«أنت
حمار
بقرة
كلب»
لا تستعجل اجمع أول حرف من كل كلمة.
هذه الرسالة قد تصل الى جوالك، وبعد كل تلك الشتائم سوف تجد أن جمع كل حرف من كل كلمة يعطيك مفردة (أحبك) والتعابير عن الحب تدنت فيها المفردات لدرجة مقذعة على شاكلة (يلعن أبوك كم أحبك) أو (بحبك ياحمار) (أغنية سعد الصغير التي يتراقص عليها الجميع).
ويوميا تصلنا رسائل عبر الجوال تكون مفرداتها شائهة ومنقلبة على الارث الغزلي لمفردات الحب التي حملها الينا ديوان الغزل.
وهذه الانزياحات اللغوية حولت بعض المفردات من معناها القبيح الى معانٍ جمالية، فإذا أرادت فتاة أن تعبر عن أن ماتراه طاغي الحسن لن تلجأ الى طريقة ابنة أبو الاسود الدؤلي حين قالت: ما أجمل السماء.!!
ففتاة هذا العصر إذا استحسنت شيئا فإنها تعبر بلفظة: شنيع ويكون مقصدها المبالغة في وصف الجمال الذي رأته، وكذلك تحورت دلالات كلمة فظيع ورهيب على سبيل المثال من مفردات القبح الى مفردات الجمال، وتحولت تراكيب الجمل الى دلالات تعطي معنى جديداً في ذهنية مستخدميها، فتركيب لفظي مثل: شيء بطال..تعنى انه أمر حسن وجميل.
والذي يقود هذا الانزياح اللفظي هن الفتيات من خلال تعبيراتهن التي يطلقنها فيما بينهن لتتحول الى مصطلحات ذات معنى مغاير لقاموسها اللفظي، ومن أفواههن تتحول مفردات القبح الى صفات جمالية، ولأنهن مؤثرات على بقية شرائح المجتمع المقابل من فتيان ورجال فإن هذه المفردات أخذت موقعها في أساليب الغزل الحديث.
ولقوة هذا التأثير انتقلت مصطلحاتهن الشائهة الى الاغنية (وحدث تبادل معاكس بين تلك المفردات والغناء أو الشعر الشعبي المعبر عن تلك الحالة)، ودخلت الافلام السينمائية كموزع رئيسي لتلك المفردات، فنجد أن الافلام الشبابية تقوم باستجلاب كل التعابير المقلوبة أو ذات المعاني المنكرة وتحويلها الى معانٍ مستحسنة، وكان آخر هذه الافلام فلم عادل إمام (مرجان احمد مرجان) وبه تجسيد لافتراق المعاني المستخدمة لدى الشباب ومن هم أكبر سنا منهم، فوجود عادل امام مع ابنه في الجامعة يسمع تعابير غريبة وتلصق بالذاكرة تركيب (ماانتن) لايستقبلها الجيل الاسبق على لسان عادل إمام حين يقول: منتن.
ومن خلال هذا التبادل بين ما تفرزه لهجة الشباب ومايتبناه الفن (سواء شعريا أو غنائيا أو تمثيلياً) تم ترسيخ تلك المفردات حتى غدا القبيح جميلا.
ولم يعد الجمال (اللفظي أو الشكلي) خاضعا للذائقة الجمالية الرائعة التي أسستها اللغة والفن الجميل..غدا القبح هو الجمال..
أحتاج للعودة لهذا الموضوع وقبل أن أنهي هذه المقالة اشتكى لي أحد الآباء أن ابنه أرسل له رسالة عبر الجوال نصها:
أحبك ياحمار.!!
لا ترفع حاجبيك أو تزل قدماك هذا هو طوفان الالفاظ القبيحة..
أخبار ذات صلة