ارتبط جبل المدافع بالطلقات البارودية.
ارتبط جبل المدافع بالطلقات البارودية.
-A +A
عبدالله الدهاس (مكة المكرمة) aldhass@
يسكن مدفع رمضان ذاكرة المكيين، والزوار والمعتمرين، المترقبين لصدى صوت طلقاته المتتالية، إيذاناً بثبوت رؤية هلالي شهر رمضان وشوال، ولجبل المدافع سيرة مع أهل مكة بحكم توليه إشعار الصائمين، باختتام يوم صومهم، وتناول ما قسم الله من مائدة إفطارهم. ويمتد عمر المدفع لأكثر من مائة عام. ويختفي المدفع منذ ثمانية أعوام؛ ليحل محله الليزر الذي ينطلق من ساعة برج الحرم. وارتبط جبل المدافع بالطلقات البارودية، لتحل محله أشعة الليزر التي تطلقها ساعة مكة (أكبر ساعة برجية في العالم)، وتقع في أعلى مباني أبراج وقف الملك عبدالعزيز المطلة على الحرم المكي، إذ تضيء 16 حزمة ضوئية عمودية تصل إلى ما يزيد على 10 كيلومترات نحو السماء وتبلغ قوة كل حزمة ضوئية 10 كيلوواط.

وعد الباحث في التاريخ المكي سمير أحمد برقة لـ«عكاظ» جبل قعيقعان جبلاً تاريخياً؛ وهو أحد جبال الأخشبين الذي يطل على مكة المكرمة شامخاً وعلى رأسه تقع المدافع التي كانت تدوي في شعاب وبطحاء مكة معلنة دخول رمضان المبارك، أو دخول العيد، فتسمع أصواتها عند الغروب وعند السحور، مشيرًا إلى أن الجبل اكتسب شهرته خلال العقود السابقة بمدفع رمضان، وكان يطلق ١٥٠ طلقة خلال الشهر الكريم عبر فرقة أمنية متخصصة من شرطة العاصمة المقدسة، تلازم الجبل قبل حلول شهر رمضان بيومين وحتى انتهاء صلاة العيد ومن ثم يعاد المدفع إلى مستودعات الشرطة مرة أخرى حتى العام الذي يليه.


وأضاف، أنه يتم إطلاق سبع طلقات عند دخول الشهر الفضيل، وعند الإفطار طلقة واحدة، وطلقة قبل وقت السحور لإعلام الناس بالاستعداد لتناول السحور، ويتم إطلاق طلقتين عند الإمساك بعد السحور، وفي ليلة العيد عند ثبوت الرؤية تطلق سبع طلقات، وفي صباح العيد تطلق خمس طلقات، مشيرًا إلى أن هذا العام هو العام الثامن على التوالي الذي يغيب فيه مدفع مكة الرمضاني الذي توقف عن العمل بعد أن كان صوته يدوي في أرجاء الأحياء المحيطة بالمسجد الحرام والمنطقة المركزية إيذاناً بفطور أو سحور، أو دخول الشهر الفضيل.

وأبان برقة أنه لا أحد يعلم تاريخا محددا لبداية انطلاق مدفع رمضان الذي كان يطلق من جبل المدافع الممتد لجبل قعيقعان المعروف بأحد جبال الأخشبين بمكة المكرمة، مشيرًا إلى أن الرحالة الهولندي سنوك هورخرونيه، والذي زار مكة المكرمة قبل ١٣٨ عاما ذكر أن المدفع من عادات أهل مكة الرمضانية قديماً، حيث كانت المدافع تسمع في أرجاء أحياء مكة إيذاناً بفطور أو سحور، لافتًا إلى أن مطلق المدفع كان يسمى بالطوبجي والطبجي، وهي تسمية معروفة في عدد من المدن وأول من أطلق المدفع كان في القاهرة وكانت مصادفة. وطالب برقة بعودة المدفع وفي مكانه الحالي والطبيعي نسبة لمسمى الجبل بجبل المدافع، مشيرا إلى أن الموقع يجب أن يكون متحفا مفتوحا لإطلالته على مكة المكرمة وحواريها الجميلة.