-A +A
متعب العواد (حائل) Motabalawwd@

تهتم مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالحفاظ على البنية الثقافية والمعرفية للتراث العربي والإسلامي، وتشكل بعض مظاهر الحياة القديمة وامتداداتها حتى عصرنا الراهن جانبا من هذا الاهتمام، ومنه ما يتعلق بالتراث الحيوي الذي يشكله الجمل أو سفينة الصحراء في الجزيرة العربية. وهو ما يتسق مع إيلاء المملكة - بتوجيهات من ولاة أمورها وعلى مختلف العهود السعودية - الرعاية الكاملة والاهتمام لهذا التراث الحي المصاحب للمجتمع السعودي، خاصة أن الحياة الصحراوية ما تزال تعتمد على الجمل في معايشة الواقع، وما تزال تربية الإبل من الأنشطة الصحراوية البارزة، فيما تقام مسابقات الهجن بين فترة وأخرى وسوف ينطلق بعضها في الأشهر المقبلة بالمملكة بالقرب من مدينة الرياض.

وتطبيقاً لاهتمام مكتبة المؤسس بالتراث وإحيائه فقد نشرت الكتاب الفريد «الجمل في الفن القديم والتاريخ والثقافة بالمملكة العربية السعودية» باللغتين العربية والإنجليزية، حيث تم توثيق الرسوم الصخرية للجمل في مختلف مناطق المملكة المصاحبة لنقوش وكتابات عربية قديمة تبين تاريخ وجوده منذ أقدم العصور (قبل 7000 سنة) واستئناسه والاهتمام به في الحل والترحال والحروب والتجارة والصيد فكان وسيلة النقل الأساسية التي تتحدى البيئة الصحراوية وأخطارها وقوتها، بما يمثله الجمل من القدرة على التحمل والصلابة والمناعة والقوة والصبر، وخاصة من أجل الحج والعمرة عبر القوافل الآتية من كل حدب وصوب.

لذلك كان هذا الانتشار الكبير للرسوم الصخرية المصاحب بعضها لنقوش كتابية تحدد أسماء مُلاك الإبل ووسوم القبائل التي تعود إلى 3000 سنة قبل الميلاد.

يشتمل هذا الكتاب القيم على تقديم وخمسة فصول: الأول يتناول الجمل وقدراته وصفاته وتسمياته وأشكاله في الرسوم الصخرية، والثاني يسرد نشأة الجمل في الجزيرة العربية وتطوره، والثالث يعرض الجمل في الرسوم الصخرية في المملكة التي ترافقت مع الكتابات الثمودية واللحيانية، والمسند الجنوبي والنبطي، والتي توزعت من حدود اليمن الى الأردن شمالاً، خاصة في حائل وتيماء والفاو والعلا وكلوة ودرب البكرة والشويمس ومحيط كل هذه الأمكنة، وكذلك في الباحة ووادي الدواسر ووادي تثليث وجبال نجران ورنيه وأطراف الربع الخالي، أما الفصل الرابع فيستعرض الوسوم والرموز القبلية والمالكين، أما الفصل الخامس فيذكر النتائج التي تم الوصول إليها، والواقع الحالي لتطور المواصلات الحديثة مع بقاء الإبل رمزاً للمكانة ومصدرا للفخر والاعتزاز.