عبدالرحمن موكلي
عبدالرحمن موكلي
الأمير بدر بن فرحان في إحدى المناسبات الثقافية.
الأمير بدر بن فرحان في إحدى المناسبات الثقافية.
عبدالله التعزي
عبدالله التعزي
-A +A
«عكاظ» (الرياض) okaz_online@

شكلت الحالة الثقافية في المملكة، بعد إعلان وزارة الثقافة رؤيتها وتوجهاتها، فضاءات محفزة للإبداع والمبدعين على حد سواء، فالتغيرات التي حدثت خلال العام الماضي حدثت بسرعة تعكس الإنجاز للفريق الحكومي المنفذ لرؤية المملكة 2030، وقد يكون اعتماد أكثر من 80 مهنة ثقافية ضمن التصنيف السعودي الموحد، آخر الفتوحات في الأوساط الثقافية، وتعزيزاً لدعائمها البشرية المحترفة في كافة قطاعاتها، بعد أن ظل أغلبها في «نفق الهواة غير المتفرغين» طيلة العقود الماضية.

ووفقاً لمعلومات حصلت عليها «عكاظ» من مصادر موثوقة، فإن المهن الثقافية المعتمدة أخيراً تتوزع على 9 قطاعات (الأفلام، المتاحف، فنون الطهي، فنون الأزياء، الآثار، الفنون البصرية، الكتب والنشر والمكتبات، الفنون الأدائية، العمارة والتصميم الداخلي) أغلبها لم يكن يحظى بمنسوبين متفرغين، بحسب عاملين في المؤسسات الثقافية في السابق، لتضاف إلى سلسلة من المهن الثقافية في باقي القطاعات.

مهن جديدة لم تكن معترفاً بها فعلى سطح قطاع الأفلام، طفت مهن جديدة لم تكن منظمة في السابق ولا معترفاً بها، كـ«مصمم إضاءة وأخصائي مؤثرات وتركيب صوت وفني مواقع تصوير ومونتاج ومؤثرات خاصة، وربط فقرات وتسجيل ومخرج أفلام ومدير سينما ومصور جوي وفني دبلجة ووسائط متعددة وغيرها». فيما دخلت على قطاع الآثار، الذي يشهد اهتماماً حكومياً متزايداً، مهن عدة كـ«فني ترميم آثار، فني رسم حناء، دهان زخرفي، بناء طين، إدارة عمليات حماية البيئة، وحارس محميات، ومرشد صحراء وغيرها».

وبالإضافة إلى الفنانين التشكيليين والنحاتين ومرممي الأعمال الفنية التي كانت موجودة ضمن تصنيف المهن الفنية المنشور العام الماضي، تمت إضافة عدة مهن في قطاع الفنون البصرية كـ «أمين معرض، مدير معرض فني، فني تصميم معارض، وكيل فنانين، مدرب فنون، مدرب فنون تشكيلية وغيرها». وفي قطاع المتاحف، تمت إضافة مهن كـ «فني وأخصائي ومصنف متاحف، وأخصائي وفني ترميم وثائق ومخطوطات، ومرمم وثائق، وغيرها». وفي فنون الطهي، دخلت مهن جديدة للقطاع، كـ «متذوق أطعمة ومشروبات، وجامع ثمار ونباتات برية للاكتفاء الذاتي، وغيرها»، كما شمل قطاع الأزياء مهنة مستشار الموضة، مصمم نسيج وغيرها من المهن التي ستعزز الاحتراف في القطاع. وفيما يستعد قطاع المكتبات لمشروع ضخم يتمثل في المبادرة التي أطلقها وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود، والتي تستهدف إنشاء 153 مكتبة عامة في المملكة بحلول 2030 وتحويلها إلى منصات ثقافية تفاعلية معززة لمفهوم البيوت الثقافية، ضم القطاع مهناً جديدة، أخصائي وفني مكتبات ومؤلف وغيرها. إضافة إلى العديد من المهن الثقافية كـ «منتج مسرحي، فنان تعبير صامت، مدرب تمثيل».

ويعتبر عبدالرحمن موكلي، مدير جمعية الثقافة والفنون في جازان سابقاً، الذي عزا استقالته من إدارة الجمعية إلى انعدام الدعم، قرار التصنيف المهني للفنانين والأدباء «نقلة حضارية ويواكب رؤية المملكة الجديدة»، حيث يصبح الفنون والإبداع - بكافة أشكاله - عملاً يدر دخلاً اقتصادياً على الكثيرين، وتعطي قيمة للفنانين والمبدعين، وتحفظ الحقوق لكل صاحب مهنة ولكل عمل إبداعي، مؤكداً أن الفعل الإبداعي والفني والثقافي بصورة عامة مرآة الوطن وقيمته العليا عبر الزمن. ويرفض موكلي الإشارة إلى ما كانت عليه المؤسسات الثقافية في السابق، مكتفياً بالقول «تلك أمة قد خلت»، ولا يخفي تفاؤله من مستقبل القطاع الثقافي بالقول «مستقبل محفز جداً وكل مبدع سيجد فرص عمل كثيرة ومناخاً مفتوحاً للتنافس والإبداع». ويضيف «حصلت في السنوات الثلاث الأخيرة متغيرات جميلة ورائدة على كافة الأصعدة ومنها الثقافية لذلك التحول للأفضل هو نتاج تحول كلي».

ومن المتوقع، بحسب مختصين، أن تنتعش القطاعات الثقافية بعد ما يعتبره مثقفون «اعترافاً مؤسسياً» بمهنهم، ما سيشجع المشتغلين في القطاعات الثقافية ورؤوس الأموال من الدخول إلى السوق، خصوصاً أن الفرص الكامنة في الثقافة كبيرة وتدر أرباحاً مغرية.

ويصف مدير جمعية الثقافة والفنون في جدة سابقاً، عبدالله التعزي، في حديثه إلى «عكاظ»، القرار بـ «أكثر من رائع»، بل يعتبر خطوة مهمة جداً في الطريق الصحيح ستتضح نتائجها في الحراك الثقافي المؤسساتي الذي سيرتكز على مخرجات ثقافية مؤهلة ثقافياً ومستقرة مادياً وبصورة تنصهر في النظام الاجتماعي الحالي، مشيراً إلى أنها ستدفع إلى الاتجاه الاحترافي مباشرة، حيث إن التركيز في الثقافة سيكون هو المحور الجوهري. ويضيف التعزي: «نتوقع للمجتمع الثقافي المزيد والسرعة في النمو والتطور خلال السنوات القليلة القادمة وباتجاه متسارع نحو آفاق جمالية غير مسبوقة، لما تحمله المملكة من تنوع اجتماعي وثقافي شعبي ومكاني كبير جداً، ما سيعطي مزيجاً ثقافياً رائعاً». وتضع المهن الثقافية التي اعتمدت أخيراً من مجلس الوزراء عائق التفرغ للعمل الثقافي خلف الحركة الثقافية على أقل تقدير في الوضع الراهن، مع توقع دخول أكبر لرؤوس الأموال المستثمرة في القطاع الذي يضم مساحات كبيرة للتحرك الاستثماري، إذ كانت تعتمد على سبيل المثال جمعيات الثقافة والفنون على «المتعاونين»، ويتقاضى مدير كل جمعية مبالغ زاهدة، بعضهم قدرها بـ «ألفي ريال».

الأمير بدر بن فرحان في إحدى المناسبات الثقافية.