جدد الزعيمان الروسي فلاديمير بوتين والهندي ناريندرا مودي، خلال قمتهما في نيودلهي، اليوم (الجمعة)، التأكيد على عمق واتساق التعاون الإستراتيجي بين البلدين في القضايا الإقليمية والدولية.


وأكدا أن التوافق في الرؤى والمصالح يشكل ركيزة أساسية لشراكة تهدف إلى تعزيز السلام والاستقرار في ظل نظام عالمي متعدد الأقطاب.


الملف الأفغاني


وأعرب الطرفان عن ارتياحهما للتنسيق الفعال بين موسكو ونيودلهي بشأن الملف الأفغاني، من خلال آلية الحوار بين مجالس الأمن، وبما يتجسد في إطار ما يعرف بـ«صيغة موسكو».


وشددا على أهمية التصدي المشترك للتهديدات الإرهابية، من قبل «داعش» و«ولاية خراسان الإسلامية» وفروعهما، مؤكدين أن المكافحة يجب أن تكون شاملة وفعالة، ومرتبطة بضمان تدفق المساعدات الإنسانية العاجلة والمستدامة إلى الشعب الأفغاني.


ملف الشرق الأوسط


جدد الجانبان التزامهما بمبادئ القانون الدولي، داعيين جميع الأطراف إلى ضبط النفس وحماية المدنيين وتجنب أي خطوات قد تؤدي إلى مزيد من التصعيد. وشددا على ضرورة حل الملف النووي الإيراني عبر الحوار والدبلوماسية، وأعربا عن قلق مشترك إزاء الوضع الإنساني في قطاع غزة، مطالبين بتنفيذ الاتفاقيات والتفاهمات المبرمة بين الأطراف المعنية لوقف القتال، وتمكين وصول المساعدات، وبناء سلام دائم وعادل.


مجموعة الـ20 ومنظمة شنغهاي


أكد الزعيمان أهمية مضاعفة الجهود الدولية لمكافحة تغير المناخ، وتحقيق أهداف اتفاق باريس والاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة. ورحبا بعقد الاجتماع الأول للفرقة العاملة الروسية-الهندية المشتركة بشأن تغير المناخ والتنمية منخفضة الكربون في 10 سبتمبر 2025 في نيودلهي، في إطار مذكرة التفاهم الثنائية. واتّفقا على تعميق الحوار حول آليات المادة 6 من اتفاق باريس، وتطوير التكنولوجيات النظيفة، وتفعيل أدوات التمويل المستدام.


وأعلن الطرفان مواصلة التنسيق في المحافل متعددة الأطراف، خصوصا في «مجموعة العشرين» و«بريكس» ومنظمة شنغهاي للتعاون، ورحبا بالجهود المشتركة في إطار «المجموعة الاتصالية لبريكس بشأن المناخ والتنمية المستدامة»، بما في ذلك إطلاق «منصة أبحاث المناخ لبريكس» و«مختبر بريكس للتجارة وتغير المناخ». ودعم الطرفان تعزيز هذا التعاون خلال رئاسة الهند لـ«بريكس» في عام 2026.


وجدد البيان التأكيد على طبيعة الشراكة الإستراتيجية «الخاصة والمتميزة» بين روسيا والهند، معتبرين أن التوافق في رؤية السياسة الخارجية، وحرص البلدين -بوصفهما قوتين رائدتين- على دفع عجلة السلام والاستقرار، يعكس التزاماً مشتركاً ليس فقط بآسيا متعددة الأقطاب، بل ببناء عالم أكثر عدلاً وتوازناً.

 الرئيس الروسي ورئيس الوزراء الهندي خلال مؤتمر صحفي.

الرئيس الروسي ورئيس الوزراء الهندي خلال مؤتمر صحفي.


اتفاق تجارة حرة مع الهند


ووصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، المفاوضات مع رئيس الوزراء الهندي بأنها «عقدت في أجواء بناءة وودية»، لافتا إلى أن موسكو ونيودلهي تعملان على اتفاقية تجارة حرة بين الهند والاتحاد الاقتصادي الأوراسي.


وأعلن أن حجم التجارة بين البلدين وصل إلى مستوى قياسي، مضيفاً أن «روسيا مستعدة لمواصلة ضمان استمرار إمدادات الوقود إلى الهند». وأكد «نحن مصدر طاقة موثوق للهند».


حصة التسويات المتبادلة


وقال بوتين إن محطة كودانكولامي للطاقة النووية في الهند ستساهم مساهمة كبيرة في إمدادات الطاقة للهند، فيما أشار إلى أن مصنع أدوية روسي-هندي مشترك في منطقة كالوجا الروسية سينتج أدوية عالية الجودة لعلاج السرطان.


وتطرق الرئيس الروسي إلى حصة التسويات المتبادلة بين روسيا والهند بالعملات الوطنية قائلاً إنها تبلغ 96%، في حين أبدى ثقته في إمكانية رفع حجم التبادل التجاري بين روسيا والهند إلى 100 مليار دولار.


وأفاد بأنه في عام 2024، ارتفع حجم التبادل التجاري بين روسيا والهند بنسبة 12%، ويبلغ ما بين 64 و65 مليار دولار.


وفي مقابلة مع قناة «إنديا توداي» قال بوتين: «إذا كان من حق الولايات المتحدة شراء وقودنا، فلماذا لا تتمتع الهند بنفس الميزة؟ هذا السؤال يستحق دراسة وافية، ونحن مستعدون لمناقشته (معهم) بما في ذلك مع الرئيس ترمب».


دعم جهود السلام


من جانبه، قال رئيس الوزراء الهندي، لبوتين في مستهل محادثاتهما: «الهند ليست محايدة بل لديها موقف وهو دعم السلام.. نحن ندعم كل الجهود المبذولة من أجل السلام، ونقف جنباً إلى جنب مع كل مبادرة تتخذ من أجل السلام».


برنامج جديد للتعاون الاقتصادي


وأعلن مودي، عقب محادثاته مع بوتين، اتفاق نيودلهي وموسكو على تنفيذ برنامج جديد للتعاون الاقتصادي يمتد حتى العام 2030.


وأكد أن هذه الشراكة الإستراتيجية ستسهم بشكل فعال في تنويع الاقتصادين وجذب استثمارات متعددة القطاعات، ما يعزز من متانتها، مشيراً إلى أن هذا الإطار الزمني الطويل يمهد الطريق لمرحلة جديدة من التعاون الثنائي المتين والمستدام.


وأشاد مودي بالشراكة الإستراتيجية الممتدة على مدى ربع قرن مع روسيا، معتبراً أنها «صمدت وتعمقت» رغم جميع التحديات والتغيرات العالمية.


وأضاف أن المباحثات غطت جميع مجالات التعاون الثنائي بهدف «جعل أساس العلاقات أكثر متانة والارتقاء بها إلى مستوى أرفع»، فيما أكد أن تعزيز الترابط بين بلاده وروسيا يعد أولوية، مشيراً إلى العمل على تفعيل كافة الجوانب المتعلقة بممر النقل الدولي «شمال- جنوب».


وفي إطار التعاون المستقبلي، أشار مودي إلى أن الشراكة في منطقة القطب الشمالي ستحقق منفعة مشتركة، وستساهم في خلق فرص عمل للشباب الهندي.