.com