آتٍ لـبَحرِكِ من جفافِ رمالي
فتَهَيَّئي بالمَوجِ لاستقبالي
لا تجزري مَدَّ العناقِ، فـساحلي
هُوَ صورةٌ عن أَوَّلِ الأطلالِ
ظمآنُ دهرٍ في هواكِ وأَعصُرٍ..
ما ضَرَّ لو طالَ العناقُ ليالي؟!
يا كلَّ قافلةٍ تعودُ لأهلها
يا كلَّ مَنْ يُدلُونَ دلوَ وصالِ
عَلَّمْتِنِي الأوطانَ في درسِ الهوى
وشرحتِ لي أبعادَها بدَلالِ:
لم أكتشفْ (لبنانَ) لولا ضحكةٌ
رَسَمَتْهُ في غَمَّازَتَيكِ قُبالي
لم أعرفِ (السُّودانَ) حتَّى قُلتِ لي:
حَدِّدْ على جسدي مكانَ (الخَالِ)!
لم أدرِ ما شكلُ (الخليجِ) على المدى
حتَّى ابْتَسَمْتِ جواهراً ولآلي!
لم تنكشفْ لي (مصرُ) لولا قامةٌ
بِكِ سَافَرَتْ كـ(ـالنيلِ) في الآزالِ!
أمَّا (العراقُ) فبالعناقِ عَرَفْتُهُ
و(الرَّافِدانِ) يُطَوِّقانِ تِلالي!
عَلَّمْتِنِي الأوطانَ ثُمَّ تَرَكْتِنِي
بين الخرائطِ دائمَ التَّرحالِ
***
يا حلوةً نَبَتَ الخيالُ بطَيفِها
من طولِ ما جَلَسَتْ بحقلِ خيالي
كُوني من العنقودِ آخِرَ حَبَّةٍ
أنسَى بها أنَّ النساءَ دوالي
إنِّي أُحِبُّكِ أنتِ؛ حُباً عارياً؛
لا يرتدي حشداً من الأطفالِ!
ما كنتُ قبلَ هواكِ طوداً ينحني
واليومَ قد سَجَدَتْ لديكِ جبالي
ما كنتُ بالنخلِ الطوالِ مُبالياً
واليومَ بالعُشبِ الصغيرِ أُبالي
ما كنتُ قبل هواكِ باباً مُشرَعاً
واليومَ بِتُّ مُخَلَّعَ الأقفالِ
مَرَّ الضحايا من خلاليَ فاقْرَأيْ
في جانحيَّ حكايةَ الغربالِ
لم يبقَ لي إلا المجازُ أَمُدُّهُ
شَبَكاً، وأفتحُ في مداهُ سِلالي
أصطادُ في نهر الحياةِ ولم أعدْ
بغنيمةٍ منهُ سوى أسمالي
طالتْ جدائلُ خيبتي، وتَمَدَّدَتْ
في داخلي، كجدائلِ الشَّلَّالِ
فكأنَّني المخبوءُ في (إلياذةٍ)
للحُبِّ، تروي سيرةَ الأبطالِ
من عصرِ (هُوميروسَ) يقتلُني الهوى
ويُعيدُ قتليَ كلَّ عصرٍ تالي
عهدٌ على (حَوَّاءَ): حين أَجِيئُها
ذاتَ اليمين، تجيءُ ذاتَ شمالِ!
حتَّى غَنِمْتُكُ في المحبَّةِ آيةً
مُثلَى، تليقُ بـ(سورةِ الأنفالِ)
فخُذي الحكايةَ؛ غَيِّري أحداثَها
عن سيرتي في خاطرِ الأجيالِ
إنِّي أُحِبُّكِ كي أعيشَ، ولا أرى
أَحَداً سوايَ يعيشُ في صلصالي
أسندتُ عافيتي عليكِ، فجَدِّدي
ما سالَ من ماءِ الحياةِ خِلالي
الحالُ وَحَّدَنا فكُلُّ زيارةٍ
ما بيننا، هِيَ من زيارةِ حالي
ستخونُنا العاداتُ فاحتالي لنا..
بعضُ الهوى يحتاجُ أنْ تحتالي!
***
يا أنتِ يا حبلَ الوريدِ: تَعَالِي..
ما نَفعُ أوردتي بغيرِ حِبالِ؟!
أنا لم أَخُضْ حربَ (التَّحَرُّرِ) في الهوى
لأعيشَ فيهِ (متاهةَ الجَنِرَالِ)!!
لا تحجُبي عنِّي فتاةَ غوايةٍ
طالتْ جدائلُها بطُولِ جِدالي:
حَدَّثْتُها عن طُوليَ الخَيَّالِ
قالتْ: سأهزمُهُ بكَعبٍ عالي!
قلتُ: احذري فعناقُنا (وادي طُوى)..
لا تدخلي (وادي طُوى) بنِعالِ!
إنِّي أُحِبُّكِ كي نُضِيفَ جلالةً
للأرضِ، إنَّ الحُبَّ كونُ جلالِ!
خارطةٌ غزليَّة
4 يناير 2020 - 04:47
|
آخر تحديث 4 يناير 2020 - 04:47
تابع قناة عكاظ على الواتساب
جاسم الصحيح