-A +A
متعب العواد (حائل) Motabalawwd@


كشفت أحدث دراسات وبحوث برنامج الأمان الأسري الوطني حول العنف الأسري وتحديداً العلاقة بين التعرض للتنمر في مرحلة الطفولة والإدمان والسلوكيات المعادية للمجتمع أن معدل انتشار التنمر الجسـدي لـدى الذكـور أعلـى منـه لـدى الإنـاث (40٪) مقابـل (33٪)، والتنمـر الجنسـي بنسـبة (19٪) مقابـل (10٪) لـدى الإنـاث.


وفـي المقابـل، يشـكل الإنـاث معـدل انتشـار أعلـى في التنمـر النفسـي بنسـبة (16٪) مقارنــة (9٪) للذكــور، وكذا في التنمــر الاجتماعــي بنســبة (14٪) مقابــل (10٪) للذكــور. وكان ضحايــا التنمــر أكثــر عرضــة للتدخيـن بـ(1.8) مـرة، ولشـرب الكحـول (2.3) مـرة، وتعاطـي المخـدرات بــ (2.9) مـرة، وممارسـة العلاقـة الجنسـية خـارج إطـار الـزواج بــ (2.1) مـرة، وأكثـر عرضـة للأفـكار الانتحاريـة بــ (2.5) مـرة مقارنـة بالمشـاركين الذيـن لـم يتعرضـوا لـه. وبحسب الدراسة التي حصلت “عكاظ” على نسخة منها فإن التنمـر مشـكلة صحـة عامـة منتشـرة بيـن الشـباب علـى نطـاق واسـع ولهـا آثـار سـلبية بعيـدة المـدى. وتهـدف الدراسـة لتحديـد مـدى انتشـار التنمـر فـي مرحلـة الطفولـة وارتباطـه بالإدمـان والسـلوكيات المعاديـة للمجتمـع بيـن البالغيـن، وكانت منهجية البحث دقيقة من خلال دراسـة وطنيـة اسـتطلاعية علـى (10156) ممـن بلغـت أعمارهـم 18 سـنة علـى الأقل تمت دعوتهم للمشـاركة بالدراسـة وتم فيها اسـتخدام الاسـتبيان الدولي لخبرات الطفولة السـيئة، وتتـراوح متوسـط أعمـار المشـاركين بالدراسـة مـن 11.3 إلـى 34.3 سـنة، منهـم (52٪) من الذكور. وقـد أبلغ (39٪) من المشـاركين عـن تعرضهـم للتنمـر وتـم العثـور علـى اختلافـات كبيـرة بيـن الجنسـين مـن حيـث انتشـار التنمـر بأنواعـه المختلفـة. ووفقاً للدراسة العلمية الدقيقة فإن الاستنتاجات لهذه الدراسة أوصت إدراج الوقايـة مـن التنمـر ضمـن جـدول الأعمـال الوطنـي لـوزارة التعليـم وعللت الدراسة التوصية بأن التعـرض للتنمـر فـي مرحلـة الطفولـة يزيـد مـن فـرص ممارسـة السـلوكيات الخطـرة لـدى البالغيـن فـي المملكـة.

التنمر في مرحلة المراهقة

كشفت الدراسة الهادفة نحو فهـم أعمـق حـول ظاهـرة التنمـر بيـن طـلاب المدارس المتوسـطة فـي المملكـة، وتم تحديــد ثلاثـة محـاور رئيسـية وعـدة موضوعـات فرعيـة: وهي أنـواع التنمـر، والعوامـل المؤديـة له، وآثـاره ومـن المواضيـع الفرعيـة التـي تبيـن أنهـا تفضـي إلـى التنمـر: الافتقـار إلـى بيئـات آمنـة، توفـر مرافـق ترفيهيـة، والتناقضـات فـي معالجـة السـلوكيات، بينمـا كانـت كراهيـة المدرسـة والعنصريـة والعدوانيـة والعزلـة الاجتماعيـة مـن أهـم الآثـار الناجمة عـن التعرض للتنمـر واستنتجت الدراسة انه تــم الحصــول علــى فهــم أفضــل لتجــارب التنمــر بيــن المراهقين على أن تســتهدف التدابيــر الوقائيــة جميــع العوامــل المؤديــة للتنمــر.

الدراسة حول الاعتـداء الجنسـي علـى الأطفـال في المملكة، كشفت عن متطلبات معرفـة وتدريـب متخصـص، يتضمـن مهـارات إجـراء مقابـلات الطـب الشـرعي مـع ضحايـا العنـف. والهـدف مـن الدراسـة تحديـد الاختلافـات فـي مواقـف المهنييـن تجـاه الاعتـداء الجنسـي علـى الأطفـال عـن طريـق قيـاس ثلاثـة جوانـب مـن السـلوكيات الجنائيـة، الحساسـية والنوعيــة والشــك وتقييــم الاختلافــات المتعلقــة بتقييــم حــالات الاعتــداء الجنســي علــى الأطفــال وبحسب منهجية البحث التي أجرت دراسـة اسـتطلاعية باسـتخدام مقيـاس السـلوك الجنائـي للطفـل لقيـاس سـلوك المهنييـن والمشـاركين الذيـن تعاملـوا مـع الحـالات المشـتبه كونهـا حـالات اعتـداء جنسـي علـى الأطفـال كجـزء مـن عملهـم أو كانـوا فـي مهـن تتطلـب التعامــل فــي مثــل هــذه الحــالات، كان عــدد المشــاركين (327) مشــاركاً، (53٪) منهــم دون الأربعيــن (54٪) منهــم ذكـوراً، (24٪) منهـم مـن الأطبـاء /‏‏ الممرضـات، (20٪) مـن المعالجيـن /‏‏ الأطبـاء النفسـيين و(24٪) مـن الأخصائييـن الاجتماعييـن (17٪) مـن المعلميـن (9٪) مـن المتخصصيـن فـي مجـال تطبيـق القانـون و(5٪) مـن الفاحصيـن الطبييــن.

واختلفـت نتائـج مقاييـس السـلوك بشـكل كبيـر باختـلاف جنـس المشـاركين وتخصصهـم وتدريبهـم. وأظهـرت النتائـج أن النسـاء وأخصائـي الرعايـة الصحيـة وأولئـك الذيـن شـاركوا فـي أكثـر مـن خمـس دورات تدريبيـة أكثـر اهتمامـاً بالإبـلاغ عـن حـالات سـوء المعاملـة مقارنـة بغيرهـم مـن المهنييـن.

فـي المقابـل، يميـل الرجـال والفاحصـون الطبيـون ومتخصصـو تطبيـق القانـون والمهنيـون المختصـون إلـى عـدم الإبـلاغ عـن حـالات الاعتـداء الجنسـي المشـتبه فيهـا، واستنتجت الدراسة أنه يمكــن أن تؤثــر الخصوصيــة العاليــة تجــاه الاشــتباه بحــالات الاعتــداء الجنســي علــى الأطفــال علــى تقديــر المهنييــن والمسـاهمة فـي انخفـاض معـدلات الإبـلاغ.

وأوصت الدراسة على وجوب تنفيـذ اسـتراتيجيات معينـة تشـمل زيـادة الوعـي الذاتـي، وعـدم الانحيـاز الشـخصي تجـاه الحـالات المشـتبه بهـا، بالإضافـة إلـى تقديـم دورات للتعـرف علـى الاعتـداء الجنسـي علـى الأطفـال لتقييـم الحالـة وإدارتهـا للتحكـم فـي تأثيـر العوامـل الشـخصية غيـر الموضوعيـة.

الطفولة السيئة وعنف الأقران والتفكك

كشفت دراسات وبحوث برنامج الأمان الأسري الوطني حول العنف الأسري أن التعـرض المبكـر للعنـف لـه تأثيـر سـلبي علـى نمـو دمـاغ الطفـل ووفقاً لمنهجية البحث التي أخضعت جميـع مناطـق المملكـة باسـتخدام الاسـتبيان الدولـي لمنظمـة الصحــة العالمية، كما خمــس فئــات رئيســية تكونت لخبــرات الطفولــة الســيئة وهي (الإيــذاء والإهمـال والتفـكك الأسـري وعنـف الأقـران والعنـف المجتمعـي) وأكثـر مـن نصـف العينـة (52٪) تعرضـوا للإيـذاء العاطفـي ويليـه الإيـذاء الجسـدي (42٪) والعنـف بيـن الأقـران (التنمـر) (39٪) والإهمـال (29٪) والإيـذاء الجنسـي (21٪). وكان أكثـر أشـكال التفـكك الأسـري شـيوعاً هـو مشـاهدة العنـف الأسـري ضـد أي فـرد مـن أفـراد الأسـرة (57٪)، وكان الأقـل انتشـاراً العيـش مـع متعاطـي المخـدرات (9٪). كمـا أن انخفـاض التحصيـل العلمـي واضطـراب الحيـاة الزوجيـة وتعاطـي المخـدرات لـه الأثـر الكبيـر بجميـع فئـات خبـرات الطفولـة السـيئة. بينمـا أثـر الإهمـال والتفـكك الأسـري علـى حـدوث البطالـة.

ومن أهم الاستنتاجات للدراسة انتشار خبــرات الطفولــة الســيئة؛ الإيــذاء والإهمـال والتفـكك الأسـري وعنـف الأقـران والعنـف المجتمعـي بشــكل كبيــر ولهــا تأثيــر ســلبي كبيــر لــذا ينبغــي تنفيــذ البرامــج الوقائيــة الوطنيــة للحــد منهــا.

إساءة المعاملة من زوج الأم وزوجة الأب

في ملف إساءة معاملة الأطفال كشفت الدراسة أن هدفها يتجه لمعرفـة معـدلات الانتشـار الإجمالـي للأشـكال الرئيسـية لإسـاءة المعاملـة بيـن المراهقيـن فـي السعودية والفــروق فــي معــدل الانتشــار حســب العمــر والجنــس والمســتوى المعيشــي، وأجريـت الدراسـة الاسـتطلاعية لعـدة قطاعـات فـي المـدارس الثانويـة فـي خمس مـن المناطـق وتـم تقييـم حـالات التعـرض للعنـف، والإيـذاء النفسـي والجسـدي والجنسـي، والإهمـال فكانت النتائج أنه وجــد أن مــا يقــارب (90٪) مــن المراهقيــن كانــت أعمارهــم تتــراوح بيــن 16-18 ســنة، وأكثــر مــن (80٪) منهــم يقطنــون تحــت رعايـة والديهـم، وتــم العثــور علــى معــدلات أكبــر لجميــع أشــكال الإيــذاء أو خطــر التعــرض لــه عندمــا يكــون المشــاركون مــع أحــد والديهــم (مقارنـة بالعيـش مـع كليهمـا)، ومعـدلات أكبـر للجميـع عندمـا عاشـوا مـع أحـد والديهـم وزوج الأم أو زوجـة الأب. وكانـت معـدلات التعـرض للعنـف والإيـذاء النفسـي والإهمـال أكبـر بكثيـر بالنسـبة للفتيـات، بينمـا كان معـدل الإيـذاء الجنسـي أكبـر بالنسـبة لـلأولاد، واستنتجت الدراسة بضرورة توجيه برنامج وقائي لمنع الإيذاء الجنسي بين الأولاد.

معتقد.. الرجل يأخذ حقه بيده!

في رأي الإخصائي الإجتماعي عبدالله البقعاوي أن الأرقام والدراسات في ملفات التنمر والايذاء للأطفال والمبنية على إجراءات مسحية لبرنامج الأمان الأسري ومركز الملك عبدالله للأبحاث محل اهتمام كثير من الباحثين والإخصائيين الاجتماعيين وانطلقت من خلال مثل هذه الدراسات المسحية دراسات عدة للوقوف على الأسباب والبحث عن علاج ومن خلال ما نراه بعيداً عن الدراسات هناك جهود جبارة بادر بها البرنامج بالتشارك مع وزارة التعليم واستهدف عدة فئات منها المرشدين الطلابيين والمشرفين والطلاب وكانت هناك حملات توعوية على نطاق واسع، لكنها قد تكون تلك الجهود قد اصطدمت مع عدم استشعار كثير من أولياء الأمور للآثار المترتبة على مشكلة التنمر إما جهلاً منهم أو أنهم هم أنفسهم يستخدمون العنف بأنواعه أو هناك معتقدات متمسكون بها مثل (الرجل يأخذ حقه بيده) و(تأتي إلي ضارباً خير لي من أن تأتي مضروباً)! ورفض البقعاوي ما يردده البعض عن تجاهل المتخصصين ومتخصصات علم الاجتماع في المناطق في المشاركة مع مجلس الأسرة لنشر الوعي وقال: لا أعتقد أن المتخصصين في العلوم الاجتماعية والإنسانية يتجاهلون المشاركة في مثل هذه البرامج المهمة، فهناك الكثيرون شاركوا وأقاموا دورات نوعية آخرها في حائل فشاركنا مع أصدقاء الحماية الاجتماعية في حملات توعوية ودورات استهدفت المرشدين والمرشدات الطلابيين وأولياء الأمور والمهتمين، كما استهدفنا الطلاب في أكثر من خمس مدارس وأندية أحياء.

وقاية.. مساندة.. بناء شراكات

يقول المدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري الوطني الدكتور ماجد العيسى عن تفصيلات الدراسة إن برنامـج الأمـان الوطنـي يعمـل تحـت مظلـة الشـؤون الصحيـة بالحـرس الوطنـي ويقدم برامـج الوقايـة والمسـاندة وبنـاء شـراكات مهنيـة مـع المتخصصيـن والمؤسسـات الحكوميـة والأهليـة والمنظمـات الدوليـة لتوفيـر بيئـة أسـرية آمنـة فـي المملكـة.

وأضاف أن البرنامـج وضع ضمـن أولوياتـه توفيـر المعرفـة العلميـة حـول مشـكلة العنـف الأسـري إيماناً من البرنامج فــي صناعــة القــرارات وبنــاء الخطــط والاســتراتيجيات الوطنيــة للتصــدي للمشـكلة لذلك بـادر البرنامـج منـذ إنشـائه إلـى إجـراء دراسـات وبحـوث علميـة واسـعة النطـاق، وبنـاء قواعـد للبيانـات وإتاحـة الفرصـة للباحثيـن للاسـتفادة منهـا كمـا يوفـر البرنامج الدعـم العلمـي للباحثين مــن مختلــف المؤسســات الأكاديميــة والبحثيــة، إضافــة إلــى المشــاركة بــالأوراق العلميــة والبحــوث فــي المؤتمـرات المحليـة والدوليـة.

المدارس.. هل تفتقر للوعي؟

كشفت دراسات وبحوث برنامج الأمان الأسري الوطني إلى افتقار معظـم العامليـن فـي المـدارس علـى اسـتعداد، لحضـور برامـج تدريبيـة حـول التنمر، وأوصت الدراسة إلى بـذل الجهـود اللازمـة فـي البـلاد لسـد الاحتياجـات لـدى المـدارس.

وصنفت دراسات وبحوث برنامج الأمان الأسري الوطني المملكــة في المســتوى المتوسط مــن الجاهزيــة بشــكل عــام لتطبيــق برامــج الوقايــة مــن إســاءة معاملـة الأطفـال علـى نطـاق واسـع، ويجـب بنـاء القـدرات وتعزيـز المـوارد الماديـة وتحسـين الروابـط المؤسسـية، والتعـاون لتعزيـز السـلوكيات المناهضـة لإسـاءة معاملـة الأطفـال.