-A +A
سلطان بن بندر (جدة)
يعتقد الكثير من السعوديين أن طريقتهم الخاصة التي لا يتفقون عليها ولا يختلفون في الكثير من تفاصيلها الصغيرة في تثبيت عود البخور فوق الجمر، والتأكد من بدء تصاعد خيوط دخانه بالنفخ مرات متكررة بشكل سريع على الجمرات، والضغط عليه مرات عدة حتى يتواسى ويبدأ اشتعاله، طريقة ناجعة ليرى المحتفى به مدى الضباب الدخاني الزاكي الدال على الكرم وطيب الحفاوة ضمن التقاليد الخليجية العتيدة. ويحمل تقديم العود أو البخور رمزية سعودية قديمة، تدل في أحيان عدة على الحفاوة وطيب الاستقبال وكرم الضيافة، إضافة إلى ما تحمله رائحة البخور من روائح عطرية يعشق أبناء الخليج العربي استنشاقها حتى باتت أيقونة عربية، فيما تكمن رمزيته الأخرى عند تقديمه للضيف بعد تناوله الطعام أو فراغه من احتساء القهوة والشاي الرمزية الدالة على انتهاء وقت الضيافة والتي تكاد أن تكون أشهر قواعد الإيتيكيت لدى البدو حتى لازمها المثل الشعبي: «ما بعد العُود قعود». ولا يكاد يخلو منزل سعودي من مبخرة وقطع فحم وكِسر للعود، فتطييب المنازل قبل الوقت المحدد لاجتماع العائلة بشكل يومي أو أسبوعي عادة لا يختلف عليها اثنان في السعودية، إضافة إلى اعتبار التطيب بكسر البخور زينة للرجال والنساء بشكل عام. وإلى أبعد من جمال طيبه، وجد البخور مكاناً في قصائد الشعراء التي كثيراً ما كان وسيلة للتشبيه بطيب معدن الرجال، وأجمل محاسن النساء، يقول الأمير بدر بن عبدالمحسن مادحاً الأمير سلطان بن عبدالعزيز، رحمه الله: «يفوح مع ذكرك شدى الورد والعود /‏ وكلٍ ينعّم بك إلا جاء مجالي»، ومشبهاً أنفاس محبوبته غير مرة: «ليه العطر.. أنتِ أنفاسك دخووون»، ليبقى العود ذكراً ورائحةً أزكى وأطيب الصفات والعادات المتجددة والمتوارثة لدى السعوديين.