إبراهيم طالع
إبراهيم طالع




خليف الغالب
خليف الغالب




عمر الخالدي
عمر الخالدي
-A +A
علي فايع (أبها) alma3e@
اتهم الشاعر الكويتي عمر الخالدي الشاعر السعودي خليف الغالب بسرقة إحدى قصائده، وتساءل الخالدي كيف لإنسان أن يسرق وجع الإنسان الآخر ليتجمَّل به؟ أي قلب شاعري هذا وأي شعور؟ لقد أنضجتنا الحياة بما يكفي لنشهد على أنفسنا بالوجع اللاموصوف وظلت آخر أمانينا أن يسلم لنا لو وجعنا فقط ولم يتركه لنا بنو الإنسان.. وجعنا فقط.. نعم (ليته حين سرق قصيدتي سرق وجعي) أنا الذي كتبت هذا النص تحت هاجس الهوية والوطن والاغتراب الطويل بسبب ورقة.. لكني لن أترك نصي للأغراب.

وأضاف الخالدي، الذي نشر قصيدته في تويتر قبل قصيدة الغالب بيومين: إنّ عادة السارق على مر التاريخ حين يُكتشف يلجأ لمخرج الطوارئ المعروف (توارد أفكار)، لكن ليس في هذه المرة فلا عاقل يصدّق أن خليف تواردت أفكاره مع أفكاري في العنوان وأول بيت عنده وآخر بيت عندي وعنده وأبيات أخرى من هنا وهناك داخل النص لاسيما فكرة تدخين الروح والنفس والتي لم أجدها لشاعر قبلي البتة.. نعم وُجِد تدخين الشعر لكن تدخين الروح لم يوجد حسب علمي.. والملفت أن خليف بدلاً من الدفاع عن نفسه ذهب ليستخرج أوجه التشابه بين قصيدتي و٢٠ قصيدة أخرى وسيجد هذا التشابه بلا شك، لأن اللغة العربية تحتمل، لكن حين يسطو أحدهم على قصيدة واحدة ويأخذ منها كل هذا الشعر لقصيدة واحدة أيضاً ثم يتذرع بالتوارد فلا ينطلي هذا إلا على السُّذَّج. وأكد الخالدي لـ «عكاظ»، أن السرقة طالت العنوان: (بكائية الليل الأخير)، فيما كان عنوان قصيدة خليف الغالب: (ليل الوجود الأخير)، وكذلك المقدمة والخاتمة، إذ كانت مقدمة خليف:


‏(أدخن نفسي لهذا المدى)، فيما كانت مقدمة قصيدتي: (أدخن الشعر في هذي القصائد من روحي)، علماً بأنني استعملت قافية (المدى) وفكرة تدخين النفس والروح لم أجدها لشاعر قبلي البتة.

أما الخاتمة لدى خليف فكانت:‏ (ضللتُ؟ نعم لم أكن نادماً.. لقد كان بعض الضلال هدى)، فيما كانت خاتمة قصيدتي: (بعضي ضلال وهذا البعض فيه هدى).

‏وتابع الخالدي، حتى الأفكار العامة لم تسلم، فقد كتبت: (وأنظر لكن لا أرى أحدا)، فيما كتب خليف الغالب: (وليس معي آخرٌ في الوجود)، وكذلك: (وليس ثمة في الأنحاء غير صدى)، فيما كتب الغالب: (أنادي ولا صوت لا آخرون يجيبون)، كما رجع الغالب ‏لفكرة الوحدة السابقة ومزجها مع قولي: (أليس من حق أمسي أن أعيش غدا)، وجعلها على هذا الشكل: (أفتش في الكون عن آخَر.. يقول لي اليوم ليس الغدا)، وكذلك‏: (وينتهي الشوق في عينيه حيث بدا)، فيما كتب خليف: (إذا شارف الانتهاء ابتدا)، ‏وختم الخالدي اتهامه بقوله: لم أتتبع ما يغلب على الظن توارده بين الخواطر مثل التشابه في القوافي، مع أني أجزم أنه استوحى من بعضها وسرق بعضها ومثل الأفكار المسروقة التي قد ينازع فيها البعض كقولي: (وأشرب الماء من عيني)، وجاء الغالب فقال: (وأشرب ذاتي) !

‏وأكد الخالدي أنه لم يسمع على مر العصور أن شاعراً توارد في ذهنه من قصيدة شاعر آخر العنوان وأول بيت وآخر بيت وقافية الدال وأبيات وأفكار من هنا وهناك.. واعترف الخالدي بأنّ بعض الأفكار في القصيدة ليست من بنات أفكاره الخالصة، وإنما حق مشاع لكل الشعراء، لكن مع كل هذا التشابه فلم يبق لصديق عذر ولا لغريب حجة !

الغالب: لم أقرأ نص الخالدي

أما الشاعر خليف الغالب فقد أكد لـ «عكاظ» أنه لم يقرأ نص الخالدي إلا في الساعة التي أشار فيها إليه، وأنه لا يعرف عمر من قبل ولا يضير أحدنا أنه لا يعرف الآخر.

واعترف الغالب بأنّ التشابه بين النصين في تركيبين:

الأول العنوان: وهو ليل الوجود الأخير الذي يتشابه في تركيبه مع العنوان الآخر: بكائية الليل الأخير، وهذا التقارب على طرافته موجود في كثير من العناوين، خصوصًا تلك التي تنطلق من بنية واحدة.. لاحظوا مثلا:

ما لم تقله زرقاء اليمامة - لمحمد عبدالباري.

ما لم يقله ابن زريق - لشتيوي الغيثي.

ما لم يقله عازف الرباب - للعجلان.

الثاني: الضلال والهدى.. وهذا المعنى على لذة مقابلته، إلا أنه مطروق مكرر في الشعر، فصفي الدين الحلي قال:

قمرٌ هدى أهل الضلال بوجهه

وأضلّ بالفرع الأثيث من اهتدى

وللشاعرة نسيبة الدعوم:

ما زلتُ أبحث في الضلالة عن هدى

وهو معنى تقود إليه القافية، فهل يجوز لي أن أقول إن صاحبنا سرقه من الحلّي أو من نسيبة؟

أقول هذا والله وأنا لم أعرف أبيات الحلي ونسيبة إلا من صديق أرسلها.. ولو فتش الإنسان في الأشعار لوجد هذا المعنى عند كثيرين.

ونفى الغالب أن يكون قد أخذ من الخالدي قوله: «وأنظر لكن لا أرى أحدا»، لأنّ هذا مضحك، فهناك بعدٌ شاسع بين التعبيرين، وقوله هذا هو قول دعبل:

إني لأفتح عيني حين أفتحها

على كثيرٍ ولكن لا أرى أحدا

وتساءل الغالب: هل يجوز لي أن أقول إن «صبر أيوب» هو صبر عبدالرزاق عبدالواحد.. وأن «الموغل في روحه قددا» هي إيغال شتيوي الغيثي حين قال:

والرمل يحفر في أشعاره قددا ؟!

أما الصورة الأخيرة التي قلت فيها «أدخّن نفسي» التي يراها الخالدي مأخوذة من قوله «أدخّن الشعر».. فلن أذهب لشيوع المعنى عند نزار وغيره.. بل سأرفق صورة لقصيدة تحمل ذات التعبير «أدخن الشعر» للشاعر ياسر العتيق..

فهل يجوز لي أن أتهمه بالسرقة ؟

النقاد بين الهروب والصمت

«عكاظ» تواصلت مع العديد من الشعراء والنقاد للفصل في هذا الجدل الذي أثارته هذه القصيدة، إلا أنّ الهروب والصمت كانا الخيار الأمثل، إذ تعذر ناقد بحجة ألا وقت لديه للنظر في هذه المشكلة، فيما طلب ناقد آخر إعفاءه من الخوض في هذه القضية بالتحديد، أما الناقد الثالث فقد رأى أنّ النصين عاديان ولا يستحقان هذه الضجة حتى لو كانت هناك سرقة !

الشاعر إبراهيم طالع الألمعي، أكد على أنّ النصين يختلفان في البحر، وأنّ التقاطع في النصين موجود في الموضوع (الشكوى)، أما تقاطع الكلمات والصور فقد توجد، لكن هذا يحتاج إلى قراءة خاصة لكلّ بيت وصورة، ولكنه لا يجد غضاضة إن تناصا أو تآثرا. وختم الألمعي رده بأن قال: كلا النصين رائعان !