-A +A
بدرية عبيدالله الحسنى
تستوقفنا لحظات من عمر الزمن نستعيد فيها وبها ومعها قصتنا نحو بداية العمل في علاج الإدمان من آفة وبراثن المخدرات.

البداية لم تكن عادية أو مثالية، بل فيها شيء من الاختلاف عن بقية الأدوار والخبرات في المستشفيات الأخرى، حيث كان أحد أدواري هناك هو القيام بخدمة المرضى الأصحاء الذين يشعرون ويتألمون ويحضرون المستشفى للعلاج بمحض الإرادة والرغبة.


أما العمل بمجال علاج الإدمان، فالعملية العلاجية مختلفة تماماً، فقد اكتشفت أنني أخوض أدواراً تختلف نهائياً عن الأدوار الأخرى.

هنا يقف أمامي المريض النفسي والمريض المدمن الذي فقد وخسر الكثير من الصحة والمال والعقل، شعور الخوف والتعب النفسي والتفكير العميق بمستقبلي ومستقبل أبنائي ومسيرة حياتهم وتفاصيل التربية كانت هي أبرز الأساليب التربوية التي عملت على ترسيتها والوقوف عندها، وكانت مزاولة المهنة مع الممارسين الصحيين المتخصصين هي حجر الزاوية لتجاوز هذه المخاوف، وأصبحت لدي القدرة على التعامل مع الحالات المرضية التي تحتاج إلى الرعاية والاحتواء والاهتمام والإيعاز بأن هناك نظرة أمل لحياة أفضل وأجمل بالعلاج والمتابعة والإرادة القوية لتجاوز السقوط والانحدار من دائرة الإدمان، وعدم العودة لرفقاء السوء والإحساس والشعور بالوحدة، وعدم التفكير بأنه شخص منبوذ من المجتمع من شأنها القيام بتدمير نفسه بتعاطي المخدرات وإيذاء أسرته ومجتمعه ويصبح عضواً معطلاً، ويبدأ بالإهمال بكل شيء حوله من أفراد أسرته أو التفريط في وظيفته وحياته الخاصة والعامة لتتلاشى كل طموحاته وآماله وأحلامه ليخسر كل شيء جميل حوله.

المريض النفسي ومريض الإدمان يحتاج إلى من يساعده ليقف على رجليه من جديد بالإرادة والمبادرة بتواجده بالمستشفى للعلاج والتخلص من السموم التي أضرت بالجسد والعقل، ليجد نفسه عند خروجه إنساناً آخر يشعر بالسعادة ويحب الحياة ويريد العمل ويتقرب لأهله وأسرته (الأب والأم والزوجة والأبناء) لتشرق شمسه ويتخلص من قيود الإدمان.

إحساس رائع عندما أرى المتعافين عند خروجهم فرحين مسرورين وبداية حياة جديدة شعارها (نعم للحياة والحوار والنقاش مع الأبناء في كل تفاصيل التربية الأسرية)، لقد شعرت بالانتماء أكثر لهذا الصرح العظيم وأحببت عملي الإنساني وخدمتي المميزة للمريض؛ بهدف خدمته وتوفير سبل الراحة له ليصبح عضواً فعالاً بالمجتمع.

(إدارة شؤون المرضى)