أوصاف سعيد
أوصاف سعيد
-A +A
يتزامن يوم جمهورية الهند الـ 73 مع الاحتفالات المستمرة بـ«آزادي كا أمريت ماهوتساف» ذكرى مرور 75 عامًا على استقلال الهند وإنجازاتها كدولة مستقلة جديدة، رسخت خلالها مع المملكة العربية السعودية علاقات دبلوماسية رسمية وتجارية قديمة وتاريخية.

وكدولة شابة نسبيًا، برزت الهند كواحدة من الدول الرائدة على الصعيد العالمي من حيث التقدم التعليمي والعلمي والتكنولوجي والاقتصادي، ما جعلها واحدة من أسرع الاقتصادات نموا في العالم، وفي هذه الرحلة، استرشدت الدولة بمبادئها الديمقراطية الأساسية المتمثلة في العدل والحرية والمساواة والأخوة، وتطورت إلى مجتمع تعددي فعلاً، واحتضنت التنوع، وملتزمة بتوفير فرص متساوية لجميع مواطنيها.


ونظرا لأن العالم يتعافى تدريجياً من الدمار الاقتصادي الناجم عن جائحة الكوفيد-19، فإنه ينظر باهتمام إلى قصة نمو الهند التي تدعم التكنولوجيا التي أبدت رغبتها في الابتكار واعتماد التكنولوجيا والرقمنة والتشغيل الآلي لتكون شريكاً عالمياً موثوقاً به في مجالات التوريد العالمي.

ووفقا لتقرير الآفاق الاقتصادية العالمية الأخير الصادر عن البنك الدولي، يُقدر نمو الناتج المحلي الإجمالي للهند بـ 8.3% في السنة المالية الحالية، و8.7% في العام 2022-23، متجاوزًا الاقتصادات النامية الأخرى مثل الصين وإندونيسيا وبنجلاديش.

ويبلغ اقتصاد الهند الآن 3.1 تريليون دولار أمريكي، ويعد سادس أكبر اقتصاد في العالم، بعد الولايات المتحدة الأمريكية والصين واليابان وألمانيا والمملكة المتحدة. ومن المتوقع أن تتفوق الهند على اليابان باعتبارها ثاني أكبر اقتصاد في قارة آسيا بحلول العام 2030، ومن المتوقع أن يتجاوز ناتجها المحلي الإجمالي على الناتج المحلي الإجمالي لألمانيا والمملكة المتحدة لتحتل المرتبة الثالثة في العالم.

كما تتمتع الهند بثالث أكبر نظام بيئي للشركات في العالم بعد الولايات المتحدة والصين، وجمعت الشركات الهندية 42 مليار دولار أمريكي عام 2021، ارتفاعًا من 11.5 مليار دولار أمريكي في عام 2020.

وفي الـ 75 عاما الماضية، احتلت الهند مكانة بارزة لنفسها في السياسة العالمية، وظهرت كصوت قوي في الأمم المتحدة والهيئات الدولية الأخرى في رفع القضايا المهمة كمكافحة الإرهاب، وإصلاح المؤسسات العالمية، والأمن البحري وحفظ السلام وتغير المناخ والتنمية المستدامة.

الهند مؤيدة للإصلاح وتعدد الأطراف وتؤيد للمناطق الحرة والمنفتحة والشاملة، وفي سعينا المشترك لتحقيق التقدم والازدهار، حيث يتم ضمان حرية الملاحة والرحلات الجوية والتجارة دون عوائق. كما تدعو إلى نظام دولي ديمقراطي وعادل وقائم على القواعد، مؤكدة احترام السيادة والسلامة الإقليمية والمساواة بين جميع الدول، بغض النظر عن الحجم وعدد السكان والقوة العسكرية.

وستمضي الهند قدما في السنوات الـ25 القادمة، ويمكننا أن نتخيلها بأن تصبح القوة التكنولوجية والاقتصادية في العالم مع تعزيز قيمنا الديمقراطية والتعددية.

ومنذ الاستقلال، تطورت العلاقات الثنائية بين الهند والمملكة العربية السعودية تدريجياً إلى شراكة إستراتيجية متعددة الأوجه ذات منفعة متبادلة وهي تحتوي على العديد من مجالات المشاركة الرئيسية التي تشمل التعاون الدفاعي والأمني والاستثمارات والرعاية الصحية والتكنولوجيا وأمن الطاقة والأمن الغذائي.

وقام رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي باستعراض مختلف جوانب العلاقات الثنائية مع ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز عام 2021.

كما أجرى وزير الشؤون الخارجية الدكتور أس. جايشانكار، مناقشات واسعة النطاق مع وزير خارجية المملكة العربية السعودية الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، خلال زيارته لنيودلهي في أكتوبر 2021. كما يتشاور وزيرا الطاقة في كلا البلدين لمراجعة التعاون الثنائي في مجال الطاقة.

وفي مجال العلاقات الدفاعية الثنائية، عقد التمرين الأول البحري المشترك بين البلدين «المحيط الهندي»، في أغسطس 2021 لإجراء مناورات تكتيكية وعمليات البحث والإنقاذ والتمرين على الحرب الإلكترونية لتعزيز التشغيل البيني، وفي وقت سابق في أبريل 2021، قامت آي أن اس تالوار INS Talwar بإجراء التمرين الممر (PASSEX) مع السفينة البحرية بالمملكة العربية السعودية (HMS Khalid) في الخليج العربي كجزء من عملية «Sankalp».

وما زالت الهند تنشر سفنها بشكل منتظم في المنطقة في مهمات تتراوح بين حماية التجارة البحرية، وإجراء عمليات مكافحة القرصنة والمخدرات، وتنفيذ مراقبة المنطقة الاقتصادية الحصرية (EEZ Surveillance) بناءً على طلب الدول الشريكة في قارة آسيا وقارة إفريقيا، وتقدم التدريب للضباط العاملين في القوة البحرية، كما تقوم بإجراء المساحة الهيدروغرافية.

واستمرت التجارة والتبادل التجاري بدون انقطاع على الرغم من الوباء، حيث رفعت التجارة الثنائية إلى 25 مليار دولار أمريكي في الفترة من أبريل - نوفمبر 2021. وتجاوزت صادرات الهند خلال هذه الفترة 5.75 مليار دولار أمريكي ووفقا للاتجاه، ومن المتوقع أن تتجاوز الصادرات مستويات ما قبل الوباء وحتى إنشاء سجلات جديدة. وبرزت الهند كثاني أكبر شريك تجاري للمملكة خلال العام 2021، بينما تظل المملكة العربية السعودية رابع أكبر شريك تجاري للهند.

وتتفاءل الشركات الهندية في القيام باستثمارات بالمملكة العربية السعودية في ضوء الفرص المتنوعة التي ظهرت في إطار «رؤية 2030» في مختلف القطاعات. ويوجد حاليا 745 شركة هندية وهي مسجلة لدى وزارة الاستثمار بالمملكة العربية السعودية (MISA) بإجمالي استثمارات تتجاوز 2 مليار دولار أمريكي في مجموعة من القطاعات مثل البناء وتكنولوجيا المعلومات والنقل والضيافة والرعاية الصحية.

وتحرص شركة التعدين الهندية المحدودة (Vedanta Ltd.) الرائدة في مجال الموارد المعدنية على استكشاف الإمكانات الهائلة في المملكة العربية السعودية في مجال المعادن، بما في ذلك الزنك والذهب والفضة، حينما تحرص الشركات مثل مجموعة تاتا (TATA)، وكي إي سي إنترناشيونال على توسيع عملياتها الحالية.

وقام المستشفى الهندي متعدد التخصصات الفائقة (Medanta)، بإجراء مناقشات أولية لاستكشاف إمكانية تدشين فرعه في المملكة العربية السعودية، علماً بأن الرعاية الصحية هي أحد القطاعات الإستراتيجية الـ13 التي حددها صندوق الاستثمارات العامة (PIF) والذي استثمر أخيرا في الشركة HealthifyMe للصحة واللياقة البدنية مقرها في الهند. والسفارة في اتصال وثيق مع شركة NUPCO والهيئة العامة للغذاء والدواء (SFDA) في المملكة العربية السعودية وشركة PHARMEXCIL في الهند لتعزيز التعاون في مجال الرعاية الصحية بين البلدين.

وفي مجال الطاقة، لا تزال المملكة العربية السعودية ثاني أكبر مورد للزيت الخام للهند بعد العراق، حيث تمثل نحو 18% من إجمالي واردات الهند من الخام. وخلال السنة المالية 21-22 (أبريل - نوفمبر 2021)، استوردت الهند 23.3 مليون متري طن من النفط الخام من المملكة العربية السعودية بقيمة 12.6 مليار دولار أمريكي.

كما تعد المملكة العربية السعودية ثالث أكبر مصدر لواردات الهند من غاز البترول المسال بعد قطر والإمارات العربية المتحدة، حيث تمثل 22.3% من إجمالي وارداتنا من غاز البترول المسال. وبالنسبة للسنة المالية 2020-2021، شكلت تجارة المواد الهيدروكربونية بين الهند والمملكة العربية السعودية نحو 61% من إجمالي التجارة الثنائية مع المملكة.

وتعد الطاقة المتجددة قطاعًا واعدًا الذي يوفر إمكانات هائلة لتعزيز التعاون الثنائي في مجال الطاقة. وقامت الشركات السعودية مثل مجموعة الفنار و(ACWA Power) باستثمارات كبيرة في قطاع الطاقة المتجددة في الهند.

وفي مجال التعليم، يوجد عدد كبير من الجامعات السعودية حريصة على إقامة التعاون الهادف إلى مؤسسات التعليم العالي المرموقة في الهند مثل المعاهد الهندية للتكنولوجيا (IITs)، والمعاهد الهندية للإدارة (IIM)، والمعهد الهندي للعلوم (IISc)، بالإضافة إلى الجامعات الرائدة في الهند، فالمعهد الهندي للتكنولوجيا في نيو دلهي (IIT Delhi) يستكشف إمكانية لفتح حرم جامعي في المملكة العربية السعودية.

كما تستضيف المملكة العربية السعودية 2.3 مليون هندي يقدمون مساهمات مختلفة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية مقدرة ومعترفة بها على نطاق واسع. وخلال هذه السنوات، تنوعت ملامح الجالية الهندية في المملكة بشكل كبير لتشمل على رواد الأعمال والمستثمرين والمصرفيين والرؤساء التنفيذيين للشركات، إضافة إلى الأطباء والمهندسين والأكاديميين. وبرزت الجالية الهندية في المملكة العربية السعودية كثالث أكبر مصدر للتحويلات الأجنبية في الهند.

سفير الهند لدى المملكة العربية السعودية الدكتور أوصاف سعيد