في المشهد الإعلامي برزت أسماء رسّخت مكانتها بالعمق والاتزان، الزميل سامي المغامسي ينتمي بوضوح إليها.

صحفي متمرس لا يكتب ليُرى، بل يكتب ليُفهم، وإعلامي رياضي اختار أن تكون تجربته أطول من ضجيج اللحظة، وأن يكون أثره أعمق من عنوان عابر.

لم يكن المغامسي طارئاً على الصحافة، بل جاءها من معرفة، ومن احتكاك مباشر بالميدان، حتى عمل مشرفاً على مكتب صحيفة «عكاظ» في المدينة المنورة، وهناك تعلّم أن الخبر ليس سباقاً، بل مسؤولية، وأن الرأي لا يكتمل إلا حين يستند إلى تجربة وفهم وسياق. كتابته تتسم بالأناقة لا من حيث اللغة فقط، بل من حيث الفكرة، فهو لا يُدين دون تفسير، ولا يمتدح دون مبرر، ويعرف أن النقد الحقيقي هو الذي يُصلح ولا يُحرج.

أما في كرة السلة، فالحكاية أقدم وأعمق. نحو أربعة عقود قضاها المغامسي حكماً، ومنسقاً إعلامياً للاتحاد السعودي لكرة السلة، وإدارياً لمنتخبات الناشئين والشباب. هذه السنوات لم تمنحه فقط خبرة فنية، بل صقلت نظرته للإعلام الرياضي بوصفه شريكاً في التطوير، لا مجرد ناقل للنتائج. لذلك جاءت مقالاته دائماً مشبعة بفهم اللعبة من الداخل، وبإدراك التحديات التي تواجه الاتحادات والأندية واللاعبين، بعيداً عن الأحكام السطحية.

هذا التراكم المهني والإنساني يتجلّى بوضوح في كتابه «رحلتي بين الصحافة والرياضة»، الذي لا يمكن قراءته سردَ ذكرياتٍ فقط، بل وثيقة تجربة.

الكتاب رحلة جميلة وثرية، كما يليق بعنوانه، مليئة بالأحداث، التي تعايش معها المؤلف شخصياً وعملياً، يروي فيها كيف تشكّلت علاقته بالصحافة، وكيف علّمته الرياضة الانضباط، والإنصاف، واحترام الاختلاف. لا يتباهى فيه بالمنجز، بل يتأمل المسار، ويضع القارئ أمام لحظات صادقة من النجاح والتحدي، ومن الخطأ والتعلّم.

ما يميّز سامي المغامسي حقاً هو خُلُقه المهني. في زمن الاستقطاب الحاد، ظل صوته متزناً، وفي وقت غلبت فيه الشخصنة، بقي وفياً للفكرة؛ لذلك يحظى باحترام زملائه قبل قرّائه، وبثقة من يعرفون أن الإعلام ليس منصة صراخ، بل مساحة وعي.

سامي المغامسي ليس مجرد اسم في قائمة الصحفيين، بل تجربة متكاملة، تجمع بين الميدان والقلم، وبين الخبرة والخلق. هو مثال للإعلامي الذي يمشي بهدوء، لكنه يترك أثراً واضحاً... تماماً كما تفعل الرحلات الجميلة التي لا تُنسى.