-A +A
خالد الجارالله (جدة) OKAZ_online@
سبعةٌ من الأعوام عجفن أنفاس الراحل سعود الدوسري، وهو الذي عاش محلقاً في سماوات الإعلام طيلة عقودٍ أربعة، متجذراً في أرض حية بالأصالة وغنية بالرصانة، منساباً في قلوب رفاقه كنسائم رقيقة تحفز على الحب وتبعث على الحياة.

سعود الذي كان يماهي المهنية في حوزته، كعجين أبيض يقلبه بين يديه فيُصَيّرهُ شهياً كيفما يريد، مضى في مثل هذا اليوم عام 2015 خلسة من محبيه، وأملق في ظروف صامتة تشبه وداعته، لكنها زلزلت مشاعر جمهوره وصدّعت قلوب محبيه، وهي تكتب نهاية إعلامي شجاع، عاش أنيقاً مختالاً بالتواضع والجاذبية، ومضى باسقاً مُترفاً بالحب والسيرة العطرة.


تحل ذكرى رحيله اليوم، وما زال سيل كلماته يتدفق في مصبات الإعلام بشقيه التقليدي والجديد إلى مختلف المشارب، مرسخاً رؤاه في ذاكرة التاريخ التي لا يُخلد فيه إلا المبدعون..

كان سعود يومئ بنصائحه للعالقين في محيطات اليأس، عن تجارب مؤلمة في حياته ما كان ليبديها إلا لقلة مقربة، لكنه تخطاها، بيقينه، بذاته، وثقته بقدراته، يقول في أحد منشوراته «فليشهد الله أنني لم أيأس قط، أعترف أنني فقدت الأمل في لحظات ضعف، ولكن كان هناك صوت في داخلي يردد دائماً بأن من تمسك بالله فلن يخيّب ظنه أبداً.!»

واجه الدوسري منعطفات صعبة في حياته، في عام 2006 غاب لفترةٍ طويلة عن الشاشة بعد تعرّضه لأزمة صحّية حادة تطلّبت سفره إلى لندن للعلاج، وحينها سرت أخبار عن تعرّضه لأزمة قلبية أخفى تفاصيل حدوثها، واكتفى بالكشف عن أنّها وعكة عابرة احتاجت إلى بعض الراحة وإجراء علاج وفحوص في لندن.

كما واجه صعوبات كثيرة في مسيرته المهنية كان قليل الحديث عنها، منها ما كانت لظروف الاغتراب عن وطنه وأهله، ومنها بعض التفاصيل التي ظلت تدفعه لتغيير وجهته في أحيان عدة.

بدأ الدوسري حياته الإعلامية في إذاعة القرآن متعاوناً في قراءة نشرات الأخبار في نهاية الثمانينات ميلادية، وكان طالباً وقتها في الجامعة، ثم ما لبث حتى تعين رسمياً في إذاعة الرياض، وكان مذيعاً لنشرة الأخبار، لم يدم طويلاً حتى انتقل إلى مركز الشرق الأوسط؛ تحديداً إذاعة mbc fm في لندن عام 1994، أيضاً مذيعاً لنشرة الأخبار. كان نشاطه مقصوراً على نشرات الأخبار والبرامج السياسية، لكنه كان يحب الفن ويمتلك صوتاً رائعاً في قراءة الأشعار، وبالمصادفة قدم برنامجاً فنياً على الهواء نجح ذلك البرنامج، ومن هنا بدأ التحول في مسيرته من مذيع لنشرة الأخبار إلى مذيع برامج فنية وشعرية، فقدم على إذاعة mbc fm برنامجين (سمر حتى السهر، وليلة خميس) إلى جانب الإعلامي أحمد الحامد.

شارك في تقديم العديد من البرامج التلفزيونية منها: «سمر حتى السهر، ليلة خميس، فنون، جار القمر، ليلكم فن، من الرياض، نقطة تحول، حنين، تستاهل، خبايا، أهم عشرة، ليطمئن قلبي».

حصل عام 2010 على جائزة جوردون أووردز كأفضل مذيع عربي، وتوفي في باريس بنوبه قلبية في تاريخ 7 أغسطس 2015، وتمت الصلاة عليه ودفنه في مقبرة أم الحمام شمال الرياض بتاريخ 9 أغسطس 2015.