مقر ديوان المظالم المحكمة الإدارية. (عكاظ)
مقر ديوان المظالم المحكمة الإدارية. (عكاظ)
-A +A
عدنان الشبراوي (جدة) Adnanshabrawi@

أنصفت محكمة سعودية راكباً أريتري الجنسية بإلزام خطوط طيران (تحتفظ «عكاظ» باسمها بالوثائق والمستندات) بسداد 11 ألف ريال للشاكي تعويضاً عما أصابه من ضرر بسبب امتناع الناقل الجوي عن إركابه على متن رحلة متجهة إلى إسبانيا ثم المكسيك، وصادقت محكمة الاستئناف على القرار ومهرته بعبارة (على الوزراء ورؤساء الأجهزة الحكومية المستقلة تنفيذ هذا الحكم وإجراء مقتضاه).

وطبقا لصك الحكم (اطلعت عليه «عكاظ»)، تعود الوقائع إلى دعوى أقامها المقيم الأريتري وليد محمود أمام المحكمة الإدارية بجدة، أفاد فيها أن رحلته الجوية كان من المقرر أن تنطلق من جدة إلى مطار مدريد (ترانزيت) ثم محطة الوصول النهائية في مطار كانكون في المكسيك، لكن الناقل الجوي منع صعوده إلى الرحلة بحجة عدم حمله تأشيرة ترانزيت إلى إسبانيا، بالرغم من عدم حاجته إلى ذلك حسب ما هو منصوص عليه في موقع الاتحاد الدولي للنقل الجوي وموقع شركة الطيران التي استكملت له إجراءات الحجز. وقال المدعي في دعواه، إن لديه تأشيرة يابانية سارية المفعول تغنيه عن إصدار تأشيرة ترانزيت ونتج عن الرفض أضرار مالية لحقت به، وقيدت المحكمة الدعوى الإدارية وباشرتها الدائرة القضائية وفق محاضر ضبط، ولخص الراكب ‏المدعي طلبه بإلزام الخطوط بتعويضه عن الأضرار التي لحقت به. مبيناً أنه تظلم لدى إدارة حماية العملاء وهيئة الطيران المدني والناقل الجوي، وأن قيمة الأضرار بلغت 11 ألف ريال عبارة عن قيمة تذاكر من جدة إلى إسبانيا والمكسيك، فضلا عن رسوم إلغاء تذاكر أخرى إلى كوريا.

اشتباه هجرة غير شرعية ولجوء سياسي

أجاب ممثل الناقل الجوي على الدعوى أمام المحكمة بالقول، إن الراكب لا يحمل تأشيرة سفر إلى إسبانيا أو المكسيك ورفض إركابه لمخالفته شروط النقل المنصوص عليها في عقد النقل الجوي، وأضاف ممثل الناقل الجوي أنه بعد التنسيق مع إدارة الجمارك الفيدرالية (مكتب حرس الحدود السويسرية بدبي) نصح بعد الاطلاع على ملف الراكب بعدم قبوله على متن الرحلة لوجود أسباب تشير إلى اشتباه الهجرة غير الشرعية وطلب اللجوء السياسي.

وتابع ممثل الخطوط إفادته بالتأكيد أمام المحكمة أن الراكب خالف أحد التزامات الركاب الجوهرية المنصوص عليها في لائحة حماية حقوق العملاء وختم بطلب الحكم برفض الدعوى.

المدعي: متطلبات سفري نظامية

في المقابل، تقدم المدعي بمذكرة أكد فيها أن لديه تأشيرة رسمية للخروج والعودة صادرة من الجوازات السعودية وموافقة جهة عمله إجازة رسمية، كما استوفى متطلبات السفر النظامية وتذاكر مؤكدة لاتجاه واحد، وفي ما يتعلق بتفاصيل التأشيرات قال المدعي إن حامل التأشيرة اليابانية سارية المفعول يسمح له بدخول المكسيك، أما بخصوص تأشيرة الترانزيت الإسبانية فتخضع لاتفاقية (شنغ)، فحامل الجواز الأريتري حال حصوله على تأشيرة إقامة يابانية يمكن له السماح بالمرور دون اشتراط تأشيرة الترانزيت، وفي ما يتعلق بحالة اشتباه طلب الهجرة واللجوء، قال الراكب أمام المحكمة إنه لا يوجد ما يدعو للاشتباه وملتزم بشروط‏ وأنظمة الجوازات السعودية ومستقر في عمله منذ 7 سنوات، وخلص إلى تمسكه بتعويضه عن الأضرار المالية التي تكبدها.

المحكمة: الناقل الجوي مخطئ

اكتفى الطرفان بما قدماه من مذكرات، فيما قررت الدائرة القضائية رفع الجلسة للمداولة وإصدار الحكم. وخلصت المحكمة إلى أن الناقل الجوي أخطأ برفضه إركاب المدعي كونه يحمل تأشيرة سارية المفعول من اليابان تخوله الدخول إلى المكسيك دون الحاجة إلى إصدار تأشيرة، واستندت في ذلك إلى ما نصت عليه تعليمات سفارة المكسيك لدى المملكة، وفي ما يتعلق بموقف إدارة الجمارك الفيدرالية (مكتب حرس الحدود السويسرية في دبي)، الذي نصح بعدم قبول الراكب لوجود اشتباه بالهجرة ‏غير الشرعية اعتبرت المحكمة رأي إدارة الجمارك الفيدرالية مجرد نصيحة لا خبراً مؤكداً يدين الراكب بما نسب إليه، كون الأصل في السفر زيارة عمل سياحية أو علاجاً أو زيارة قريب، ولا ينتقل إلى غير ذلك إلا بدليل قطعي وهو ما لم يثبت على الراكب، وانتهت المحكمة إلى إدانة الناقل الجوي بالخطأ ما ترتبت عليه ضرر الراكب وحكمت بتعويضه عن قيمة التذاكر ورفع الضرر عنه.

«وليد» لـ«عكاظ»: معارفي شككوا في حصولي على حقي.. والقضاء أنصفني

أكد وليد عبدالله، الراكب الحاصل على حكم ضد خطوط الطيران، أنه تسلم المبلغ المحكوم له به عبر التحويل الآلي تنفيذا للحكم الصادر لصالحه بإلزام الناقل الجوي بتعويضه عن الضرر الذي لحق به عقب منعه من مغادرة جدة.

وقال وليد لـ«عكاظ»: «لدي رسالة أرغب في إيصالها عبر «عكاظ»، ملخصها أن القضاء السعودي قضاء حق لا يفرق بين صغير أو كبير وبين مواطن أو مقيم، الجميع سواسية أمام المحكمة». وأضاف أن بعض المقربين سخروا منه عندما قرر إقامة الدعوى، وشككوا في حصوله على حكم أو تعويض ضد منشأة وطنية كبيرة.

وقال: «خلال تجربتي في المحكمة الإدارية بديوان المظالم هناك بوصلة واحدة يتجه نحوها وهي بوصلة الحق. عرفت عن أحكام كثيرة صدرت لصالح مواطنين ومقيمين ضد جهات حكومية، وهو ما يؤكد نزاهة القضاء وإنصاف المظلوم».

وأضاف: «على المستوى الشخصي قبل الذهاب إلى المحكمة الإدارية بديوان المظالم قال بعضهم لي «ترى خصمك خطوط طيران وتراها جهة كبيرة»، وآخرون من المعارف قالوا لي: «أنت مقيم أجنبي وما راح تحصل على حق»، وليس انتهاء بمن قالوا لي «حبال المحاكم طويلة»، ونصحوني بترك الموضوع. وفي مقابل هذا كله كانت لدي قناعة راسخة بأن الحق سينتصر».