وزير الخارجية السعودي
وزير الخارجية السعودي
-A +A
«عكاظ» (جدة) okaz_online@

أكد وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، أن السعودية تدعم التضامن العربي وإيجاد آليات لمواجهة التحديات المشتركة، معلناً استضافة المملكة العربية السعودية القمة العربية القادمة.

وحذر الأمير فيصل في كلمة ألقاها نيابةً عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، أمام القمة العربية التي اختتمت أعمالها اليوم (الأربعاء) في الجزائر، من أن الصراعات الجيوسياسية تنذر بتقويض العالم، مشدداً على ضرورة توحيد المواقف لتحقيق غايات العمل العربي المشترك، والعمل على إصلاح منظومة الجامعة العربية.

وقال وزير الخارجية إن التدخلات الخارجية تحتم تكاتف الجهود لمواجهتها، مؤكداً رفض نهج التوسع والهيمنة على حساب الآخرين، وشدد على عدم السماح للآخرين بفرض قيمهم على الدول العربية.

وأفاد بأن التكامل الاقتصادي أمر مهم للدول العربية، وأن المملكة تسعى لذلك، وتؤكد ضرورة التكامل العربي لسد احتياجات الغذاء، موضحاً أن المملكة تسعى إلى دعم التنمية في الدول الشقيقة ضمن رؤية 2030.

وفي ما يلي نص الكلمة:

لقد أفرزت الأزمات العالمية المتتالية تحديات مشتركة، أثرت على أمن واستقرار منطقتنا العربية، وأضعفت من وتيرة تعافيها الاقتصادي وفرص تحقيق التنمية لمواطنيها. وإن تفاقم حدة التنافس والصراع الجيوسياسي الدولي في الآونة الأخيرة يُنذر بتقويض قدرة المجتمع الدولي على مواجهة تحدياته المشتركة بفاعلية. وكل ذلك يستدعي منا تكثيف التنسيق والتشاور داخل البيت العربي، وأن ننبذ خلافاتنا البينية، ونُغلِّب مصالحنا المشتركة، مؤكدين على وحدة الصف والمصير؛ لنتمكن من مواجهة الأزمات الحالية والمستقبلية وتجاوزها. وفي هذا الإطار، ولدعم تحقيق غايات العمل العربي المشترك، فمن المهم القيام بخطوات عملية وملموسة في سبيل تمكين ذلك، ومن أبرزها العمل على إصلاح منظومة جامعة الدول العربية، وتطوير آليات عملها لتكون أكثر فاعلية في تحقيق التضامن العربي المأمول وتطلعات الشعوب العربية.

تواجه العديد من دولنا العربية تحديات عدة تلقي بظلالها ليس على أمن تلك الدول واستقرارها فحسب، بل تطال المنطقة والإقليم ككل، من أهمها، التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية، وضعف مؤسسات الدولة، وانتشار الميليشيات الإرهابية والجماعات المسلحة خارج إطار الدولة، مما يحتّم تكاتف الجهود من أجل تجنيب دولنا ما قد يترتب على هذه التحديات من مخاطر واضطرابات. ومن هنا نشدد على أهمية التنسيق المستمر بين دولنا العربية لتعزيز أمننا الوطني والإقليمي، وإننا إذ نجدد رفضنا التام وتصدينا لنهج التوسع والهيمنة على حساب الآخرين، فإننا نؤكد على انفتاح دولنا العربية للتعاون والحوار مع الجميع استناداً إلى مبادئ الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة بما يساهم في ترسيخ أسس التعاون والشراكة ويحقق الأمن والرفاه لدولنا وشعوبنا، ونؤكد هنا على اعتزازنا بقيمنا المستقاة من شريعتنا الإسلامية السمحاء ومن ثقافتنا العربية الأصيلة، والتي لن نتنازل عنها ولن نسمح للآخرين بفرض قيمهم علينا، وبما أننا نحترم قيم وثقافات الآخرين، فإننا نأمل أن يحترم الآخرون ذلك.

التكامل الاقتصادي العربي

إن تداعيات الأزمات والصراعات الدولية أظهرت أهمية التكامل الاقتصادي بين دولنا العربية، وإننا في المملكة العربية السعودية نسعى دائماً إلى توفير الظروف الملائمة لتحقيق ذلك من خلال التعاون والتنسيق مع أشقائنا في الدول العربية، ومن أولوياتنا في هذا الجانب تحقيق الأمن الغذائي الذي يعدُّ من أهم الأولويات لدى العديد من دول العالم، وتؤكد المملكة في هذا الإطار على أهمية العمل العربي الجماعي، واستثمار إمكانات المحيط العربي من ثروات طبيعية، وموارد بشرية، وتنوع حيوي وغذائي، في سدّ احتياج أسواق الغذاء العربي. كما أننا ومن منطلق رؤيتنا 2030، نسعى إلى دفع عجلة التنمية في مختلف المجالات، بالمشاركة مع أشقائنا في الدول العربية، بما يسهم في مواجهة التحديات والأزمات التي تمس المواطن العربي بشكل مباشر، للنهوض بحاضرنا وتعزيز الأمل بمستقبل أفضل لشعوبنا وأجيالنا القادمة.

القضية الفلسطينية في صلب اهتمام الأمة

إن القضية الفلسطينية ستبقى دائماً في صلب اهتمامات أمتنا العربية، حتى يتحقق للشعب الفلسطيني إقامة دولته المستقلة ذات السيادة على حدود عام 1967م، وعاصمتها القدس الشرقية، بما يتفق مع قرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية. كما ترحب المملكة بنتائج الاجتماعات التي تبنتها الجزائر ضمن جهود المصالحة بين الفصائل الفلسطينية، وتأمل بأن تسفر هذه الجهود عن وحدة الصف الفلسطيني.

القضية اليمنية

وفي الشأن اليمني فإن المملكة مستمرة في دعم الجهود الرامية إلى تحقيق السلام في اليمن، كما أنها بذلت جميع الجهود لدعم المبعوث الأممي في مقترحه لتمديد الهدنة هناك، وإذ نسلط الضوء على رفض المليشيا الحوثية لمقترح المبعوث الأممي تمديد الهدنة، لنؤكد على أهمية وجود ضغط سياسي متواصل من قبل المجتمع الدولي والتعامل معهم بجدية وحزم أكبر؛ لتحقيق السلام المستدام في اليمن، والمبني على المرجعيات الثلاث المتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار اليمني الوطني الشامل وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بما فيها قرار مجلس الأمن (2216). كما نؤكد على أهمية توفير الدعم اللازم لمجلس القيادة الرئاسي اليمني، وكذلك على اهتمامنا بالأوضاع الإنسانية في اليمن بتقديم الدعم الإنساني والإغاثي والتنموي للجمهورية اليمنية.

القضية الليبية

وفي الشأن الليبي، تؤمن المملكة بأن حل الخلاف بين الأشقاء في ليبيا ينبع من الداخل الليبي، وبعيداً عن التدخلات الخارجية، من خلال نبذ العنف، وتفعيل جميع مسارات الحوار الممكنة، حتى يتحقق الأمن والاستقرار المنشود.

دعم العراق

وفي الشأن العراقي، ترحب المملكة بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، وتتمنى لها النجاح والتوفيق لتحقيق تطلعات الشعب العراقي الشقيق، وتؤكد المملكة استمرارها في تقديم كافة الدعم لجمهورية العراق، بما يحقق الأمن والاستقرار والتنمية، كما تؤكد على الاستمرار في تعميق التعاون والشراكة بين بلدينا في مختلف المجالات.

أزمة لبنان

وفي ما يخص لبنان، تشدد المملكة على محورية سيادة لبنان وأمنه واستقراره، وتتطلع إلى انتخاب رئيس جديد لجمهورية لبنان يمكنه توحيد الشعب اللبناني والعمل مع الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية لتجاوز الأزمة الحالية، وتنفيذ أحكام القرارات الدولية ذات الصلة، بما في ذلك الصادرة من مجلس الأمن، ومن جامعة الدول العربية، والالتزام باتفاق الطائف.

الحرب في سورية

وفي ما يتعلق بالوضع في سورية، تؤكد المملكة حرصها على أمن سورية واستقرارها، وتدعم جميع الجهود العربية والدولية الرامية إلى إيجاد حل سياسي للأزمة في سوريا، بما يحافظ على هوية ووحدة سوريا وسيادتها وسلامة أراضيها.

الأزمة السودانية

وفي الشأن السوداني، تدعم المملكة كل ما من شأنه تحقيق الأمن والاستقرار في السودان، ويسهم في تعافي اقتصاده ورخاء شعبه. وتسعى المملكة ضمن عضويتها في المجموعة الرباعية ومجموعة أصدقاء السودان، ودعمها للدور الأممي إلى تكثيف الجهود الدولية الرامية إلى تحقيق التوافق بين المكونات السياسية، وصولاً إلى الحل السياسي الشامل. كما تولي اهتماماً كبيراً للبعد الإنساني بالوقوف إلى جانب السودان الشقيق.

ختاماً، نأمل أن تسهم مخرجات اجتماعنا اليوم، في بناء التوافق حول القضايا المصيرية التي تهم دول وشعوب عالمنا العربي وإبراز الدور الفاعل لتضامن الدول العربية على الصعيدين الإقليمي والدولي وإيجاد آليات نستطيع من خلالها مواجهة التحديات المشتركة التي تواجه دولنا العربية، وتعزز الأمن والاستقرار الإقليمي، بما يحقق تطلعات وآمال شعوبنا العربية.