-A +A
سامي المغامسي (المدينة المنورة) sami4086@
كشف الباحث والروائي عبدالرحمن سليمان النزاوي، انتشار مصطلح (اللقمة الحارة) أو اللقمة الساخنة على طرق الحجاج قبل 100 عام، إذ ظلت قوافل الحجاج في تلك الحقبة تعاني المصاعب والعوائق قبل الوصول إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة، من نقص المياه والغذاء والملبس والأحذية والركايب (الإبل والدواب). وتتحدث وثائق تاريخية عن وقفيات للإطعام واللباس، حتى وصل الأمر إلى وقف لتأمين حذاء الحاج. ويضيف الباحث النزاوي، أن أهل المدينة المنورة استقبلوا رسول الله بالفرح والسرور، وقد رأى منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلى وأرقى الترحاب والكرم والإيثار والتكافل الاجتماعي الذي لم يسجل التاريخ مثله، ولقد آخى نبينا بين الأنصار والمهاجرين، فكل مهاجر تقاسم الأرض والطعام والمسكن مع أخيه الأنصاري، فبدخول نبينا المدينة قال: «أفشوا السلام وأطعموا الطعام».

ماذا تعني اللقمة الحارة ؟


المصطلح يعني الطعام المطهوّ الطازج والساخن من مأكل ومشرب كالثريد والعصيد والجريش، وتتكون من التمر والحليب أو اللبن، وتوفير مياه باردة للحجاج وأماكن للضيافة يتولاها أهل البادية والقرى والهجر. وكان أهل البادية يتنافسون في ذلك خدمة لضيوف الرحمن وعابري السبيل، ويعتبرونها من النخوة والكرم والشهامة العربية الأصيلة ومما أوصى به نبينا عليه الصلاة والسلام من مكارم الأخلاق، وتنتشر ثقافة إكرام المسافرين وعابري السبيل وقوافل الحجاج والزوار في الجزيرة العربية عامة.

قوافل الحجاج

وفي ثقافة اللقمة الساخنة، يقوم أحدهم بتخصيص «وقف» بموجب صك شرعي، ويقتطع جزءاً من مزرعته (نخيل، حبوب، ثمار) أو جزءاً من عقاره أو ماله، كما كان يخصص جزءاً من الزكاة أو الصدقات لتجهيز (اللقمة الساخنة)، وتنتشر هذه الثقافة في كافة القرى والبوادي حول مكة والمدينة والمشاعر المقدسة.

ويضيف الباحث النزاوي، أنه في العهد السعودي اهتم الملك المؤسس بالأرض والإنسان كافة بوطننا الغالي وخصوصاً بالحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة وحجاج وزوار بيت الله الحرام والمسجد النبوي الشريف، فقام بتوسعة الحرمين الشريفين وتأمين طرق الحج بكل سبل الراحة من مطعم ومشرب وأماكن راحة للحجاج والمسافرين، واستمر هذا النهج حتى اليوم، إذ يتسابق الجميع في السعودية لخدمة ضيوف الرحمن، وخير شاهد على ذلك ما يجده الضيوف من طعام وشراب بدأت باللقمة الحارة.. وانتهت بالبوفيهات المفتوحة.