ياسر الغامدي
ياسر الغامدي
-A +A
هبة أيمن محروس (المدينة المنورة) hebo_777@
يصاب العديد من الناس باضطراب الاكتئاب الموسمي، أو بما يدعى باكتئاب الشتاء، مع جهل كبير لدى الأغلب بهذا النوع من الاكتئابات في هذه الفترة، ويُلاحظ على معظم الناس في الفترة الحالية حدوث نوبات من الحزن المستمر أو الزعل الشديد والضيق والكدر وتدني المزاج والخاطر المكسور، وذلك دون إلمام بأسباب معينة أو حدوث مشكلة بعينها لكي يتم التعامل معها..

أسباب الاكتئاب


وفي هذا الصدد يقول الأخصائي الأول في علم النفس والمعالج النفسي الدكتور ياسر عبدالرحمن الغامدي: بأنه خلال التغيرات المناخية التي تحدث في فصول السنة قد يظهر أحياناً على بعض الأشخاص بعض التغيرات المزاجية، والتي قد تعرف بما يسمى بالاكتئاب الموسمي، وقد يكون مرتبطاً بفصل الشتاء، ويسمى أحياناً اكتئاب الشتاء. ويضيف «الغامدي»: «قد يعزى هذا النوع من الاكتئاب الموسمي في فصل الشتاء إلى الاختلال الكيميائي الذي يحدث في الدماغ نتيجة قلة ضوء الشمس وقصر ساعات النهار مقارنة بالليل، ولذلك قد يؤثر على الساعة البيولوجية للإنسان ويجعل الفرد غير قادر على اتباع جدوله اليومي المعتاد». وتقول دكتورة علم النفس والتحليل النفسي من جامعة السوربون بباريس نورة المالكي، يعتبر الاكتئاب الموسمي نوعاً من الاضطرابات النفسية المرتبط بالتغيُّرات الموسمية حيث يبدأ الاضطراب العاطفي الموسمي، وينتهي في نفس الأوقات من كل عام، فيما تقول الأخصائية النفسية إيمان عبد الشكور «يسمى هذا النوع من الاكتئاب الاضطراب العاطفي الموسمي (SAD)، والاكتئاب الموسمي، ويأتي غالباً في المراحل الانتقالية من فصل إلى الثاني ولو زادت الأعراض عن الفترة الموسمية قد يكون علامة بأن الشخص مصاب بالاكتئاب المتعارف عليه وليس اكتئاب موسمي».

وتشير الدكتورة إيمان إلى أن السبب الأساسي في الاضطراب العاطفي الموسمي يبقى غير معلوم، لكن هناك عوامل مؤثرة.

أعراض اكتئاب الشتاء

وأوضحت «المالكي» بأن الأعراض لهذا الاكتئاب تبدأ في الخريف وتستمر طوال شهر الشتاء، وتستنزف طاقة الفرد، وتبعث له الشعور بتقلب المزاج، وقد فسر هذا الاكتئاب من وجهة نظر التحليل النفسي على أنه كبت للغرائز يؤدي إلى عدوان متحول إلى الداخل، وبينت بأن الأعراض لهذا النوع من الاكتئاب تشمل الشعور بالاكتئاب معظم اليوم في أغلب الأيام، وفقدان الاهتمام بأنشطة كنت تستمتع بها سابقاً، وانخفاض النشاط، وجود مشكلات تتعلق بالنوم، والشعور بتغيرات في الشهية أو الوزن، والشعور بالخمول أو الاهتياج، وصعوبة التركيز، والشعور باليأس أو فقدان الأمل أو الذنب، وتردُّد أفكار حول الموت أو الانتحار.

وذكر الدكتور ياسر الغامدي أن أعراض الاكتئاب الموسمي قد تكون بسيطة أو حادة، ومن أبرزها الشعور بالإنهاك والتعب دون مجهود يذكر، وأحياناً زيادة الوزن بسبب الإفراط في الأكل، وقد تكون الأعراض أكثر حدة مثل الشعور بالحزن، ومن الممكن أن تزداد ساعات النوم ويشعر الشخص بأن ليس لديه طاقة بالرغم من النوم الكافي، وقد يشعر بأن ليس له قيمة والشعور بالذنب وقد تصل أحياناً في أسوء الحالات إلى التفكير بالموت.

وذكرت الأخصائية إيمان بأن الأعراض تتضمن أيضا تقلبات مزاجية وأفكار سوداوية، والكسل والخمول، واليأس وفقدان الأمل، والانسحاب عن المجتمع والحياة، وفرط النوم، وتغيرات الشهية وخصوصاً اشتهاء تناول أطعمة عالية الكربوهيدرات، زيادة الوزن، والإرهاق أو نقص الطاقة.

طرق العلاج

قال «الغامدي» أحياناً تتحسن الأعراض بشكل تلقائي ودون تدخل طبي، وفي بعض الحالات من المهم أن يلجأ الفرد إلى الشخص المختص، ومن أبرز طرق العلاج لهذه المشكلة محاولة التعرض للضوء باستخدام صندوق الضوء العلاجي أو أي ضوء مماثل للأجواء الطبيعية الخارجية بحيث يجلس أمامه الشخص كل صباح لمدة 20 دقيقة على الأقل في فصل الشتاء، وكذلك يمكن علاج هذه المشكلة عن طريق جلسات العلاج النفسي والتي تساعد الفرد على تحديد مشاعره وسلوكياته وأنماط تفكيره ومحاولة تغيرها لتحسين الحالة المزاجية، وكذلك في بعض الحالات الحادة قد يكون التدخل الدوائي عن طريق الطبيب النفسي مفيد ويساعد الإنسان على تخفيف حدة الأعراض.

فيما بيّنت «المالكي» بأن العلاج النفسي بطريقة التحليل النفسي يعد من أفضل الطرق العلاجية لمرض الاكتئاب بجميع أنواعه، لاسيما لعالج الاكتئاب الموسمي، حيث تمكن فريق من علماء أبحاث المخ في ألمانيا من اكتشاف طريقة جديدة لمعرفة مدى فعالية العلاج بالتحليل النفسي على مرضى الاكتئاب، وتعتمد طريقة العلاج هذه على استخدام صور شعاعية خاصة تمكن من رصد تغيرات خلايا المخ أثناء فترة العلاج، وتسمح هذه الطريقة بقياس مدى نجاح عمليات التحليل النفسي التي لا تعتمد على تناول الأدوية الخاصة بمعالجة حالات الاكتئاب فحسب، وإنما على اكتشاف أسباب المرض النفسي في العقل الباطن حسبما ذكرت أستاذة علم النفس في جامعة أنزبروك البروفسورة آنا بوخايهم لوكلات الأنباء (د.ب.أ)، كذلك قد تساهم جلسات العلاج السلوكي المعرفي في القدرة على تحسين الكثير من الأعراض السلوكية الحادثة في هذا الاضطراب. وفي هذا الجانب تقول الأخصائية إيمان بأن العلاج عن طريق الضوء بكل بساطة بأنك تتعرض للإضاءة القوية سواء التعرض لأشعة الشمس أو الجلوس في غرفة مضيئة من ٢٠ إلى ٣٠ دقيقة يومياً، والعلاج المعرفي السلوكي وهو مناقشة أفكارك المضطربة مع أخصائي نفسي، وخلق مساحة آمنة لنفسك، وممارسة هواية محببة للقلب تجلب المتعة والبهجة للقلب، وأيضاً من طرق العلاج ممارسة المشي والرياضة بشكل عام تساعد بشكل كبير في تحسين الحالة المزاجية والتخفيف من حدة الاكتئاب، وأخيراً هو العلاج الدوائي، ويكون بوصفة طبية من الطبيب النفسي، وهذا الحل يكون مع الأشخاص المصابين بدرجة اكتئاب عالية.

الوقاية خير من العلاج

تقترح «المالكي» بعض الحلول للوقاية من هذا الاكتئاب بممارسة الرياضة، والخروج للتنزه في الصباح الباكر، ومحاولة التعرض لأشعة الشمس قدر المستطاع، والبقاء بنشاط، وتناول الطعام الصحي الغني بالفيتامينات والألياف وغيرها، والنوم لعدد ساعات كافية.

فيما تقول الأخصائية إيمان بأن الوقاية خير من العلاج، فالحياة القائمة على روتين صحي مرن بممارسة الرياضة ولو المداومة على المشي لمدة ٤٠ دقيقة في ساعات النهار، والأكل المتوازن، وممارسة هواية تساعدك على التعامل مع مشاعرك، وتهدئة أعصابك، والحصول على ساعات نوم كافية أثناء الليل، كلها عوامل تساهم في الحصول على صحة نفسية جيدة ومتوازنة.