-A +A
جاسم الصحيح
لِـيَ في الهوى مقدارُ ما للطينِ

من حِصَّةٍ بحكايةِ التكوينِ


لِـيَ أنتِ يا مَنْ تدخلينَ كهولتي

سَهوًا؛ دخولَ غزالةٍ لـعرينِ!

فخذي -إلى عُمري- طريقَكِ، واحذري

أنْ تعثري بحواجزِ «الخمسينِ»

إنِّي قفلتُ عليكِ كلَّ جوارحي

مُستَأنِسًا بشعوريَ المكنونِ

ما كانَ قَبلَكِ قَطُّ أنَّ قصيدةً

في داخلي، تسمو على التدوينِ

قالتْ لِيَ الرؤيا: ظمئتُ فـرَوِّنِي

يا شاعري.. بالحدسِ والتخمينِ

فبحثتُ عن لغةٍ تُقَيِّدُ لهفتي

ورجعتُ أضربُ في عراءِ جنوني

«سيجارتي» قَلَمٌ يفورُ على يدي

وكتابتي ضَـربٌ من التدخينِ

وأرى إلهًا في القصيدةِ حائرًا

يشكو خيانةَ «كافِـ»ـهِ و«النُّونِ»

لا تسألي كيف انتظرتُكِ عالقًا

في الوقتِ بين هواجسي وشجوني

هَبَّ الغيابُ على حديقةِ لهفتي

وهناكَ خَاصَمَتِ الرياحُ غصوني

ودمي تَضَرَّجَ بالحنينِ، كأنَّما

حربٌ تدورُ عليهِ منذُ قُرونِ

لا تسأليني كيف نافذةُ الهوى

خَفَضَتْ جناحَ الشوقِ للحَسُّونِ

«تشرينُ» عَرَّى ضَحْكَتي، وأصابَها

فيمنْ أصابَ بخاطرٍ مغبونِ

وبحثتُ ما بين الفصولِ فلم أجدْ

أَحَدًا يساعدُني على «تشرينِ»

لم ألقَ إلَّا الأغنياتِ كرائمًا

يجبرنَ قلبَ العاشقِ المفتونِ

من كلِّ أغنيةٍ يسيلُ على فمي

شَهْدُ العزاءِ كأنَّهُ يُغريني

«أحببتُ عُمْرِيَ» في هواكِ كأنَّني

أُحصي بمقياسِ الشعورِ سنيني

وحرستُ «مرمى» الانتظارِ فلم تصلْ

«كُرَةُ» السُّلُوِّ إلى «شِباكِ» حنيني

وحضنتُ جرحيَ في الغيابِ فلم أزلْ

أتلو عليهِ محاسنَ السِّكِّينِ

لِـيَ من هواكِ هُوِيَّةٌ فكأنَّما

مَنْ صاحَ: يا أهلَ الهوى.. يعنيني!

قد لا أكونُ أنا «حبيبًا أَوَّلًا»

حَطَّتْ بلابلُهُ بهذا التِّينِ

قد لا أكونُ.. وإنَّما لبلابلي

في العاشقين، فرادةُ التلحينِ

يا آيَةً؛ من كلِّ جارحةٍ بها

أمضي إلى أقصَى حدودِ يقيني!

حسناءُ تشهرُ طُولَها، وكأنَّما

شَهَرَتْ بهِ رُمحًا من النسرينِ

فَرِغَ الزمانُ من البهاءِ وجِئْتِنِي

تتألَّقين بدفترِ التلوينِ

لَكِ خطوةُ النبعِ الطليقِ مُحَمَّلًا

في وجنتيكِ ببهجةِ الليمونِ

صَافَحْتِنِي فتَفَتَّحَ الوَلَهُ الذي

ما بيننا عن زهرةٍ بيميني

وسكنتُ لكنْ ما سكنتُ، وإنَّما

شتَّان بين سكينتي وسكوني

غَلَبَ الهيامُ على الكلامِ فلم أَزِنْ

نفسي، أمامَ قوامِكِ الموزونِ

سلمتْ يداكِ وأنتِ تحتكرينني

مثل احتكارِ الرُّوحِ عبر الدِّينِ

لَكِ ضَمَّـةٌ راحتْ تُجَدِّدَ في دمي

ما يشتكي من دورةِ «الرُّوتينِ»

وأنا أشدُّ على عناقِكِ ساعدًا

مالتْ عليهِ عرائشُ الزيتونِ

فكأنَّنا «قوسانِ» بينهما انطوى

شوقٌ أذابَ حشاشةَ «التضمينِ»