الطموح ليس مجرد خاصية بشرية، بل هوية وطنية كاملة اختارتها المملكة العربية السعودية طريقاً نحو المستقبل. ففي زمن تتغير فيه خرائط الاقتصاد والسياسة والثقافة بسرعة غير مسبوقة، قررت المملكة أن لا تكون جزءاً من حركة الآخرين، بل أن تصوغ حركتها الخاصة، وأن تتحول إلى دولة طموح تُدار بلغة الأرقام، وتُقاس بعمق المشاريع، وتُترجم في ثقة أجيالها.

نيوم.. معمار المستقبل

في قلب شمالي المملكة، يتجلّى الطموح بأكثر صوره جرأة: مدينة نيوم، ليست مجرد مشروع عمراني، بل مختبر عالمي لإعادة تعريف مفهوم الحياة الحضرية، إذ تمتد لأكثر من 170 كيلومتراً بلا سيارات ولا انبعاثات.

مدن تعتمد على الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة، واستثمارات تُقدّر بمئات المليارات، تشارك فيها شركات رائدة، يقودها شباب سعودي يؤمن أن المستحيل كلمة قديمة، وهنا يتجاوز الطموح حدود الهندسة، ليصنع معمار المستقبل.

استضافة العالم..

الطموح لم يعد داخلياً فقط، فإكسبو الرياض 2030 يستعد لاستقبال أكثر من 40 مليون زائر، ليكون منصة عالمية تُعرض فيها أفكار المستقبل، وكأس العالم 2034 ليس حدثاً رياضياً فقط، بل إعلان قدرة دولة على أن تقود تنظيم أكبر حدث كروي على الكوكب، بما يحمله من بنى تحتية وفرص اقتصادية وسياحية. وبهذين الحدثين تثبت المملكة أن الطموح لم يعد حلماً وطنيّاً محدوداً، بل مشروع كونيّ يرى في الرياض وجدة ونيوم عواصم عالمية للتأثير.

الرياض.. مركز الذكاء

في عصر الثورة الصناعية الرابعة، كان السؤال: من يملك الذكاء الاصطناعي؟ المملكة أجابت بطموح واضح: الرياض مركز صناعة الذكاء الاصطناعي في المنطقة والعالم، إذ تم تأسيس سدايا هيئةً متخصصةً لإدارة البيانات الضخمة مع استضافة القمم العالمية للذكاء الاصطناعي واستثمارات في الحوسبة العملاقة قادرة على معالجة مليارات العمليات في الثانية، فتحولت الرياض إلى بيئة تنافس وابتكار، إذ تتلاقى الشركات الناشئة بالعقول السعودية الشابة مع كبريات الشركات العالمية.

الطموح والأرقام

الأرقام هي اللغة التي لا تحتمل المبالغة، فالناتج المحلي الإجمالي تجاوز خمسة تريليونات ريال لأول مرة، وأصول صندوق الاستثمارات العامة بلغت 4.3 تريليون ريال، والمستهدف 7.5 تريليون ريال بحلول 2030، ومعدل البطالة تراجع من 12.9% عام 2016 إلى نحو 8% اليوم، مع هدف الوصول إلى 7%، ونسبة تملّك السعوديين للمساكن ارتفعت إلى 65%، والمستهدف 70%، وعدد المتطوعين ارتفع من 20 ألفاً قبل عقد إلى أكثر من 300 ألف، والمستهدف مليون متطوع في 2030. كل رقم هنا شهادة على أن الطموح أصبح سياسة دولة.

عز الطموح..

عز الوطن

من نيوم التي تعيد تعريف المدن، إلى إكسبو الذي يضع المملكة في قلب الحوار الحضاري، إلى كأس العالم الذي يجعلها عاصمة الرياضة، وصولاً إلى الذكاء الاصطناعي الذي يصنع اقتصاد المستقبل؛ يتضح أن الطموح السعودي ليس حلماً مؤجلاً، بل برنامجٌ منضبطٌ يُدار بعقلانية ويُنفّذ بجرأة.

في اليوم الوطني، يظهر الطموح باعتباره أوضح وجوه العز. عزٌ لا يُستمد من الماضي فقط، بل يُصاغ كل يوم في مشاريع، وأرقام، وأجيال تؤمن أن السعودية ليست في موقع المتلقي، بل في موقع المنتج وصانع المشهد العالمي.