حذّرت مراجعة بحثية دولية، شارك فيها باحثون من بريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة، من أن فقدان حاسة الشم - الذي يصيب نحو خُمس السكان ويزداد لدى من تجاوزوا الستين - ليس مجرد عارض مزعج، بل قد يشير إلى مخاطر صحية أعمق، تشمل أمراضاً عصبية وقلبية خطرة، وفق ما نقلته صحيفة «دايلي ميل» عن الفريق العلمي.
وتكشف المراجعة، أن اضطرابات الشم ترتبط بأكثر من 130 اضطراباً عصبـياً وجسدياً ووراثياً، وهي أكثر انتشاراً من فقدان السمع الشديد والعمى. ويُعد التهاب الجيوب الأنفية المزمن السبب الأكثر شيوعاً، خصوصاً عند المصابين بالربو أو الحساسية أو التليف الكيسي، إضافة إلى حالات فقدان الشم المرتبطة بالعدوى الفايروسية. وتشير البيانات إلى أن فقدان الشم في التهابات الجهاز التنفسي شائع منذ عقود، إلا أن الدراسات الأخيرة تؤكد أنه كان أكثر انتشاراً بمعدل 8 إلى 10 أضعاف لدى المصابين بفايروس كوفيد مقارنة بالإنفلونزا ونزلات البرد.
لكن الخطر الأكبر - بحسب الباحثين - يكمن في كون فقدان الشم علامة مبكرة قد تسبق ظهور أمراض خطيرة بعدة سنوات، مثل الخرف ومرض باركنسون. فقد أظهرت دراسة، أن 90% من مرضى باركنسون عانوا فقدان الشم قبل ظهور الاضطرابات الحركية التقليدية بما يصل إلى خمس سنوات. ويرجّح الخبراء، أن البروتينات الضارة المسببة للخرف تبدأ بالتراكم في مناطق الدماغ المسؤولة عن الشم قبل أن تظهر أعراض الذاكرة.
وما يزيد القلق هو الأدلة التي تربط فقدان حاسة الشم بارتفاع خطر السكتة الدماغية وقصور القلب لدى البالغين الأصحاء قبل تشخيص أي اضطراب لديهم، ما يجعل هذه الحاسة مؤشراً استباقياً على تدهور صحي غير مرئي. وتسلّط المراجعة الضوء أيضاً على مخاطر السلامة اليومية لمن فقدوا الشم، مثل عدم القدرة على اكتشاف الغاز أو الدخان أو فساد الطعام، ما قد يؤدي إلى التسمم الغذائي أو الحوادث المنزلية.
كما يرتبط فقدان الشم بآثار نفسية واجتماعية واسعة، من بينها اضطرابات الأكل، العزلة، القلق، والاكتئاب، إضافة إلى اتباع أنظمة غذائية أقل تنوعاً وأكثر غنى بالدهون والسكريات. ودعا الباحثون في ضوء الأدلة المتزايدة إلى إدراج فحص فقدان الشم ضمن الفحوصات الطبية الروتينية، وتدريب الممارسين الصحيين على تشخيصه مبكراً.