-A +A
فهيم الحامد (الرياض) Falhamid2@
لم نستغرب جعجعة نظام خامنئي وبكائية مليشيات الحوثي على إدراج الخارجية الأمريكية مليشيات الحوثي كمنظمة إرهابية، وهو القرار الذي ينسجم مع مطالب الحكومة اليمنية الشرعية والمجتمع الدولي لمعاقبة المليشيا الإرهابية، إلا أن المستغرب بل المفاجأة حقيقة موقف الأمم المتحدة وأكثر تحديداً تصريحات المبعوث الأممي لدى اليمن غريفيث؛ الذي دعا أمس لإلغاء القرار الأمريكي باعتبار الحوثيين منظمة إرهابية ومزاعمه بأن القرار الأمريكي باعتبار الحوثيين منظمة إرهابية سيتسبب في مجاعة باليمن؛ كون الأمم المتحدة هي أحد المتضررين والضحايا من همجية الحوثي واعتدائه ونهبه للمساعدات الإغاثية العالمية الموجهة للشعب اليمني؛ فضلاً عن رفض المليشيات الإرهابية الحوثية مبادرات السلام الأممية ونقضها بعد التوقيع عليها ولم تلتزم المليشيات الحوثية أيضاً بمخرجات الحوار الوطني الشامل، الذي استمر لمدة 10 أشهر، ووضع اليمنيون خلالها حلولاً ومعالجات لكل القضايا اليمنية بما فيها قضية صعدة، وبدأوا في كتابة الدستور اليمني بدعم من المجتمع الدولي. واستمرت المليشيات الحوثية في إطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار واستهداف المدنيين بشكل عشوائي في اليمن، وتهديد الملاحة الدولية ومصادر الطاقة في منطقة الخليج، في خرق صارخ لقواعد القانون الدولي.

ومن المؤكد أن القرار الأمريكي بتصنيف المليشيات الحوثية جماعة إرهابية سيُسهم في التعاطي الإيجابي مع جهود المبعوث الأممي الخاص باليمن الذي من المفترض ان يدعمه كونه اضافة لإيجاد حل سياسي يُنهي الأزمة في اليمن، ويوقف عملياتهم العسكرية الإرهابية تجاه الشعب اليمني. لقد انقلبت المليشيات الحوثية على أكثر من 70 اتفاقاً مع الحكومة اليمنية والسلطات المحلية والقبائل والأمم المتحدة، ومارست جميع أنواع الأعمال الإرهابية كالقتل وتفجير المنازل وتجنيد الأطفال والزج بهم في المعارك، ما يعكس نهجها وممارساتها الإرهابية بحق الشعب اليمني إلى جانب مواصلة الحوثيين علناً وبشكل واضح وصريح ترويج خطابهم الأيديولوجي المتطرف الذي يدعو إلى العنف ونشر الكراهية، منتهكين طبيعة الشعب اليمني الذي يتسم أبناؤه بالاعتدال ورفض العنف المسلح والتطرف الفكري.


إن القرار الذي أعلنه وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، لتصنيف جماعة الحوثي في اليمن «إرهابية»، يعني أن التعامل معها بأي شكل، سواء مالياً أو بتوريد الأسلحة، أو تبادل التجهيزات والسلع، سيكون تحت طائلة العقوبات الأمريكية إلى جانب وضع المليشيات الحوثية تحت المجهر العالمي. لقد لقي القرار الأمريكي ترحيباً خليجياً وعربياً وعالمياً كون الخطوة جاءت منسجمة مع مطالبات الحكومة الشرعية اليمنية بوضع حد لإرهاب المليشيا المدعومة من إيران، فضلاً عن كون إدراج ثلاثة من قادة أنصار الله (حركة الحوثي) وهم عبدالملك الحوثي، وعبدالخالق بدر الدين الحوثي، وعبدالله يحيى الحكيم على قائمة الإرهابيين الدوليين خطوة حكيمة لكشف ممارسات القيادات الحوثية أمام العالم. إن إعلان الولايات المتحدة تصنيف المليشيات الحوثية جماعة إرهابية يضاف إلى سلسلة خطوات تراكمية سابقة شملت جهود المجتمع الدولي، والعديد من الدول على رأسها المملكة، لدعم المرحلة الانتقالية في اليمن منذ عام 2011 وحتى عام 2014م. كما يعد تصنيف المليشيات الحوثية جماعة إرهابية خطوة مهمة في تعزيز جهود التصدي للإرهاب حول العالم، ويعزز من جهود مكافحة الإرهاب وتمويله على الصعيدين الإقليمي والدولي، لما تمثله هذه المليشيات المدعومة من إيران من مخاطر حقيقية وتهديدات واضحة على الأمن والسلم الدوليين.

منذ انقلاب المليشيات الحوثية كانت الجهود الدولية للولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي تعتمد على الدبلوماسية، من دون وجود أي أدوات ضغط على المليشيات الحوثية، التي استغلت ذلك للاستمرارفي الحرب، والامتناع عن الدخول الجاد في العملية السياسية. ويجب على المجتمع الدولي وبعض المنظمات الدولية التي تحفظت وعارضت تصنيف الحوثي ليس الأول من نوعه وعليهم أن يعوا أنه تم تصنيف جماعات أخرى كمنظمات إرهابية، مثل مليشيا (حزب الله) اللبناني، وحركة (حماس) الفلسطينية، وجماعة (طالبان) الأفغانية، وحركة (الشباب) الصومالية، وجماعة (بوكو حرام) في دول الساحل، ولم تتأثر بذلك التصنيف الأعمال الإنسانية كما تروج الأصوات المعارضة للتصنيف، بل استمرت الهيئات والمنظمات في أعمالها الإغاثية والإنسانية بوتيرتها الطبيعية. وأكد المراقبون أنه يمكن العمل على منح المنظمات الدولية العاملة في مناطق سيطرة الحوثيين إعفاء (waiver)، إضافةً إلى أن العملية السياسية ومشاوراتها لن تتأثر.

يخدم تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية عدة أهداف مهمة، إذ سيدعم التصنيف الجهود السياسية القائمة، وسيجبر قادة المليشيا الحوثية على الدخول في مفاوضات جادة للتوصل للسلام، ويضغط عليهم للتنفيذ بعد توقيع أي اتفاقية، وسيوفر ورقة رابحة للضغط على الحوثيين للقبول بالحل السياسي، وستستفيد من ذلك الأمم المتحدة، وكذلك الدول الأوروبية، وهو ما لا يتوافر حالياً. كما يهدف تصنيف المليشيات الحوثية جماعة إرهابية إلى تجفيف مواردهم المالية، بعد أن يتوقف رجال الأعمال عن شراكاتهم التجارية مع قيادات الحوثيين القائمة حالياً.

ولن تستطيع اليليشيات الحوثية تجنيد أعداد كبيرة من الشباب والزج بهم في ساحات المعارك كما تفعل الآن، إذ سيمتنع شيوخ القبائل والعائلات الهاشمية عن التعامل مع جماعة إرهابية، كما حدث مع القاعدة في المكلا والبيضاء. وسيعزز التصنيف مكانة الولايات المتحدة على المسرح الدولي، كمدافع عن القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، وسيرسل إشارة واضحة مفادها بأن الولايات المتحدة تتخذ موقفاً حازماً في ما يتعلق باستهداف الأهداف المدنية وتهديد الملاحة الدولية ومصادر الطاقة في منطقة الخليج. الشرفاء يرحبون.. والمغرضون ينتحبون.... والمتسلقون حاقدون.. الحوثي جماعة إرهابية.. لماذا رفضت الأمم المتحدة التصنيف الأمريكي سؤال هام يحتاج لإجابة شفافة من أمين عام الأمم المتحدة.